العراق

مزارعون عراقيون بعد قرار خفض المساحة: "الموت يهدد أراضينا"

20 أكتوبر 2021

خاص- ارفع صوتك  

بقلق وحزن شديدين، تلقى المزارعون في العراق، قرار وزارتي الزراعة والموارد المائية بتخفيض مساحات الأراضي المخصصة لزراعة المحاصيل الشتوية إلى النصف، بسبب قلة الإيرادات المائية. 

وأعلن برنامج الأغذية العالمي أن قلة سقوط الأمطار والجفاف الذي عانى منه العراق خلال الموسم الماضي، هو الأول من نوعه منذ 40 عاماً. 

وقال ممثل البرنامج في العراق علي رضا قريشي، إن "الجفاف أدى لانخفاض إجمالي إنتاج الحبوب في البلاد بنسبة 38%". 

وبيّن أن "محافظة نينوى عانت من فشل في إنتاج المحاصيل وفقدت نحو 70% من إنتاجها لمحصول القمح وجميع إنتاجها لمحصول الشعير". 

وأشار قريشي إلى أن "الاقتصاد العراقي تعرض إلى صدمات عديدة، أولها انخفاض النفط سلبا متأثرا بتداعيات كورونا، ما أثر أكثر في الأمن الغذائي للأسر في المجتمعات المحلية الفقيرة".  

وعن أسباب قرار قرار تخفيض المساحة المقررة للزراعة في الموسم الشتوي إلى 50% عن العام الماضي، يقول المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة د.حميد النايف، إن "اللجان المشتركة بين وزارة الزراعة ووزارة الموارد المائية وجدت أن نسبة الإيرادات المائية من الأمطار والغطاء الثلجي انحسرت في العراق بشكل كبير، لذلك عملت على إصدار القرار لتأمين حاجة البلاد المائية من خزينها المتبقي". 

"وأيضاً، بهدف الحفاظ على ديمومة المياه للموسم الصيفي المقبل مع تزايد القلق من تأثر العراق بمخاطر الجفاف"، يضيف النايف.

وجاء في تقرير صادر عن الأمم المتحدة، أن العراق يفقد سنوياً 100 ألف دونم من أراضيه الزراعية بسبب التصحر، مؤكداً أن موضوع التصحر لا توجد له معالجات حقيقية حتى الآن. 

  

 

"استبعاد ديالى"  

ويوضح النايف لـ"ارفع صوتك": "اللجان المشتركة بين وزارة الزارعة ووزارة الموارد المائية قررت استبعاد محافظة ديالى من الخطة الزراعية المقبلة، نتيجة الانخفاض الحاد بمنسوب المياه في سد حمرين، وبسبب قلة الإيرادات المائية".

بينما وجهت اللجان بتأمين احتياجات محافظة ديالى المائية لأغراض البستنة ومياه الشرب.

ووفقاً لوزارة الزراعة، تم الاتفاق على منع الزراعة ضمن حدود الأهوار والمهارب الفيضانية في محافظات البصرة وواسط وذي قار وديالى وميسان، مؤكدة ضرورة التزام المزارعين والفلاحين بالمساحات الإروائية المقرة في الخطة الزراعية حصراً.

وفي تصريحاته للتلفزيون الرسمي، أكد وزير الموارد المائية، أن "إيران تسببت بزيادة معدلات الجفاف، عن طريق إنشائها السدود وتحويل مسار الأنهار التي تصب في الجداول والأنهار العراقية إلى أراضيها، دون أخذ مشورة الجانب العراقي أو حتى تبليغه". 

وقال إن "العراق ماض برفع شكوى لدى محكمة العدل الدولية واللجوء إلى الأساليب الدبلوماسية عن طريق وزارة الخارجية، لإجبارهم على الالتزام بالمواثيق الدولية بخصوص حصة العراق من المياه". 

"الموت يداهم أراضينا" 

يقف سالم ذياب أمام أرضه الممتدة على مساحات شاسعة في منطقة الجوادية بمحافظة بابل، ويقول "ماذا أفعل؟" معرباً عن قلقه الشديد من القرارات الحكومية بخفض نسبة المساحات المزروعة. 

ويضيف لـ"ارفع صوتك": "منذ 2003 ونحن ننتظر الحل.. ننتظر عملاً حكومياً جاداً، فلا الأحزاب الموالية لإيران تمكنت من إقناعها الجارة بأن الموت يداهم أراضينا، وعليهم مساعدتنا، ولا المنظمات الدولية ضغطت على تركيا، لمنح العراق حصصه المطلوبة من المياه". 

وفي منطقة المقدادية بمحافظة ديالى، يعبر كاظم التميمي عن حزنه الشديد، من القرارات الحكومية بحق المساحات المزروعة خلال الموسم الشتوي المقبل.

ويبين لـ"ارفع صوتك" أنه "لن يقف متكوف الأيدي بينما تموت الأراضي في مدينته، التي كانت ولا تزال تلقب بمدينة البرتقال، لزراعتها مختلف أنواع البرتقال والفواكه في بساتينها". 

ومن العزيزة بمحافظة واسط، يتحدث الخبير الزراعي جليل المسعودي، عن "وجود خوف شديد من اتساع ظاهرة الجفاف لتشمل مزراع الحنطة والشعير والشلب وغيرها من المزارع الشاسعة التي تغطي الحاجة المحلية". 

ويدعو الحكومة، عبر "ارفع صوتك"، إلى "بذل المزيد من الجهود لإعادة حق العراق المائي المغصتب من قبل إيران، والمضي بالاتفاقيات المبرمة مع الجانب التركي، ليتم إنقاذ ما يمكن إنقاذه من المساحات الزراعية، التي يلتهمها الجفاف".

ويتابع المسعودي "أرض السواد، هذا اسم بلاد الرافدين منذ القدم، بسب تنوع الخيرات فيه، وكثرة الأنهر والموارد الطبيعية، يعاني من جفاف قد يهدد دجلة والفرات، ويخرجهما من حاضرهما إلى مقبرة أبدية". 

This Monday, April 22, 2019, aerial photo shows high levels of water in the Shatt al-Arab waterway near Basra, Iraq. After…
خبير عراقي: انضمامنا لاتفاقية المناخ قد يساعدنا في تحصيل المياه
اعتبر خبراء ومختصون في مجال المياه والمناخ أن الهدف من انضمام العراق الى اتفاق باريس للمناخ يتمثل في الحصول على دعم مادي ومعنوي لتمويل برامج مواجهة التغيير المناخي، والضغط على تركيا وإيران لاسترداد حصصه المائية. 

 

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.