أعلنت هيئة الإعلام والاتصالات إيقاف عرض برنامج "طلقة توني" الذي يعرض في شهر رمضان الجاري على قناة "زاكروس" الفضائية العراقية.
ويقوم البرنامج على استضافة أحد المشاهير والاتفاق معه على مساعدة عائلة مشرّدة، وأثناء لقاء الضيف بالعائلة، يظهر أحد الأشخاص وهو مطاردٌ من قبل آخر مسلح، ثم تحدث مجادلة كلامية بين مقدم البرنامج والمسلح، وهما ممثلان بالطبع، فيطلق الأخير عيارة نارية "صوتية" باتجاه مقدم البرنامج، يقع مقدم البرنامج على الأرض وعلى صدره بقعة حمراء تمثل إصابة مزيفة.
خلال وقت البرنامج، يعيش الضيف حالة من الهلع، ويحاول إنقاذ المصاب، فتأتي سيارة إسعاف تحمل المصاب والضيف معاً، يُنقلان إلى منطقة أخرى، يُفتح باب الإسعاف، فيفاجأ مقدم البرنامج ضيفه بأنه بخير والإصابة مزيفة، وأن كل الخوف والإهانة التي تعرض لها كانت مقلباً.
وعزت هيئة الإعلام والاتصالات قرارها إلى مخالفة البرنامج لائحة قواعد البث الإعلامي الملزمة لوسائل الإعلام التقيد ببنودها.
وذكرت في بيان أصدرته عن تضمن البرنامج لمشاهد تنطوي على مخالفات واضحة لبنود اللائحة وهي كما يأتي:
1-(الباب الثاني/المادة 1): منع التحريض على العنف والكراهية
(ثانياً /1/ب) "عدم بث أو إعادة بث مواد تروج لأي شكل من أشكال الإرهاب، أو لأي جماعة تمارس، أو تشجع، على ممارسة العمليات الإرهابية، أو النشاطات الإجرامية، أو تحرض على الاعتداء على الممتلكات العامة أو الخاصة".
(ثانياً /1/هـ) "عدم بث مواد تمجد الجرائم على جميع اشكالها وصورها أو تعرضها بطريقة قد تغري أو تشجع على إعادة ارتكابها، أو تنطوي على اضفاء صفة البطولة للجريمة ومرتكبيها، أو تبرير دوافعها وبأي شكل من الأشكال".
(ثانياً /1/ف) "تتجنب القنوات بث مقاطع مصورة من عمليات الاختطاف أو احتجاز الرهائن، لأن مثل هذه التغطية تعد تشجيعاً لنشاطات تلك الجماعة وتشجيعاً لخطف المزيد من الأفراد، إضافة لما قد يسببه عرض هذه المشاهد من جرح لمشاعر ذوي الضحايا.
لذا تقع على القنوات مسؤولية معالجة المادة صورياً بإخفاء وجوه الرهائن وتناول مقاطع معينة ضمن تقرير أو ضمن النشرة الإخبارية مع اختصار أو اعادة صياغة أي رسالة صوتية، كما تتجنب وسائل الإعلام بث البيانات والتصريحات السياسية التي تستثير العواطف وتحرض أو تؤدي إلى العنف وإرباك الوضع الأمني والسياسي.
2- (الباب الثاني/المادة 2): اللياقة والآداب والذوق العام
تلتزم الجهات الإعلامية المرخصة بمعايير اللياقة والآداب والذوق العام في مضمون برامجهم وأوقات بثها مع الحرص بصفة خاصة على حماية الأطفال والقاصرين من مشاهد العنف والمواد الموجهة للبالغين.
(ثانيا /2/هـ) "تلتزم الجهات الإعلامية المرخصة باحترام جميع فئات المجتمع وأذواقها المختلفة من خلال تحذير الجمهور قبيل بث برامج قد تحتوي على مشاهد عنف أو إيحاءات أو مشاهد حميمة أو أي محتوى قد يعد غير مقبول من بعض فئات المجتمع.
لذا يجب وضع تحذير استباقي قبل بث مثل هذه المواد، إما عن طريق المقدم أو وضع إشارة مكتوبة قبل بث البرنامج، كما تراعي وقت بثها".
وشددت هيئة الإعلام والاتصالات على "ضرورة التزام وسائل الإعلام كافة بلائحة قواعد البث الإعلامي بما لا يتعارض مع العادات والتقاليد وتقديراً لحرمة هذا الشهر الفضيل، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنها تحرص على "نشر القيم الانسانية وبث روح التسامح والتلاحم الاجتماعي في وطننا"، حسب البيان.
هيئة الاعلام والاتصالات تقرر ايقاف برنامجي ( طلقة توني وطنب رسلان)
Posted by هيئة الاعلام والاتصالات on Monday, May 3, 2021
استعادة "مشاهد القتل"
منذ بداية شهر رمضان، وبرنامج "طلقة توني" يثير جدلاً واسعاً بين العراقيين. إذ تعيد مشاهد البرنامج لأذهان الكثيرين العمليات الإرهابية.
ويقول حسام علي (27 عاماً) لـ "ارفع صوتك" إن "فكرة البرنامج تعيد إلى ذاكرة العراقيين مشاهد القتل والتفجيرات الإرهابية".
ويضيف علي الذي يعمل سائق سيارة أجرة: "نحن كمشاهدين للتلفاز بحاجة لبرامج تعمل على تنظيف ذاكرتنا من تلك المشاهد، لا أن تعيد ترسيخ مشاعر الصدمة والألم".
ويشير إلى أن أكثر ما يدفعه للشعور بالاستياء من فكرة البرنامج هو أنه يرى فيه "محاولة لتجاوز معاناة الذين تعرضوا لحوادث إرهابية".
هيئة الإعلام والاتصالات تقرر إيقاف برنامجي "طلقة توني" و"طنب رسلان" لمخالفتهما لوائح البث الإعلامي
— سَجَد الجبوري (@sjd_aljubori) May 3, 2021
وكالة بغداد اليوم
إشاعة الحب والأمل
بينما يذهب البعض الآخر، ومنهم وسام شهاب (21 عاماً) إلى حد اعتبار أن مثل هذه البرامج "وسيلة لزعزعة ثقة الناس في إمكانية دعمهم لبعضه البعض".
ويقول لـ "ارفع صوتك" إن "البرنامج لا يقدم حلولاً لقضية اجتماعية يعاني منها غالبية الشعب العراقي، بل هو يطرح هذه القضية بطريقة ساخرة فقط كي يُضحك المشاهد".
ويضيف شهاب وهو طالب في مرحلة الدراسة الجامعية، أنه "بدلا من إعادة بث وتصوير تلك المشاهد الصادمة عن وجود الإرهاب والإرهابيين لإضحاك الجماهير، الأولى أن تعمل البرامج العراقية وتحديداً الفكاهية منها على تكريس ثقافة الحب والتعاون بين أفراد الشعب".
من جهتها، تستغرب المحامية سهاد نعمة من تصور صناع هكذا برامج بإمكانية أن يضحك المشاهد ويشعر بالراحة عند متابعتها، وخاصة تلك تُظهر "الإرهاب" كأنه مزحة أو فكاهة.
وتقول "ارفع صوتك"، إن "العنف يعشعش في مفاصل حياة كل عراقي، ومها حاول الابتعاد عنه فلن يتمكن بسهولة. فحتى برامج التلفاز تروج لذلك العنف ولكن بطريقة تبدو غير ظاهرة".
وتختم نعمة بالقول "نحن بحاجة لبرامج تحترم مأساتنا وتقدس جروحنا عبر إشاعة الأمل بعيداً عن تلك التي تشكل فسحة لشرعنة التطرف والترهيب والعنف".