صورة لمريم أثناء انتظارها التاكسي، ملتقطة من تسجيل كاميرا مراقبة
صورة لمريم أثناء انتظارها التاكسي، ملتقطة من تسجيل كاميرا مراقبة

هزت جريمة قتل المعلمة العراقية مريم ماجد يوسف (25 عاماً)، ورمي جثتها في النهر، صفحات التواصل الاجتماعي العراقية.

ووقعت الجريمة، أمس الخميس، في قضاء السدير، بمحافظة الديوانية وسط العراق.

بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية العراقية، خالد المحنا، اليوم الجمعة، إنه "وبعد أقل من ثلاث ساعات على حصول الجريمة، تم القبض على المتهم الذي يبلغ من العمر 33 سنة، واعترف أثناء التحقيق بأن المجني عليها كانت طلبت منه إيصالها إلى منزلها بعد أن كانت متوقفة على الطريق العام أثناء عودتها من عملها لحظة مرور العجلة التي كانت يستقلها المتهم نوع (جيلي صيني)".

وأوضح أن "المجرم اعترف بقيامه بقتل المجني عليها بعد تعرضه لها بالضرب من ثم خنقها بيديه ورميها بأحد الأنهر القريبة في منطقة السدير".

وأضاف المحنا "تم تصديق أقواله قضائياً وإجراء كشف الدلالة على محل الحادث من أجل إحالته إلى المحكمة المختصة حتى ينال جزاءه العادل".

وأكدت وزارة الداخلية، أن قوة أمنية مشتركة من مكتب مكافحة الإجرام في الحمزة الشرقي بالتعاون مع مركز شرطة السدير، تمكنت من إلقاء القبض على المتهم. 

تفاصيل الجريمة

وأثارت الجريمة موجة غضب عارمة في صفحات العراقيين خصوصاً على مواقع التواصل، وحزناً على الضحية مريم يوسف (أم فاطمة)، التي كانت حامل ولديها طفلان.

وعبر هاشتاغ #نطالب_بحق_الشهيدة_مريم_ماجد و #شهيدة_الشرف، حاول العراقيون إثارة الرأي العام من أجل إحقاق العدالة.

كما عبروا عن موقفهم تجاه مديريات وزارة التربية بالبلاد وطالبوا بإعادة النظر في التوزيع الجغرافي لدوام المعلمات وحسب مناطق السكن.

وتم تداول مقطع لفيديو تظهر فيه المعلمة وهي تركب سيارة المتهم، بعد انتهاء الدوام، بغية الوصول إلى منزلها، إلاّ انه حاول اغتصابها، وعند مقاومتها له، قام بضربها وخنقها، قبل أن يذهب للشرطة للإبلاغ عن وجود الجثة قرب أحد الأنهر للتمويه عن فعلته. 

لكن مقطع فيديو لكاميرا إحدى المحال التجارية القريبة صور تفاصيل الحادثة من بداية شارع المدرسة.

 

 

وزارة التربية

في المقابل، طالبت نقابة المعلمين- فرع الديوانية، الجهات المعنية بمحاسبة المتسبب بقتل المعلمة مريم يوسف.

وأدانت في بيانها الجريمة التي ارتُكبت في حق المعلمّة بمدرسة "الفتوى الجهادية الابتدائية"، مطالبة الجهات المعنية باتخاذ "أقصى العقوبات بحق الجاني".

#تعزية بأشد عبارات الشجب والتنديد تستنكر نقابة المعلمين / فرع الديوانية الجريمة البشعة التي ارتكبت بحق المرحومة مريم...

Posted by ‎نقابة المعلمين فرع الديوانيه‎ on Thursday, April 22, 2021

 

كما بعث وزير التربية علي حميد الدليمي، برقية تعزية في وفاة المعلمة مدرسة الفتوى الجهادية الابتدائية التابعة لتربية الديوانية، ووصفها بـ"الشهيدة"، قائلاً إن الخبر "آلمنا جميعاً".

في نفس السياق، حذر  عامر المسرهد، وهو شيخ أحد العشائر في الديوانية، من أية وساطة لقاتل المعلمة مريم، التي وصفها بـ"شهيدة الشرف". 

واعتبر كل وساطة عشائرية أو تدخل، كنوع من "الشراكة في الجريمة"، قائلاً "كفى تشويهاً لسمعة العشيرة العراقية".

وطالب المسرهد بنصب تذكاري أو تسمية مدرستها باسمها "استذكاراً لقصتها وتخليداً لموقفها البطولي الذي دفعت ثمنه حياتها".

احد شيوخ العشائر في محافظة الديوانية يحذر من اي وساطة للمجرم الذي قتل المعلمة الشهيدة مريم ماجد الخفاجي "شهيدة الشرف"...

Posted by ‎An-عراق‎ on Thursday, April 22, 2021

 

"قوانين لا تُنفذ"

تعليقاً على الجريمة، تقول الناشطة الحقوقية نادية عبد لـ "ارفع صوتك"، إن "جرائم خطف النساء أو الاعتداء عليهن عبر اغتصابهن وقتلهن مستمرة في البلاد، لأن الحكومة لا تنفذ القوانين التي تحمي من خلالها النساء". 

وتضيف بسخرية أنها "لا تسمع بعد كل جريمة قتل لامرأة سوى تلك العبارة المشهورة لوزارة الداخلية والجهات الأمنية عن تصديق أقوال المتهم قضائياً وإجراء كشف الدلالة على محل الحادث من أجل إحالته إلى المحكمة المختصة حتى ينال جزاءه العادل".

وتؤكد عبد أن جرائم العنف الجنسي ضد النساء "لا تتوقف لأن القوانين شبه معطلة، ولأن المحسوبية والرشاوى والفساد الإداري والمالي المستشري هي المسيطر في البلاد". 

وتبيّن أنها عادة ما تتبع سير إجراءات القضايا بملفات قتل النساء، والنتيجة أن بعضها "يُغلق وتتم تبرئة عبر تشويه سمعة الضحية الأخلاقية" وبعضها الآخر "يأخذ وقتاً طويلاً في الوصول إلى الحكم على المتهم بسبب الفساد المالي والإداري". 

وتشير عبد إلى أن الإعلان عن هذه الجريمة ربما حدث بالصدفة بسبب مقطع الفيديو الذي تداوله رواد منصات التواصل الاجتماعي، لأن العديد من جرائم اختطاف النساء وقتلهن لا يتم الإعلان عنها أو حتى التبليغ عليها خشية إلحاق العار بعشيرتها.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.