محاكمة مسلحي داعش في العراق: قانون الإرهاب أم الإبادة الجماعية؟
أعلنت وزارة العدل في حكومة إقليم كردستان، الأحد الماضي، أن المحكمة الاتحادية العليا رفضت طلباً تقدم به الإقليم لتشكيل محكمة مختصة بجرائم تنظيم داعش.
ونقل البيان عن وزير العدل بحكومة الإقليم فرست أحمد قوله، إن "الوزارة ستراجع قرار المحكمة الاتحادية مع الجهات ذات العلاقة في الإقليم وسيكون لها جواب على القرار.
وأضاف "من الناحية القانونية لا يمكن الطعن بقرارات المحكمة الاتحادية العليا، لكن الفرصة لا تزال سانحة للتعبير عن رأينا".
من جهتها، تقول الناجية الأيزيدية شيرين خيرو، إن رفض المحكمة الاتحادية تشكيل محكمة خاصة لمعاقبة مسلحي داعش "يثير الكثير من التساؤلات حول نية الحكومة العراقية محاكمة مسلحي التنظيم على جرائمهم".
وعبر "ارفع صوتك"، تطالب خيرو "بتشكيل محاكم خاصة تعاقب هؤلاء المجرمين على جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبوها وليس كإرهابيين فقط".
"لأنهم أبادونا عن سبق إصرار وتخطيط مسبق. وهذه المحاكم ضرورية لمستقبل الشعب العراقي بأكمله وليس فقط الأيزيديين والأقليات الأخرى المتضررة"، تتابع خيرو.
وترى أنه من "واجب الحكومة العراقية تقديم هؤلاء المجرمين إلى العدالة كنوع من جبر الضرر وإعادة كرامة الأيزديين بشكل عام والمرأة الأيزدية بشكل خاص".
"غير جائز وفق الدستور"
ويخشى الأيزيديون والمسيحيون والتركمان والأقليات الأخرى التي تعرضت لحملات إبادة جماعية على يد مسلحي داعش، من أن يفلت مسلحو التنظيم؛ لأن المحاكم العراقية تحاكمهم حالياً حسب قانون مكافحة الإرهاب وليس الإبادة.
في هذا السياق، يقول رئيس المنظمة الأيزيدية للتوثيق حسام عبدالله "رغم تأكيدنا على جدية وصحة قرار المحكمة الاتحادية العليا أنه لا يجوز وفق الدستور تشكيل محاكم خاصة لكن هذا الخيار لا يعني أن تتنصل المحكمة الاتحادية والحكومة العراقية عن مسؤولياتها أمام المجتمع العراقي والمجتمع الدولي والضحايا وذويهم".
ويضيف لـ"ارفع صوتك": "في المقابل لا يمكن تسويف الجرائم باعتبارها محلية، وما ارتكب ضد الأيزيديين وبقية الأقليات وجريمة سبايكر، جميعها جراائم إبادة جماعية".
ويشير عبدالله إلى أن محاكمة مسلحي التنظيم وفق قانون مكافحة الإرهاب لا يعني إعطاء استحقاقات الضحايا، موضحاً "الجرائم التي ارتكبها التنظيم هي جرائم إبادة جماعية ولا يوجد توصيف قانوني في قانون العقوبات العراقي لها، بالتالي لا بد من إيجاد محكمة عراقية بتعاون دولي أو محكمة دولية لمحاكمة عناصر داعش".
ويرى مدير فرع مركز لالش الثقافي والاجتماعي في أربيل، عزيز شركاني، أن الحكومة العراقية "لا تريد إقامة أي محاكم خاصة لمحاكمة إرهابيي داعش، أو حتى إجراء تحقيق دولي في هذا الشأن".
ويقول لـ"ارفع صوتك": "هناك قوى سياسية تتحكم بقرارات المحكمة الاتحادية، لا تريد أن يكون هناك تطرق دولي لجرائم الإبادة التي نفذها داعش ضد العراقيين، لأن التحقيق في هذا الملف على المستوى الدولي قد يستدعي الكثير من القادة العراقيين إلى المحاكم الدولية".
من جانبه، يعتبر عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان علي أكرم البياتي، أن قضية المساءلة أو العدالة الانتقالية التي تشمل المساءلة وجبر الضرر ثم المصالحة المجتمعية وأخيرا الإصلاح المؤسساتي من أبرز واجبات الدولة بعد مرحلة تحرير المناطق التي سيطر عليها داعش.
ويؤكد لـ"ارفع صوتك": "لا يمكن تقبل مسألة محاكمة مسلحي داعش باعتماد جهود داخلية فقط والاعتماد على قانون مكافحة الإرهاب، لأن ما حدث كان حرباً ونزاعاً مسلحاً بين المجتمع العراقي وعصابات تشكلت وجاءت عبر الحدود ولها امتدادات دولية".
"بالتالي هناك مسؤولية على المجتمع الدولية في هذا الموضوع، ولابد أن تكون المحاكمات لجرائم دولية وجرائم إبادة جماعية" حسب البياتي.
ويحدد عدة خيارات بإمكان العراق اعتمادها للبت في جرائم مسلحي التنظيم، وهي "إما أن يطالب العراق مجلس الأمن بتشكيل محاكم دولية لمحاكمة مسلحي داعش، أو ينضم رسمياً إلى المحكمة الجنائية الدولية، كي تقوم بالتحقيق في هذه الجرائم ومحاكمة مسلحي داعش العراقيين وغير العراقيين، أو تشريع قانون خاص بجرائم داعش، ومحاكمتهم عبر قضاة عراقيين".
ويبيّن البياتي أن بإمكان العراق "اعتماد المحكمة الجنائية العليا التي حاكمت رؤوس النظام السابق وشهدت التحقيق في مثل هذه الجرائم"، لافتاً إلى إشكالية واحدة تتمثل في أن قانون تشكيل المحكمة نص على أنها تشمل كافة الجرائم المرتكبة حتى مايو 2003، لذلك هناك حاجة إلى تعديله لتشمل المحكمة ما بعد عام 2003 وتتمكن من محاكمة مسلحي التنظيم.