العراق

"أشبه بالسحر".. عراقيون يزورون آثار بابل لأول مرة

24 فبراير 2021

نقلا عن موقع الحرة

تعد أطلال بابل، التي كانت عاصمة إمبراطورية نبوخذ نصر في يوم ما، من بين العديد من المواقع الأثرية في العراق التي تشهد على بعض أقدم وأروع مدن العالم. 

وأدرجت أطلال بابل كموقع تراث عالمي لليونسكو في عام 2019، حيث يبعد حوالي ساعة ونصف بالسيارة جنوب العاصمة بغداد. 

وفقا لموقع "إن بي أر"، فإن عددا قليلا من السياح يزورون هذا الموقع التراثي حتى قبل جائحة فيروس كورونا المستجد التي أحدثت الفوضى في العالم.

في حين أن المنطقة الكردية الشمالية بالعراق هي التي تشتهر بالسياحة عادة، فإن مواقع مثل بابل في منطقة غير آمنة وفقيرة، يتم تجاهلها إلى حد كبير.

ومنذ إعادة افتتاحها عام 2009، كانت أعداد السياح الذين يزورون أطلال بابل متقلبة، ويقول مجلس السياحة المحلي إن أفضل عام بالنسبة للسياح العراقيين كان 2017، عندما سُجلت أكثر من 35 ألف زيارة للعراقيين لهذا الموقع الأثري.

هذا الشتاء، وهو موسم الذروة عادة بسبب الطقس البارد، أثر الوباء على أعداد الزوار، بعد أن جاء حوالى 10 آلاف شخص.

في العام الماضي، ظل الكثيرون بعيدين خوفا من أعمال العنف التي صاحبت المظاهرات في المدن المجاورة.

لكن بعض المستثمرين المحليين يؤمنون بالسياحة المحلية في أماكن مثل هذه والتي لم يتم زيارتها منذ فترة طويلة.

وتنطلق حاليا عدة جولات سياحية من بغداد إلى أهوار الجنوب ذات المناظر الخلابة والتي يقول بعض العلماء إنها ربما كانت حديقة عدن التوراتية، حيث يسبح الجاموس الأملس بين الأعشاب ويعيش الناس على الجزر. 

وتنمو السياحة هناك بشكل تدريجي، حيث تحسن الوضع الأمني وفتحت فنادق جديدة.

كذلك، يمكن للزوار أيضا مشاهدة إعادة بناء الزقورة، أحد أشهر وأقدم المعابد العراقية بمدينة أور، إذ افتتحت فنادق جديدة في الناصرية، التي تبعد عن أور 40 كيلومتر.

يقول عماد العطاوي، الذي أطلق مؤخرا فندقين هناك، إن "الناصرية لها مكانة خاصة في العراق"، مردفا: "لها طبيعة جميلة جدا. فتحنا الفنادق لأننا نعتقد أن الناصرية ستجذب الكثير من السياح في المستقبل".

لكن هذا الاستثمار لا يخلو من المخاطر، حيث تحولت المظاهرات المناهضة للحكومة في الناصرية إلى أعمال عنف مؤخرا.

ومع ذلك، يقول السائحون الذين يزورون بابل إنهم حريصون على رؤية المزيد من المواقع الأثرية في بلادهم.

تقول فرقان فؤاد (21 عاما) التي تزور أطلال بابل للمرة الأولى: "أتيت إلى هنا وأنا مهتمة جدا بالتاريخ؛ لأنني روائية".

وكانت فؤاد تحمل نسخة من روايتها (عشتار في أرض السلام) ذات الغلاف الأرجواني مثل سترتها وربطة شعرها. 

ويقول طبيب الأسنان عبد الله الخطيب: "عمري الآن 25 عاما، وأشعر أنه من المؤسف أنني لم آت إلى هنا من قبل، لأنني هذه الزيارة أشبه بالسحر حقا".

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.