العراق

العراق: كيف يمكن الحد من حرب الشائعات مع قرب الانتخابات؟

26 يوليو 2021

حذر  المركز العراقي لمحاربة الشائعات، وهو منظمة مدنية تعنى بتحليل ومحاربة المعلومات المضللة، من انطلاق حرب الشائعات والتسقيط السياسي بالتزامن مع بدء الحملات الدعائية للمرشحين للانتخابات.

ويؤكد رئيس المركز علي التميمي أن العديد من صفحات التواصل الاجتماعي على موقع فيسبوك وانستغرام وغيرها قامت بتغيير أسمائها بعناوين جديدة.

ويضيف التميمي في حديث لموقع (ارفع صوتك)، أن "بعض الصفحات المعنية بقضايا ثقافية أو ترفيهية والتي يكون المشاركين فيها بأعداد كبيرة، لاحظنا مؤخرا تغييرا في أسمائها إلى عناوين أخرى، كأن تكون باسم إعلام أحد المرشحين وتبدأ بالترويج لأخبار هذا المرشح".

ويشير التميمي إلى أن الصفحات ذات المشاركة والمتابعة العالية دائما ما تكون مستهدفة من قبل السياسيين لشرائها لنشر أخبارهم كنوع من الدعاية الانتخابية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ولغرض معرفة الأسعار التي وصلت إليها قيمة الصفحات قام المركز، بحسب ما ينقل التميمي، بالاتصال بإحداها بدعوى شرائها، موضحا "وصل سعر بعض الصفحات إلى 18 ألف دولار، والبعض الآخر عرض علينا صفحته بـ 20 ألف".

لكن الأغرب من ذلك ـ والحديث للتميمي - هو "تأجير بعض الصفحات لفترة ما قبل الانتخابات بشهرين أو ثلاث لمرشحين أو جهات سياسية، لتعود لاحقا إلى المواضيع التي كانت تهتم بها (الصفحات)".

 

تجارة رائجة

ويرى الناشط والمدون عماد الشرع أن عملية شراء "البيجات" على مواقع التواصل الاجتماعي لأغراض انتخابية، باتت "تجارة رائجة تسبق كل عملية انتخابية".

ويقول الشرع لموقع (ارفع صوتك)، "البيجات أو الصفحات الترفيهية التي تستقطب أعدادا كبيرة من المشاركين والمتابعين دائما ما تكون هي المستهدفة للشراء، وأصحابها يبدأون بتأسيسها قبل سنة أو سنتين من الانتخابات ويحرصون على أن تكون ترفيهية كأن تعنى بالسفر أو النكات أو القصص الطريفة لضمان أكبر عدد من المتابعين".
ويلفت الشرع إلى إنه "في شهر تموز الحالي بدأت العديد من الصفحات بتغيير أسمائها"، مضيفا، "البعض منها تحول إلى عناوين صريحة كأن يكون إعلام أو محبوا المرشح أو النائب الفلاني، وهذه تستخدم للترويج للشخص المعني، أما بعض الصفحات فتتحول إلى أسماء غير معروفة الجهة، وهذه تستخدم للتسقيط السياسي وبث الشائعات المغرضة عبر أخبار كاذبة أو فيديوهات مضللة".

ويصف الشرع العملية بأنها "غير الأخلاقية، كونها خيانة لثقة المتابعين للصفحة"، معبرا عن خشيته من أن العديد منها قد يلعب دورا في التأثير على قناعات الناخب والترويج لعدم المشاركة الانتخابية.

المفوضية وعمليات التسقيط

ويفرض قانون مفوضية الانتخابات عقوبات على التجاوزات التي قد تلحق بالمرشحين خلال عملية السباق الانتخابي، كتمزيق صور المرشح أو غيرها من التجاوزات.

أما في حالة التجاوزات عبر وسائل التواصل الاجتماعي فتقول المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي لموقع (ارفع صوتك)، "لدينا لجان مختصة بمتابعة صفحات التواصل الاجتماعي، وهناك تنسيق مع هيئة الإعلام والاتصالات عبر شعبة خاصة بذلك في المفوضية لرصد التجاوزات التي يكون مصدرها الفضاء الإلكتروني".

وتشير الغلاي إلى فرض عقوبات بغرامات مالية على المتجاوزين قد تصل إلى حد السجن في حالة تكرارها.

لكن على ما يبدو أن عملية الحد من التسقيط السياسي وبث الأخبار المضللة عبر وسائل التواصل ليست باليسيرة على الجهات المعنية، نظرا لصعوبة تحديد الجهات التي تقف وراء هذه الصفحات، كما يؤكد اغلب المختصين.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.