العراق

قانون العقوبات العراقي وتأثير غياب الجرائم الإلكترونية

02 أبريل 2021

طالب نشطاء حقوقيون مجدداً، بإجراء تعديل على المواد الخاصة بقضايا النشر في قانون العقوبات العراقي النافذ عام 1969، بما يوائم التطور التكنولوجي الحالي.

يقول المحامي عادل حميد لـ "ارفع صوتك" إن "ما ورد بشأن جرائم السب والقذف والتشهير في قانون العقوبات لا يتماشى مع التطور التكنولوجي والمعلوماتي".

ويضيف أن "ارتكاب الجريمة عبر الإنترنت يثير مشكلات قانونية تتعلق بتحديد الاختصاص القضائي والقانون الواجب تطبيقه وكذلك صعوبة تحديد المسؤول عن ارتكاب الجريمة".

ولا تقتصر المشكلات على ذلك فحسب، بل يمكن لأي مرتكب جريمة عبر شبكات الإنترنت إخفاء شخصيته مثل رسائل البريد المجهول أو استخدام خدمة إخفاء الرقم أو إبدال الرقم لمتصلي أجهزة الهواتف النقالة، حسب المحامي حميد.

ويؤكد أن "ضحايا جرائم الإنترنت يواجهون عادة أسئلة عن الجاني، تثير العجز عن إمكانية معاقبته أو الوصول إليه".

"مثلاً من يجزم أن هذا الحساب يعود بالفعل للشخص المتهم بارتكاب الجريمة!؟ خاصة أن هناك نسبة كبيرة من مشتركي مواقع التواصل الاجتماعي لديهم أسماء وهمية. وإذا لم يكن باسم وهمي، كيف نضمن أنه لم يُخترق ويسرق حساب غيره؟" يوضح حميد.

 

قانون العقوبات العراقي

وجرم المشرع العراقي التشهير أو القذف في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 في مواده (433) و(434) و(438) و(363)، وحدد عقوبتها بالحبس من مدة سنة إلى خمس سنوات كحد أقصى للعقوبة.

وعرفت المادة (433) القذف بأنه "إسناد واقعة معينة إلى الغير بإحدى طرق العلانية من شأنها لو صحت أن توجب عقاب من أسندت إليه أو احتقاره عند أهل وطنه".

وقد عرفت المادة (434) من قانون العقوبات السب، بأنه "رمي الغير بما يخدش شرفه أو اعتباره أو يجرح شعوره وإن لم يتضمن ذلك إسناد واقعة معينة".

وكانت قاضية محكمة جنح الرصافة هند عبد الرزاق أحمد، قالت إن عدد الدعاوى المتعلقة بالجرائم الإلكترونية، التي تصلهم يومياً، تتراوح بين (10-15). 

وأضافت أن "هناك حاجة ملحة لتعديل المواد الخاصة بدعاوى القذف والتشهير، لأن قانون العقوبات عام 1969 يشمل المطبوعات كالصحف، ولم يشمل الإنترنت ومواقع التواصل". 

وتابعت القاضية أحمد قولها، إن "القضايا الخاصة بدعاوى التشهير عادة ما تحال إلى خبراء قضائيين متخصصين في هذا المجال؛ لبيان فيما إذا كان ما أسند للمتهم يشكل قذفا وتشهيراً من عدمه، ويكون الرأي الذي يقدمه الخبير في الغالب موضع نظر وربما تستند إليه محكمة الموضوع كأساس للإدانة والحكم". 

 

ذريعة "غسل العار"

في نفس السياق، ترى الخبيرة في علم النفس الاجتماعي الدكتورة صبيحة الصالحي، أن خطورة جرائم السب والقذف عبر الإنترنت "مخيفة ولا يتمكن الضحايا من إخفاء تبعاتها أو التخلص منها اجتماعياً، خاصة النساء والفتيات".

وتقول لـ "ارفع صوتك" إن "سرعة انتشار الخبر المسيء عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في شبكة الإنترنت لا يمكن السيطرة عليه أبداً حتى وإن تمت المقاضاة القانونية".

وتعتقد الصالحي أن "مشكلة جرائم السب والقذف عبر الإنترنت في مجتمعنا بالأساس تتعلق في عدم قدرة أفراده على استيعابها، فالتشهير يستمر ويتم تصديقه وإن كانت المزاعم باطلة".

أما الأمر "الأكثر خطورة" وفق تعبير الصالحي، فهو عندما تكون الضحية امرأة متهمة بإقامة علاقة جنسية، تقول "غالباً ما يشكك الجميع في مصداقية المرأة حتى وإن رفعت دعوى قضائية ونالت حقها في معاقبة الجاني، ستبقى بنظر المجتمع مدانة".

وتبيّن أن النساء "قد يتعرضن لمحاكمات اجتماعية تؤدي إلى تعذيبهن وقتلهن تحت ذريعة غسل العار، كما يحدث دائما عندما يتم فضح امرأة أو فتاة فيسارع أهلها وعشيرتها بقتلها دون التأكد من براءتها".

وتختم الصالحي حديثها بالقول "على المشرع العراقي في هذا الإطار إضافة الإنترنيت في قانون العقوبات العراقي ونص المواد الخاصة به، كما يجب التشديد عليها. لأن الإنترنت أوسع انتشارا من سائر وسائل النشر الأخرى، والإساءة للأشخاص من خلاله لها تأثيرات بالغة الضرر ولا يمكن تجاوزها بسهولة في المجتمع العراقي".

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.