خاص- ارفع صوتك
"لم أعد اطيق هذه المدينة.. النساء هنا تقتل لأنها ترفض الزواج أو لأنها تريد أن تتزوج، فتيات وأطفال ضحايا مساكين لجرائم ترتكب باسم العرف والتقاليد"، تقول جنان الجنابي من النجف جنوب غرب العاصمة العراقية بغداد.
وفي محافظة النجف، قتلت فتاة تبلغ من العمر 17 عاماً، على يد أبناء عمومتها بسبب "النهوة العشائرية".
مقتل فتاة في العقد الثاني من العمر اثر نشوب مشاجرة ونهوة عشائرية في حي القدس بمحافظة النجف. #العراق
— العراق نيوز (@Al_Iraq_News) June 21, 2021
يقول المحامي صفاء العنبكي، لـ"ارفع صوتك" إن "المحاكم والبيوت العراقية تضج بقصص مروعة وكارثية، عن حالات انتحار وقتل بسبب النهوة العشائرية".
النهوة في العادات العشائرية: هي عادة قديمة يتم فيها سلب حقوق المرأة من أحد افراد عشيرتها واحد هذه الحقوق هو انها لا يمكنها الزواج من احد دون موافقة الشخص الناهي عليها وبغير هذا يتم قتلها ان عارضت اوامرهم
— حَريـر📍🇮🇶 (@Hawraa_ss) June 12, 2020
#تشريع_قانون_العنف_الأسري_55
ويؤكد العنبكي أن "كل الإجراءات الحكومية والقوانين التي أصدرها مجلس القضاء الأعلى "لم تؤت ثمارها في الحد من تلك الحالات المأساوية أو حتى تجحيمها، كونها تعتبر لدى بعض العشائر موروث مقدس لا يمكن أبداً المساس به أو إلغائه".
وكان مجلس القضاء العراقي الأعلى، جرّم النهوة العشائرية خلال السنوات الماضية. والمتصفح لموقعه الإلكتروني، سيلحظ أخباراً تفيد القبض على متهمين بارتكاب هذه الجريمة، وإصدار أحاكم بالسجن لسنوات عليهم.
وفي يوليو 2019، وجه مجلس القضاء كافة المحاكم بتشديد الأحكام عن جريمة "النهوة العشائرية " واعتبر التهديد فيها فعلا إرهابياً يحاسب بموجب قانون مكافحة الإرهاب.
و"النهوة"عرف عشائري قديم يكره بموجبه الذكر أو الأنثى من الأقارب على الزواج أو يمنعه منه، مستندا إلى رابطة القرابة والانتماء العشائري بداعي عدم زواج الإناث إلا من أقاربهن وقد يقترن ذلك بالتهديد أحياناً.
وجاء في بيان المجلس "أخذت النهوة منحىً خطيراً في الآونة الأخيرة، إذ أكد قضاة أن عددا من القضايا لم تقتصر على التهديد والوعيد، بل وصلت إلى استخدام الأسلحة من أجل منع زواج امرأة من رجل ليس من القبيلة نفسها، ولم يعد هذا العمل مقتصرا على المناطق الريفية والبدوية، بل انتشر في الكثير من محافظات العراق لاسيما الوسط والجنوب منه".
"وتفاعلا مع هذه العادات الدخيلة التي أضحت تنمو وتهدد المجتمع، أصدر مجلس القضاء الأعلى قراره الفصل بتشديد عقوبة النهوة العشائرية وقرنها بالإرهاب، وفق المادة الثانية من قانون مكافحة الإرهاب رقم (13) لسنة 2005، التي تنص على أن التهديد الذي يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أياً كانت بواعثه، يعد من الأفعال الإرهابية" تابع البيان.
وأكد أن "تشديد العقوبة على مرتكبي هذه الجريمة هو أمر واقع تقتضيه الظروف الحالية بغية القضاء على هذه الظاهرة المتأصلة جذورها في المجتمع دون سند اخلاقي او اجتماعي او ديني أو قانوني" بحسب قرار القضاء.
وقبلها بعدة شهور، أعلنت عشائر عدة في محافظات عراقية تجريمها للنهوة العشائرية، كما حصل في الأنبار غرب العراق.
شيوخ ووجهاء وأعيان محافظة الأنبار
— Ahmed Falah (@ahmed_aljaffal) January 31, 2019
يجرمون النهوة العشائرية، ببيان رسمي، اذ عدوها عادة غير شرعية طويت مُنذ سنين#النهوة pic.twitter.com/7sUA4E27XP
رغم التجريم.. مستمرة
وعمّا تشهده بعض مناطق العراق من حوادث مماثلة لفتاة النجف، يقول المحامي العنبكي، إن "النهوة مثل قاتل متخف لا يمكن إيقافه إلا بتشكيل لجان مشتركة بين الأمن والشرطة المجتمعية وحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني".
وفي محافظات البصرة وميسان وذي قار والمثنى والديوانية وحتى بغداد، تحدث حالات مماثلة لما جرى مع فتاة النجف التي قتلت على يد أبناء عمومتها، حسب العنبكي.
ويتابع "بحكم عملي، شهدتُ الكثير من الطالبات الجامعيات وربات البيوت والموظفات اللاتي حرمن من الارتباط والزواج طيلة حياتهن بسبب النهوة، التي باتت مثل جائحة تنتشر بين البيوت في المناطق ذات الطابع العشائري المتطرف".
ومن إحدى المناطق في محافظة النجف التي شهدت جرائم سببها النهوة، تقول المدرسة جنان الجنابي (52 عاماً) "رغم كل ما يكتب في فضاء مواقع التواصل الاجتماعي، والتحولات الاجتماعية والثقافية في العراق، وتطور القضاء والمحاكم ووجود سلطات معنية بمحاسبة العنف المجتمعي والأسري، إلا أن النهوة العشائرية ما زالت تأخذ ضحاياها إلى المجهول حيث تقتل الفتيات أو يبقين بلا زواج طيلة حياتهن".
وتناشد عبر "ارفع صوتك" المرجعيات الدينية، ومنظمات المجتمعي المدني، والجهات ذات العلاقة بمتابعة ما تتعرض له الفتيات في المجتمعات العشائرية من أذى وتعنيف وإهانة، وحتى إذلال، بسبب هذا العُرف.