العراق

السلة الغذائية لفقراء العراق.. تأتي أم لا تأتي؟

27 أغسطس 2021

خاص- ارفع صوتك

مر شهران تقريباً، على إطلاق وزارة التجارة وعودها بتوزيع السلة الغذائية، ضمن مفردات البطاقة التموينية على العائلات المستحقة في عموم العراق. 

وفيما تسعى الوزارة إلى إتمام عملية التوزيع، شكا مواطنون من عدم حصولهم على مفردات السلة الغذائية، مطالبين الحكومة بـ"ترك المواد الغذائية والعمل على إعادة سعر صرف الدولار  لسعره السابق". 

وفي العراق، بدأ العمل بنظام البطاقة التموينية عام 1991 للتخفيف من تأثيرات الحصار الاقتصادي الذي فُرض عليه بموجب قرار مجلس الأمن الدولي (661) لعام 1990. 

وفي مايو الماضي، وافق مجلس الوزراء على مقترحات قدمتها وزارة التجارة بشأن تجهيز السلة الغذائية. 

وحينها، قال المكتب الإعلامي للمجلس "تأمين التخصيصات المالية الخاصة بمشروع تجهيز السلة الغذائية، من وزارة المالية، التي تندرج ضمن تخصيصات البطاقة التموينية المقررة في الموازنة لسنة 2021، وقيام وزارة النفط بتقديم الدعم اللازم لوزارة التجارة من أجل التنفيذ بالتنسيق مع وزارة المالية". 

 

"لا نريد سلتكم"

حسب وزارة التجارة العراقية، فإن السلة الغذائية تحتوي على "الزيت والسكر والحمص والفاصوليا ومعجون الطماطم ورز محمود وبسمتي الهندي"، لكن الكثير من المواطنين أكدوا عدم حصولهم على هذه المواد.

تقول أزهار حسين علي، وهي معلمة متقاعدة: "أسكن في منطقة المعامل، وهي نائية وفقيرة، ونحتاج إلى من يعيننا على أوضاعنا المأساوية التي نعيشها من سوء خدمات وغلاء في الأسعار ووضع صحي بائس جداً". 

وتضيف لـ"ارفع صوتك": "في كل مرة أذهب إلى وكيل البطاقة التموينية، يخبرني أن دورنا لم يحن بعد في استلام السلة الغذائية، التي وُعدنا بها للتخفيف من معاناتنا الاقتصادية". 

"حتى لو استلمتها، ولو أنني أشك بذلك بسبب فساد المسؤولين، لن يعود الأمر بالنفع الكبير علينا كعوائل فقيرة، ومطلبنا هو إعادة سعر صرف الدولار إلى ما كان عليه سابقاً، فبلوغه نحو 150 ألف دينار عراقي، ساهم في تعرضنا إلى أزمة اقتصادية كبيرة". 

سميرة سالم (52 عاماً)، تعمل في مدرسة أهلية بمنطقة النهروان ببغداد. تقول "أنا وكل من معي في المنطقة التي أسكنها لم نحصل على جميع مواد السلة الغذائية التي وعدتنا بها الحكومة".

"حتماً هناك فساد ساهم في سرقة قوتنا اليومي ولقمتنا، التي نعتمد عليها من خلال ما يتم تخصيصه لنا من مفردات البطاقة التموينية، التي تحولت إلى باب كبير من أبواب سرقة المال العام"، تضيف سميرة لـ"ارفع صوتك". 

أما حيدر علي، وهو صاحب محل لتجارة المواد الغذائية، في مدينة الصدر، فيرى أن "الناس غير مهتمة بالسلة الغذائية، بقدر اهتمامها بارتفاع أسعار المواد الغذائية، جراء ارتفاع سعر صرف الدولار".

ويقول لـ"ارفع صوتك": "الموظفون والعاملون بالأجرة اليومية وأصحاب المحال وغالبية أصحاب الدخل المحدود، لن تنفعهم السلة الغذائية حتى لو استمرت، بقدر ما سيفرحون بعودة سعر صرف الدولار إلى ما كان عليه". 

 

"تلويثه بالفساد والمحسوبية"  

وخلال جولة له في مناطق الكمالية والنهروان لمتابعة عمل توزيع السلة الغذائية بعد شكاوى كثيرة وجهت من المواطنين، قال وزير التجارة علاء الجبوري، إن "الوزارة عازمة على استقرار مشروع السلة الغذائية وتجهيز مفرداتها للمواطنين بشكل منتظم ومستقر". 

وأضاف في بيان لمكتبه، اطلع عليه "ارفع صوتك"، أن "الوزارة مستنفرة بشكل كامل لغرض تجهيز مفردات السلة الغذائية، وهدف الحكومة من خلال برنامج السلة الغذائية تأمين الوضع الغذائي خاصة للعوائل الفقيرة واستقرار مشروع السلة الغذائية". 

تعليقاً على ذلك، يقول الباحث الاقتصادي هشام عيدان، لـ"ارفع صوتك"، إن "مشروع السلة الغذائية بإطاره العام جيد، ويمكنه التخفيف عن كاهل العائلات الفقيرة، لكن في العراق وكما هو معروف لا يمر مشروع ما دون تلويثه بالفساد والمحسوبية". 

ويوضح أن "المتتبع للشأن الاقتصادي يعرف تماماً وضع الشركات التي تجهز مفردات السلة الغذائية، وكيف أنها كانت على مر السنوات السابقة باباً من أبواب الفساد الكبيرة في العراق".

"الأفضل للمواطنين من الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، إعادة سعر صرف الدولار على ما كان عليه سابقاً على الأقل، كون بقائه بهذا المستوى يبقي العائلات العراقية رهن حيتان الفساد وتلاعب التجار بالسوق، خصوصاً في المناسبات الدينية وأيام حظر التجوال وعند كل أزمة"، يتابع عيدان.

ويطالب الحكومة بمتابعة آلية التوزيع، والانتباه لشكاوى المواطنين بعدم حصولهم على كامل مفردات السلة الغذائية. 

وكانت وزارة التجارة وقعت عقداً مع إحدى شركات القطاع الخاص العراقي، بهدف خزن المواد الغذائية ضمن مفردات السلة الغذائية.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.