"نطلب من الله أخذ أرواحنا".. ما قصة مخيم "الجدعة 5" في العراق؟
يبدو أن العراق قد تراجع عن خططه لإغلاق مخيم للعراقيين النازحين داخليًا، والعديد منهم على صلة بتنظيم داعش، وذلك بعد أسبوع من ارتباك وغضب عائلات لم تتمكن من العودة إلى ديارها.
وقالت إيفان فائق جابرو، وزيرة الهجرة والتهجير العراقية، لوكالة "أسوشيتدبرس"، إن الأخبار المتعلقة بإغلاق المخيم المعروف باسم "الجدعة 5" شمال العراق "خاطئة" مؤكدة أنه سيبقى مفتوحًا في المستقبل المنظور.
ومع ذلك، فإن رسالة صادرة عن مديرية الوزارة في محافظة نينوى، موجهة إلى مناطقها الفرعية اطلعت عليها "أسوشييتد برس"، قالت إن "الإغلاق سيبدأ في 25 يناير" ما يشير إلى أن الحكومة الفيدرالية غيرت القرار في وقت لاحق، أو أن هناك سوء اتصال داخل مواقع الوزارة.
وتعكس الإشارات المختلطة معضلة العراق الحقيقية في حين يتسابق لإغلاق جميع المخيمات للنازحين بما يتماشى مع خططه لإحياء جهود إعادة الإعمار المتخلفة في كثير من الحالات دون توفير سكن بديل أو إدارة المصالحة مع العشائر المحلية بشكل صحيح.
وأثارت هذه الأخبار انتقادات من عائلات نازحين قالوا إنهم شعروا بأنهم مجبرون على حزم أمتعتهم والعودة إلى ديارهم المدمرة وغير الصالحة للسكنى.
وأُعيد بعضهم لاحقًا من قبل العشائر المنتقمة بسبب صِلاتهم المتصورة بتنظيم داعش.
تقول أم عبدالرحمن (37 عاماً)، وهي زوجة عنصر سابق في التنظيم "كنا نبكي، لم نتمكن من النوم في الليل"، موضحة أن عشيرتها في بلدة الحويجة ترفض عودة عائلتها، وأن المخيم "أكثر أمانًا من مسقط رأسها".
"إذا أجبرونا على العودة، سنبقى في الشارع" تضيف لوكالة "أسوشييتد برس".
من جهتها، قالت الوزيرة جابرو إن "العائلات كان أمامها خيار البقاء، أو إذا فشلت جهود المصالحة التي تقودها الحكومة، فسيتم توفير السكن في مكان آخر".
كما صرحت في مقابلة هاتفية "ما زال مجهولا حتى الآن متى سيغلق المخيم، وربما لن يغلق، لأن أولئك الذين يعيشون هناك ما زالوا يعانون من مشكلات مع العشائر، أو أن منازلهم دمرت بالكامل ... الوزارة ... لم تعلن أننا سنغلق المعسكر وفوجئنا أيضا عندما قرأنا الإعلان".
وكانت السلطات العراقية بدأت تسريع عملية إغلاق المخيمات أواخر العام الماضي في جميع أنحاء البلاد، قوبل بإدانة من جماعات الإغاثة الدولية التي انتقدت الخطة باعتبارها متسرعة، ونصب العديد من النازحين الخيام بجوار منازلهم المدمرة.
وتعتبر العائلات التي لها صلات مثبتة أو متصورة بتنظيم داعش من بين الأكثر ضعفاً والأكثر وصمة في المجتمع العراقي، ويبقون في المخيمات خوفاً من انتقام الميليشيات والعشائر في قراهم الأصلية.
كان من المتوقع أن يظل مخيم "الجدعة 5"، وهو المخيم الأخير المتبقي في نينوى، مفتوحًا لضم كل هذه الحالات المحددة للنازحين داخليًا، وكان إغلاقه سيؤثر عليهم بشكل غير متناسب.
ولم يتضح عدد الذين بقوا في المخيم الذي كان يأوي حتى منتصف يناير الماضي حوالي 8800 شخص.
وقالت أربع عائلات على الأقل قابلتها "أسوشييتد برس" هذا الأسبوع في المخيم، إن قوات الأمن العراقية طلبت منهم إخلاء المخيم، أولاً بحلول 31 ينايرثم لاحقًا، بحلول نهاية فبراير.
وبناء على ذلك، سارع النازحون إلى حزم خيامهم وتكديس أمتعتهم في شاحنات، وهم غير متأكدين إلى أين سيذهبون بعد ذلك.
خليل محمد، من منطقة الزاب في كركوك، عاد إلى دياره رغم تلقيه تهديدات تحذره من العودة، لكن جيرانه طردوه ودمروا منزله فيما بعد. وكان ابنه عضوا في داعش.
يقول محمد "حاولت منع ابني من الانضمام إلى داعش، لكنني لم أستطع".
وأعقبت الفوضى رسالة بتاريخ 21 يناير، وقعها رئيس دائرة نينوى بوزارة الهجرة، أمرت بإغلاق "الجدعة 5" ليبدأ يوم الاثنين 25 يناير.
وحصلت "أسوشيتدبرس" على نسخة من الرسالة، أكد اثنان من المسؤولين صحتها.
ومنذ توضيح الحكومة، خفت حدة الضغط لإخلاء المخيمات، لكن الفوضى سلطت الضوء على تحديات المصالحة الخطيرة المقبلة.
وقال أحمد خضير إن عشيرته المكونة من 120 فردًا لا يمكنها العودة إلى ديارها في تلعفر، لأن ثلاثة من أفراد الأسرة كانوا ينتمون إلى داعش.
وأضاف "لا يمكننا استئجار منازل، ليس لدينا المال. أحيانًا نطلب من الله أن يأخذ أرواحنا. نريد الانتحار لأننا لا نستطيع العيش في هذا البلد".