العراق

حسين: هذه علاقاتنا مع أمريكا وإيران والاتفاق النووي

11 فبراير 2021

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إنه يتوقع حدوث تغييرات في العلاقات بين إيران، جارة بلاده، والإدارة الأمريكية الجديدة موضحا أن أي تغيير من هذا القبيل يجب أن يوفر "رؤية واضحة" للجانبين.

وأوضح حسين، متحدثا لتلفزيون رويترز يوم الأربعاء 10 فبراير/ شباط، في أعقاب زيارته إلى طهران في الآونة الأخيرة، أنه بحث مع نظيره الإيراني الاتفاق النووي المُبرم في 2015 والذي قال إنه يرى أن أي تغيير فيه سيعتمد بشكل كبير على السياسات التي يضعها الجانبان، إيران وأمريكا، في سيرهما قدما إضافة إلى القوى الغربية المشاركة في الاتفاق.

وفيما يتعلق بالعلاقات العراقية الأمريكية قال حسين "إذن بالنسبة للقيادات العراقية، يكون سهل بالتواصل مع المسؤولين في واشنطن، والمسؤولون في واشنطن يفهمون الوضع العراقي بصورة أعمق من المسؤولين السابقين. فنتطلع أنه تكون هذه العلاقات جيدة علاقات طبيعية جيدة ولمصلحة البلدين وبناء علاقات في المجالات الاقتصادية، التعليمية، الطاقة، نحتاج إلى الدعم الأمريكي ودعم الدول الاخرى للعراق لبناء الاقتصاد. وأيضا إذا كانت هناك علاقات أمنية وعسكرية بين الطرفين، هذا سيكون ضمن إطار واضح واتفاق واضح ومحتمل نحتاج لمستشارين ومدربين أو التبادل في مجال المعلومات الاستخباراتية لمحاربة الارهابيين والدواعش".

وتحدث عن الوضع الأمني في العراق قائلا "تواجد الإرهابيين في الأراضي العراقية لا زال يشكل خطرا على الوضع الأمني ولكن مقارنة مع السابق، الوضع الأمني جيد جداً مقارنة مع سنوات 2015, 2016, 2017, 2014. وهناك فلول من القوات الإرهابية أو داعش في بعض الأماكن وخاصة في أطراف كركوك، في صلاح الدين، في صحراء الأنبار، في بعض الأماكن في محافظة نينوى، القوات العراقية والقوات الاستخبارية والمعلومات الاستخبارية تواجه هذه القوات ولكن عدم الاستقرار في سوريا وتواجد مجموعات عديدة من الإرهابيين في سوريا تؤثر على الوضع الأمني العراقي".

وفيما يتعلق بمحادثاته في طهران قال وزير الخارجية العراقي "جزء من النقاش كان له علاقة بالعلاقات الأمريكية الإيرانية. نناقش هذه المسألة لأن حالة التوتر بين واشنطن وطهران تؤثر إيجابياً وسلبياً، في هذه الحالة سلبياً، على الوضع السياسي العراقي. فلهذا يهمنا مناقشة العلاقات الأمريكية الإيرانية مع الإيرانيين أنفسهم ومع الأمريكان أيضاً".

وأضاف "هناك تغيير في واشنطن، الإدارة الجديدة تختلف عن الإدارة السابقة، فإذن نتوقع تغييرات في العلاقات. لكن بالنتيجة هذه التغيرات تتعلق بالسياسة الإيرانية تجاه واشنطن والسياسة الأمريكية تجاه إيران، وجزء من السياسة الإيرانية تجاه واشنطن وبالعكس تتعلق بالمشروع النووي والاتفاقية النووية. من المعلوم أن الأمريكان في عهد الرئيس ترامب انسحبوا من هذه الاتفاقية بما سبب مشاكل كبيرة بين الأمريكان والإيرانيين وبين مجموعة من الدول الغربية والإيرانيين".

وتابع حسين "سوف نرى كيف تتصرف هذه الدول جميعاً وإيران حول سياسة الإدارة الجديدة وكيف تطرح الإدارة الجديدة المسائل لحل هذه المشكلة. أعتقد الوقت مبكر بالنسبة للإدارة الجديدة لأن الإدارة الجديدة أيضا مهتمة بقضايا داخلية وتنظيمية في واشنطن والقضايا الأخرى، ولكن بالنتيجة يجب أن تكون الرؤية واضحة للجميع سواء في طهران أو واشنطن".

وجاءت تصريحات حسين بعد أيام فقط من قول المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي إن قرار طهران "النهائي الذي لا رجوع فيه" هو العودة إلى الامتثال للاتفاق فقط إذا رفعت واشنطن العقوبات عن الجمهورية الإسلامية.

لكن الرئيس الأمريكي جو بايدن قال في بيان منفصل إن الولايات المتحدة لن ترفع العقوبات لمجرد إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات.

وحول علاقات بلاده مع طهران قال الوزير العراقي "العلاقات العراقية الإيرانية، أولاً إيران دولة جارة ولدينا علاقات في المجال التجاري، المجال الاقتصادي، مجال الطاقة، الكهرباء، وهناك تاريخ بيننا، ثقافة بيننا، جغرافيا بيننا، هذه العلاقات كلها موجودة ولكن هناك أيضاً بعد نقاط الخلاف. وهذه نقاط الخلاف نحن نحاول الحديث حول طرحها بصراحة مع الجارة الإيرانيين وأعتقد العلاقات في المراحل القادمة ستصل إلى مستوى آخر، لأن ما نطرحه هو أن تكون العلاقات بين دولة ودولة".

وتابع حسين "لا يمكن للعراق أن يخضع لدولة أخرى حتى ولو كانت هذه الدولة صديقة جارة، العراق يجب أن يكون القرار بيد العراقيين ويُصاغ القرار في العراق ويُصنع القرار في العراق ويُتخذ في العراق".

وفيما يتعلق بتركيا قال فؤاد حسين "إحدى هذه المسائل لها علاقة بقضية المياه ومنبع المياه ومسألة السدود وحصة العراق من المياه. هذه المناقشات مستمرة مع الجانب التركي، وسوف يكون قريبا زيارة للسيد وزير الخارجية التركي إلى بغداد للاستمرار بهذه الحوارات حول قضايا مختلفة، سواء القضايا الحدودية أو الأمنية أو قضية الماء، بالإضافة إلى طبعاً التبادل التجاري، قضية الطاقة، العلاقات المختلفة".

وأضاف "تركيا أيضاً دولة جارة ونحتاج ونؤكد على بناء علاقات جيدة مع الجارة تركيا وسوف نستمر في الحوار مع تركيا حول مختلف المواضيع".

وفيما يخص الوضع السياسي الداخلي في العراق قال الوزير لرويترز "من الصعوبة أن تتحدث عن المستقبل السياسي ولكن نتائج الانتخابات سوف تقرر أي حزب، أي فئة، ستلعب دوراً أكبر في السياسة المستقبلية العراقية، فنترك هذا للمواطنين العراقيين فهم أصحاب الحق وهم أصحاب القرار".

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.