العراق

مهاجرون عراقيون يقعون ضحية معركة بيلاروسيا مع الاتحاد الأوروربي

20 يوليو 2021

نقلا عن موقع الحرة

أثناء محاولتهم شق طريقهم إلى الاتحاد الأوروبي لطلب اللجوء، يواجه المهاجرون من العراق وأفريقيا مهربين جشعين وعبورا محفوفا بالمخاطر البرية والبحرية.

وبحسب ما نشرت صحيفة نيويورك تايمز، يجد بعض المهاجرين الآن أنفسهم عالقين في معركة جيوسياسية بين الاتحاد الأوروبي ورئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو.

تقول نيويورك تايمز إن "هذه المعركة اشتدت" منذ أن أجبرت حكومته طائرة ركاب تابعة لشركة طيران (رايان إير) على الهبوط وألقت القبض على ناشط معارض، مما أثار إدانة عالمية، وأدى إلى فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على مينسك.

وأضافت الصحيفة "يبدو أن خطوط المعركة هذه قد تم رسمها على الحدود البيلاروسية الليتوانية في الأسابيع الأخيرة، حيث ارتفع عدد المهاجرين الذين يعبرون إلى ليتوانيا، وهي عضو في الاتحاد الأوروبي، من بيلاروسيا".

ويتهم المسؤولون الليتوانيون لوكاشينكو بتشجيع المهاجرين على عبور الحدود، باستخدامهم "كأسلحة". 

وردا على ذلك، بدأت ليتوانيا، الجمعة الماضية، في بناء سياج من الأسلاك الشائكة بطول 550 كيلومترا على حدودها مع روسيا البيضاء.

ووفقا لرويترز، دخل قرابة 1700 مهاجر ليتوانيا، بطريقة غير مشروعة من روسيا البيضاء هذا العام ومنهم أكثر من ألف مهاجر خلال يوليو فقط، وفقا لجهاز حرس الحدود في ليتوانيا.

وقال نصف هؤلاء المهاجرين إنهم مواطنون عراقيون.

والأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إن بلاده ستحقق في عمليات تهريب مهاجرين عراقيين إلى ليتوانيا.

وفي مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره الليتواني غابريليوس لاندسبيرغيس في بغداد، قال حسين إن الجانبين تطرقا لموضوع "اللاجئين العراقيين في ليتوانيا"، مؤكدا "رفضه أن يكون هناك تجار للبشر في المجتمع العراقي".

وأكد الوزير العراقي، وفقا لما نقلت عنه وكالة الأنباء العراقية الرسمية، أن "الحكومة ستحقق بتهريب عراقيين إلى ليتوانيا عبر بلاروسيا".

وكان وزير خارجية ليتوانيا ومسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي اتهما روسيا البيضاء باستخدام الهجرة غير المشروعة كسلاح سياسي للضغط على الاتحاد بسبب عقوبات فرضها التكتل على مينسك.

وخلال اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد في بروكسل، الاثنين الماضي، قال الوزير جابريليوس لاندسبرجيس إن روسيا البيضاء تنقل مهاجرين من الخارج جوا، وترسلهم عبر الحدود إلى دول الاتحاد.

وأضاف "يُستخدم اللاجئون كسلاح سياسي... سأتحدث مع زملائي حتى يكون للاتحاد الأوروبي استراتيجية مشتركة". 

وأدلى جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد بتصريحات مشابهة في وقت لاحق، وقال "إن استخدام المهاجرين كسلاح والدفع بالناس على الحدود أمر غير مقبول".

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.