العراق

جدل حول فك ارتباط مفوضية حقوق الإنسان بالبرلمان في العراق

27 يوليو 2021

بعد ساعات على إعلان مجلس النواب تجميد عمل المفوضية العليا لحقوق الإنسان رئيسا وأعضاءً لانتهاء مدة التكليف البالغة أربع سنوات، قررت المحكمة الاتحادية إبطال القرار وفك ارتباط المفوضية بمجلس النواب وإبقاءها هيئة دستورية مستقلة ماليا وإداريا وفنيا.

ويؤكد عضو المفوضية على البياتي أن القرار البرلماني واجه اعتراضا حكوميا من قبل رئاسة الوزراء وأمميا أيضا بعد بيان مكتب حقوق الإنسان في بعثة يونامي، والذي طالب مجلس النواب بعدم إنهاء عمل المفوضية الحالية حتى اختيار مفوضية جديدة.

وأضاف البياتي لموقع (ارفع صوتك)، "عندما تنتهي المدة القانونية لمفوضية حقوق الإنسان فإن البرلمان مطالب بتشكيل مجلس جديد، وآلية التشكيل لا تكون عن طريق البرلمان فقط، بل يشترك في تأسيس المفوضية الجديدة بعثة الامم المتحدة في العراق ورئاسة الوزراء ومجلس القضاء الأعلى بالإضافة إلى المنظمات المدنية المعنية بحقوق الإنسان".

مفوضية بصلاحيات كاملة

ووفق القرار الصادر عن المحكمة الاتحادية بفك ارتباط مفوضية حقوق الإنسان بمجلس النواب فإن عمر المفوضية سيمدد حتى اختيار مفوضية جديدة وسيكون للأعضاء كامل الصلاحيات في تسيير أعمالهم من تحقيقات وتقارير.

ويرى الخبير بالشأن القانوني حيدر الصوفي أن قرار المحكمة عمل على فك ارتباط المفوضية بمجلس النواب ولم ينهِ أعمالها على الرغم من انتهاء مدة التكليف.

ويوضح الصوفي في حديث لموقع (ارفع صوتك)، أن "المفوضية مستمرة بعملها رئيسا وأعضاء لممارسة وظائفهم بصوة طبيعية خاصة بعد قرار المحكمة الذي منحها استقلالية دون تأثير من مجلس النواب لذلك يستمر عملهم لحين  استبدالهم بمجلس جديد".

شكوك بقدرة البرلمان

ويبدو أن قرار المحكمة الاتحادية ألقى بالكرة في ملعب مجلس النواب لاختيار مفوضية بديلة عن الحالية بعد انتهاء مدة تكليفها، لكن عضو اللجنة القانونية النيابية حسين العقابي يستبعد إمكانية تأسيس مفوضية جديدة لما تبقى من عمر البرلمان، مفضلا ترك الموضوع للدورة النيابية القادمة.

ويقول لموقع (ارفع صوتك)، "أتمنى أن يترك موضوع تشكيل مفوضية جديدة للدورة البرلمانية المقبلة حتى لو كان هناك فراغا قانوني في تشكيل المفوضية".

ويضيف العقابي، "ليس فقط المفوضية بل كل المناصب والتعيينات العليا في الدولة بسبب تهافت الكتل البرلمانية الحالية على الدرجات الخاصة للحصول عليها وفق مبدأ المحاصصة".

تباين آراء

وتخللت مدة تكليف المفوضية الحالية عدة أحداث مهمة شهدها العراق كان للمفوضية حضورا بارزا في نقل وقائعها عبر تقارير وتحقيقات مستقلة.

وينتقد الناشط المدني حميد جحجيح عمل المفوضية طيلة السنوات الأربع من تكليفها، موضحا لـ(ارفع صوتك)، "أساس عمل المفوضية هو الحفاظ على حقوق الإنسان، لكنها اكتفت بكتابة التقارير والأخبار عن الأحداث التي مرت بالبلد وهي بذلك لم تختلف عن أي منظمة صغيرة أو صحفي ممكن أن يضطلع بنفس المهام".

ويتابع جحجيح، "كنا ننتظر منها أن تعمل على رفع توصيات للجهات المعنية كالحكومة والقضاء لتمارس نوع من الضغط من أجل الحفاظ على حقوق الإنسان".

فيما يؤكد الصحفي على راضي بأن تقارير مفوضية حقوق الإنسان "كانت معتبرة لما تحمله من استقلالية وحيادية".

ويضيف لموقع (ارفع صوتك)، "المفوضية تمثل مصدر للعديد من وسائل الإعلام وأحيانا لها القول الفصل في الكثير من المواقف، وعلى المستوى الشخصي لي ثقة كبيرة بما يصدر عنها".

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.