العراق

جدل عراقي حول "رقصة السيوف" في استقبال البابا

رحمة حجة
06 مارس 2021

تصدرت صور وفيديوهات استقبال وجولة البابا فرنسيس، في بغداد، الجمعة، حديث العراقيين على مواقع فيسبوك وتويتر وإنستاغرام وأيضا "كلوب هاوس">

وكان ذلك، إما بعبارات الترحيب ورسائل الأمل والسلام مع زيارة البابا، والحديث عن المرجو ومن الزيارة وأثرها على الحضور العالمي للعراق، من جهة، ومن جهة أخرى، سخرية أو انتقادات طالت عدداً من الشخصيات العراقية التي ظهرت خلال الاستقبال الرسمي.

البابا في مهد الحضارة العريق والمذهل ... مع وصول البابا فرانسيس الى بغداد شفنة استقبال جميل جداً واستعراض للثقافات...

Posted by ‎Abrar Alani - ابرار العاني‎ on Friday, March 5, 2021

كما دارت نقاشات حول المبتغى من الزيارة وتحميلها ما يمكنها حمله أو عدم التعويل عليها كثيراً، وإذ كانت لها أهمية كبيرة جداً في نفوس الكثير من العراقيين، خصوصاً المسيحيين، ومجرد قدومه كبارقة أمل وسط الظروف الأمنية الصعبة التي تعيشها البلاد، رأى آخرون أن عليه أن يتخذ خطوات "جديّة" للمساعدة في "التغيير" داخل العراق.

وأمام هذه النقاشات، كان الرأي الوسط الذي يؤكد أن البابا فرنسيس "رجل دين وليس رجل سياسة. مهمته نشر السلام والمحبة" أكثر من توجيه اللوم والنقد للطبقة الحاكمة، بالإضافة للبحث في الرسائل التي سيحملها لقاؤه بالمرجع الشيعي الأعلى في العراق، الإيراني علي السيستاني.

ومن الأمور التي أحدثت جدلاً لافتاً في مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً تويتر، رقصة السيوف ضمن مراسم استقبال البابا.
 

"فلكلور عراقي" أو سعودي؟

في إطلالة عامة على جدل السيوف، نجد الكثير من العراقيين مستاءين، باعتبار رفع السيوف عملاً منافياً للسلم الذي ينادي به البابا وجاء من أجله، أو لأنها عادة و"ثقافة مستوردة" من السعودية ولا تمثل مكونات التراث العراقي، في إشارة إلى ارتباطها بالمال السياسي السعودي، علماً بأن الأمر لم يقتصر على عراقيين، حيث غرّد الإعلامي الجزائري يحيى أبو زكريا منتقداً أيضاً.

 

ماهذه السيوف في استقبال زيارة السلام ؟؟؟؟ هل شاركت السعودية في استقبال البابا فرنسيس ؟ من خلال هذه الرقصة ؟ الزي...

Posted by ‎عادل الدلفي‎ on Friday, March 5, 2021

وقد يكون السبب الذي أسهم في إثارة الجدل حول صور الاستقبال بالسيوف، هو الأسئلة الاستنكارية والانتقادات التي وجهتها شخصيات عراقية لها عشرات آلاف المتابعين في تويتر، مثل السياسي عزت الشابندر، الذي غرّد "هل يوجد بينكم من يدُلّني على رمزية استقبال السيوف لضيف (السلام) بدار (السلام)".

والإعلامي عامر الجبوري، الذي كتب أن السيوف ليست "غريبة تماما عن ثقافة" العراقيين "لكن خصوصية الضيف كان يجب أخذها بنظر الاعتبار، والانتباه إلى الدلالات الرمزية لبعض التفاصيل"، في ردّه على أحد التعليقات.

بالإضافة إلى  رجل الدين الشيعي، علي الطالقاني، الذي غرّد "الرجل يقول لهم:(جئتُ برسالة سلام). وهُم يستقبلوه بالسيـوف.!!!".

 

وتعليقاً على ما سبق، يقول الشيخ غيث التميمي، رئيس مشروع "المواطنة"،  لـ"ارفع صوتك"، إن الاعتراضات على رقصة السيوف "كشف حساسية عالية لدى شرائح واسعة في المجتمع العراقي من مظاهر العنف والقسوة، وذلك بسبب تدهور الوضع الأمني وانتشار السلاح خارج سلطة القانون والدولة، والانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها عراقيون في مدن عديدة".

وهذه الرقصة "تنتمي إلى فلكلور عراقي جميل تم تغييبه وينبغي التعاطي معه بأريحية وإيجابية" بالتالي لا داعي لتحميلها "ذاكرة الدم والإرهاب والصراع الطويل في العراق"، على حد تعبير التميمي.

وبما أن الحديث عن ارتباط الرقصة أو "إساءتها" كما عبّر البعض في مواقع التواصل، للمحافظات الغربية، كان لا بد من سؤال مواطنين من إحدى هذه المحافظات.

يقول الناشط المدني من محافظة الأنبار، سمير الفرج، إن "الرقص بالسيوف جزء من تراث المناطق الواقعة غرب العراق، لأن أغلب سكانها قبائل عربية ذات عادات وتقاليد مشابهة لعادات القبائل العربية في الدول المجاورة، وتُرفع السيوف تعبيراً عن الفرح والاعتزاز والترحيب بالضيوف، لا لإعلان الحرب أو العداء".

 

ويضيف لـ"ارفع صوتك": "لا أعتقد أن السيوف التي رفعت أثناء الرقص تختلف عن السيف الذي رفعه ضابط التشريفات عندما رحب بالبابا كبروتوكول ترحيب عسكري؛ فجميعها رفعت لغرض الترحيب. وهي مشابهة لسيوف الساموراي التقليدية في التراث الياباني أو التي تقلد الفرسان أوسمتهم في التراث الإنجليزي".

من الأنبار أيضا، المواطن أمجد الشجيري، الذي لا يتفق مع ظهور السيوف في استقبال البابا، لكنه لا ينفي علاقتها بثقافة المحافظات الغربية. 

ويوضح لـ"ارفع صوتك": "الأنبار بشكل عام محافظة عشائرية تسودها الأفكار القبلية، بالتالي فإن السيف ودلّة القهوة رمزان يمثلانها".

"وما حدث لا يسيء لنا" يؤكد الشجيري، مضيفاً "غالبية العرب يعشقون السلاح والسيف ويحسبونه رمزاً للقوة والأصالة، ولكن اليوم هو يوم مهم من الناحية التاريخية والاقتصادية والإعلامية، بالتالي قد ترسل السيوف صورة عكسية من ناحية السلام وتوحيد الشعوب والأديان".

رحمة حجة

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.