جدل عراقي حول "رقصة السيوف" في استقبال البابا
تصدرت صور وفيديوهات استقبال وجولة البابا فرنسيس، في بغداد، الجمعة، حديث العراقيين على مواقع فيسبوك وتويتر وإنستاغرام وأيضا "كلوب هاوس">
وكان ذلك، إما بعبارات الترحيب ورسائل الأمل والسلام مع زيارة البابا، والحديث عن المرجو ومن الزيارة وأثرها على الحضور العالمي للعراق، من جهة، ومن جهة أخرى، سخرية أو انتقادات طالت عدداً من الشخصيات العراقية التي ظهرت خلال الاستقبال الرسمي.
البابا في مهد الحضارة العريق والمذهل ... مع وصول البابا فرانسيس الى بغداد شفنة استقبال جميل جداً واستعراض للثقافات...
Posted by Abrar Alani - ابرار العاني on Friday, March 5, 2021
كما دارت نقاشات حول المبتغى من الزيارة وتحميلها ما يمكنها حمله أو عدم التعويل عليها كثيراً، وإذ كانت لها أهمية كبيرة جداً في نفوس الكثير من العراقيين، خصوصاً المسيحيين، ومجرد قدومه كبارقة أمل وسط الظروف الأمنية الصعبة التي تعيشها البلاد، رأى آخرون أن عليه أن يتخذ خطوات "جديّة" للمساعدة في "التغيير" داخل العراق.
وأمام هذه النقاشات، كان الرأي الوسط الذي يؤكد أن البابا فرنسيس "رجل دين وليس رجل سياسة. مهمته نشر السلام والمحبة" أكثر من توجيه اللوم والنقد للطبقة الحاكمة، بالإضافة للبحث في الرسائل التي سيحملها لقاؤه بالمرجع الشيعي الأعلى في العراق، الإيراني علي السيستاني.
ومن الأمور التي أحدثت جدلاً لافتاً في مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً تويتر، رقصة السيوف ضمن مراسم استقبال البابا.
"فلكلور عراقي" أو سعودي؟
في إطلالة عامة على جدل السيوف، نجد الكثير من العراقيين مستاءين، باعتبار رفع السيوف عملاً منافياً للسلم الذي ينادي به البابا وجاء من أجله، أو لأنها عادة و"ثقافة مستوردة" من السعودية ولا تمثل مكونات التراث العراقي، في إشارة إلى ارتباطها بالمال السياسي السعودي، علماً بأن الأمر لم يقتصر على عراقيين، حيث غرّد الإعلامي الجزائري يحيى أبو زكريا منتقداً أيضاً.
أنا دارس لبروتوكولات الدول العربية في إستقبال كبار الزائرين للدول العربية , و لكل دولة بروتوكولها الخاص , و هذا البرتوكول العراقي الجديد في إستقبال البابا فرنسيس غريب على إتيكيت الدولة العراقية , إذا يوجد تجديد في البروتوكول العراقي أرجو إطلاعي عليه , هذا البروتوكول سعودي تقريبا pic.twitter.com/xmOOts4eWi
— يحيى أبو زكريا (@YAbouzakaria) March 5, 2021
ماهذه السيوف في استقبال زيارة السلام ؟؟؟؟ هل شاركت السعودية في استقبال البابا فرنسيس ؟ من خلال هذه الرقصة ؟ الزي...
Posted by عادل الدلفي on Friday, March 5, 2021
وقد يكون السبب الذي أسهم في إثارة الجدل حول صور الاستقبال بالسيوف، هو الأسئلة الاستنكارية والانتقادات التي وجهتها شخصيات عراقية لها عشرات آلاف المتابعين في تويتر، مثل السياسي عزت الشابندر، الذي غرّد "هل يوجد بينكم من يدُلّني على رمزية استقبال السيوف لضيف (السلام) بدار (السلام)".
هل يوجد بينكم من يدُلّني على رمزية استقبال السيوف لضيف ( السلام ) بدار ( السلام ) pic.twitter.com/8CBys4jhg9
— عزت الشابندر (@IAlshabandar) March 5, 2021
والإعلامي عامر الجبوري، الذي كتب أن السيوف ليست "غريبة تماما عن ثقافة" العراقيين "لكن خصوصية الضيف كان يجب أخذها بنظر الاعتبار، والانتباه إلى الدلالات الرمزية لبعض التفاصيل"، في ردّه على أحد التعليقات.
إستقبال بالسيوف بدلا من الورود ؟!#البابا_في_العراق pic.twitter.com/rMhD7PGSJH
— Amer Ibrahim عامر إبراهيم (@amiraljubori) March 5, 2021
بالإضافة إلى رجل الدين الشيعي، علي الطالقاني، الذي غرّد "الرجل يقول لهم:(جئتُ برسالة سلام). وهُم يستقبلوه بالسيـوف.!!!".
الرجل يقول لهم:(جئتُ برسالة سلام).
— علي الطالقاني Ali AlTolqanee (@ali_altoIqanee) March 5, 2021
وهُم يستقبلوه بالسيـوف.!!!
لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم.
ألا يوجد في تراثنا الحضاري مايتناسب مع حال الزائر.؟
اين الذوق.؟
علي الطالقاني pic.twitter.com/b8s8mLkZCA
وتعليقاً على ما سبق، يقول الشيخ غيث التميمي، رئيس مشروع "المواطنة"، لـ"ارفع صوتك"، إن الاعتراضات على رقصة السيوف "كشف حساسية عالية لدى شرائح واسعة في المجتمع العراقي من مظاهر العنف والقسوة، وذلك بسبب تدهور الوضع الأمني وانتشار السلاح خارج سلطة القانون والدولة، والانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها عراقيون في مدن عديدة".
وهذه الرقصة "تنتمي إلى فلكلور عراقي جميل تم تغييبه وينبغي التعاطي معه بأريحية وإيجابية" بالتالي لا داعي لتحميلها "ذاكرة الدم والإرهاب والصراع الطويل في العراق"، على حد تعبير التميمي.
وبما أن الحديث عن ارتباط الرقصة أو "إساءتها" كما عبّر البعض في مواقع التواصل، للمحافظات الغربية، كان لا بد من سؤال مواطنين من إحدى هذه المحافظات.
يقول الناشط المدني من محافظة الأنبار، سمير الفرج، إن "الرقص بالسيوف جزء من تراث المناطق الواقعة غرب العراق، لأن أغلب سكانها قبائل عربية ذات عادات وتقاليد مشابهة لعادات القبائل العربية في الدول المجاورة، وتُرفع السيوف تعبيراً عن الفرح والاعتزاز والترحيب بالضيوف، لا لإعلان الحرب أو العداء".
ويضيف لـ"ارفع صوتك": "لا أعتقد أن السيوف التي رفعت أثناء الرقص تختلف عن السيف الذي رفعه ضابط التشريفات عندما رحب بالبابا كبروتوكول ترحيب عسكري؛ فجميعها رفعت لغرض الترحيب. وهي مشابهة لسيوف الساموراي التقليدية في التراث الياباني أو التي تقلد الفرسان أوسمتهم في التراث الإنجليزي".
من الأنبار أيضا، المواطن أمجد الشجيري، الذي لا يتفق مع ظهور السيوف في استقبال البابا، لكنه لا ينفي علاقتها بثقافة المحافظات الغربية.
ويوضح لـ"ارفع صوتك": "الأنبار بشكل عام محافظة عشائرية تسودها الأفكار القبلية، بالتالي فإن السيف ودلّة القهوة رمزان يمثلانها".
"وما حدث لا يسيء لنا" يؤكد الشجيري، مضيفاً "غالبية العرب يعشقون السلاح والسيف ويحسبونه رمزاً للقوة والأصالة، ولكن اليوم هو يوم مهم من الناحية التاريخية والاقتصادية والإعلامية، بالتالي قد ترسل السيوف صورة عكسية من ناحية السلام وتوحيد الشعوب والأديان".