لقطة من البرنامج من إحدى الجلقات المنشورة في موقع يوتيوب
لقطة من البرنامج من إحدى الجلقات المنشورة في موقع يوتيوب

أعلنت هيئة الإعلام والاتصالات إيقاف عرض برنامج "طلقة توني" الذي يعرض في شهر رمضان الجاري على قناة "زاكروس" الفضائية العراقية.

ويقوم البرنامج على استضافة أحد المشاهير والاتفاق معه على مساعدة عائلة مشرّدة، وأثناء لقاء الضيف بالعائلة، يظهر أحد الأشخاص وهو مطاردٌ من قبل آخر مسلح، ثم تحدث مجادلة كلامية بين مقدم البرنامج والمسلح، وهما ممثلان بالطبع، فيطلق الأخير عيارة نارية "صوتية" باتجاه مقدم البرنامج، يقع مقدم البرنامج على الأرض وعلى صدره بقعة حمراء تمثل إصابة مزيفة. 

خلال وقت البرنامج، يعيش الضيف حالة من الهلع، ويحاول إنقاذ المصاب، فتأتي سيارة إسعاف تحمل المصاب والضيف معاً، يُنقلان إلى منطقة أخرى، يُفتح باب الإسعاف، فيفاجأ مقدم البرنامج ضيفه بأنه بخير والإصابة مزيفة، وأن كل الخوف والإهانة التي تعرض لها كانت مقلباً.

وعزت هيئة الإعلام والاتصالات قرارها إلى مخالفة البرنامج لائحة قواعد البث الإعلامي الملزمة لوسائل الإعلام التقيد ببنودها.

وذكرت في بيان أصدرته عن تضمن البرنامج لمشاهد تنطوي على مخالفات واضحة لبنود اللائحة وهي كما يأتي:

1-(الباب الثاني/المادة 1): منع التحريض على العنف والكراهية

(ثانياً /1/ب) "عدم بث أو إعادة بث مواد تروج لأي شكل من أشكال الإرهاب، أو لأي جماعة تمارس، أو تشجع، على ممارسة العمليات الإرهابية، أو النشاطات الإجرامية، أو تحرض على الاعتداء على الممتلكات العامة أو الخاصة".

(ثانياً /1/هـ) "عدم بث مواد تمجد الجرائم على جميع اشكالها وصورها أو تعرضها بطريقة قد تغري أو تشجع على إعادة ارتكابها، أو تنطوي على اضفاء صفة البطولة للجريمة ومرتكبيها، أو تبرير دوافعها وبأي شكل من الأشكال".

(ثانياً /1/ف) "تتجنب القنوات بث مقاطع مصورة من عمليات الاختطاف أو احتجاز الرهائن، لأن مثل هذه التغطية تعد تشجيعاً لنشاطات تلك الجماعة وتشجيعاً لخطف المزيد من الأفراد، إضافة لما قد يسببه عرض هذه المشاهد من جرح لمشاعر ذوي الضحايا.

لذا تقع على القنوات مسؤولية معالجة المادة صورياً بإخفاء وجوه الرهائن وتناول مقاطع معينة ضمن تقرير أو ضمن النشرة الإخبارية مع اختصار أو اعادة صياغة أي رسالة صوتية، كما تتجنب وسائل الإعلام بث البيانات والتصريحات السياسية التي تستثير العواطف وتحرض أو تؤدي إلى العنف وإرباك الوضع الأمني والسياسي.

2- (الباب الثاني/المادة 2): اللياقة والآداب والذوق العام

تلتزم الجهات الإعلامية المرخصة بمعايير اللياقة والآداب والذوق العام في مضمون برامجهم وأوقات بثها مع الحرص بصفة خاصة على حماية الأطفال والقاصرين من مشاهد العنف والمواد الموجهة للبالغين.

(ثانيا /2/هـ) "تلتزم الجهات الإعلامية المرخصة باحترام جميع فئات المجتمع وأذواقها المختلفة من خلال تحذير الجمهور قبيل بث برامج قد تحتوي على مشاهد عنف أو إيحاءات أو مشاهد حميمة أو أي محتوى قد يعد غير مقبول من بعض فئات المجتمع.

لذا يجب وضع تحذير استباقي قبل بث مثل هذه المواد، إما عن طريق المقدم أو وضع إشارة مكتوبة قبل بث البرنامج، كما تراعي وقت بثها".

وشددت هيئة الإعلام والاتصالات على "ضرورة التزام وسائل الإعلام كافة بلائحة قواعد البث الإعلامي بما لا يتعارض مع العادات والتقاليد وتقديراً لحرمة هذا الشهر الفضيل، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنها تحرص على "نشر القيم الانسانية وبث روح التسامح والتلاحم الاجتماعي في وطننا"، حسب البيان.

هيئة الاعلام والاتصالات تقرر ايقاف برنامجي ( طلقة توني وطنب رسلان)

Posted by ‎هيئة الاعلام والاتصالات‎ on Monday, May 3, 2021

 

استعادة "مشاهد القتل"

منذ بداية شهر رمضان، وبرنامج "طلقة توني" يثير جدلاً واسعاً بين العراقيين. إذ تعيد مشاهد البرنامج لأذهان الكثيرين العمليات الإرهابية.

ويقول حسام علي (27 عاماً) لـ "ارفع صوتك" إن "فكرة البرنامج تعيد إلى ذاكرة العراقيين مشاهد القتل والتفجيرات الإرهابية". 

ويضيف علي الذي يعمل سائق سيارة أجرة: "نحن كمشاهدين للتلفاز بحاجة لبرامج تعمل على تنظيف ذاكرتنا من تلك المشاهد، لا أن تعيد ترسيخ مشاعر الصدمة والألم".

ويشير إلى أن أكثر ما يدفعه للشعور بالاستياء من فكرة البرنامج هو أنه يرى فيه "محاولة لتجاوز معاناة الذين تعرضوا لحوادث إرهابية".  

 

 

إشاعة الحب والأمل

بينما يذهب البعض الآخر، ومنهم وسام شهاب (21 عاماً) إلى حد اعتبار أن مثل هذه البرامج "وسيلة لزعزعة ثقة الناس في إمكانية دعمهم لبعضه البعض". 

ويقول لـ "ارفع صوتك" إن "البرنامج لا يقدم حلولاً لقضية اجتماعية يعاني منها غالبية الشعب العراقي، بل هو يطرح هذه القضية بطريقة ساخرة فقط كي يُضحك المشاهد". 

ويضيف شهاب وهو طالب في مرحلة الدراسة الجامعية، أنه "بدلا من إعادة بث وتصوير تلك المشاهد الصادمة عن وجود الإرهاب والإرهابيين لإضحاك الجماهير، الأولى أن تعمل البرامج العراقية وتحديداً الفكاهية منها على تكريس ثقافة الحب والتعاون بين أفراد الشعب".

من جهتها، تستغرب المحامية سهاد نعمة من تصور صناع هكذا برامج بإمكانية أن يضحك المشاهد ويشعر بالراحة عند متابعتها، وخاصة تلك تُظهر "الإرهاب" كأنه مزحة أو فكاهة.

وتقول "ارفع صوتك"، إن "العنف يعشعش في مفاصل حياة كل عراقي، ومها حاول الابتعاد عنه فلن يتمكن بسهولة. فحتى برامج التلفاز تروج لذلك العنف ولكن بطريقة تبدو غير ظاهرة".   

وتختم نعمة بالقول "نحن بحاجة لبرامج تحترم مأساتنا وتقدس جروحنا عبر  إشاعة الأمل بعيداً عن تلك التي تشكل فسحة لشرعنة التطرف والترهيب والعنف". 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.