العراق

ميناء الفاو الجديد.. أحلام عراقية بمليارات الدولارات وأهمية إقليمية

23 أكتوبر 2021

خاص- ارفع صوتك

من المؤمل ان يساهم مشروع ميناء الفاو الكبير، جنوب محافظة البصرة، باستيعاب نحو 20 ألف فرصة عمل بمجرد بلوغ مراحل إنجازه النهائية، وسط توقعات بأنه سيكون "العمود الفقري" للاقتصاد العراقي إذا اكتمل بالشكل الصحيح.  

وفي أبريل الماضي، وضع رئيس وزراء الحكومة السابقة مصطفى الكاظمي، حجر الأساس، للبدء بإنشاء المرحلة الأولى من الميناء. 

وحسب وزارة النقل، فإن المشروع الذي أحيل لشركة "دايو" الكورية بكلفة قدرها 2.62 مليار دولار، سيمكن للميناء معالجة ثلاثة ملايين حاوية سنويا، وتشييد خمسة أرصفة للحاويات، وحفر نفق قناة خور الزبير، وإنشاء الطريق السريع الرابط بين الميناء ومدينة أم قصر، وردم ساحة تخزين ومناولة الحاويات وحفر القناة الملاحية الداخلية، وحفر وتأثيث القناة الملاحية الخارجية.

 

مراحل متقدمة 

وفي آخر مستجدات المشروع، يقول مدير إعلام وزارة النقل صلاح تايه لـ"ارفع صوتك"، إن "الشركة المكلفة به تعمل بوتيرة سريعة لإنجاز الطرق الداخلية لميناء الفاو".

ويضيف "بلغ الإنجاز الآن في نفق المخمور أو نفق الحرير مراحل متقدمة، بنسبة ٧٥%، وهذه الأنفاق ستربط ميناء الفاو بميناء أم قصر عن طريق الخط الدولي والخط السريع من شمال العراق إلى أقصى جنوبه". 

"وهناك نسب إنجاز واضحة ومتقدمة في ميناء الفاو، الذي سيوفر 20 ألف فرصة عمل لكل الفئات الشبابية والخريجين وأصحاب المهن الحرة"، يتابع تايه. 

ويشير إلى المتابعة المستمرة من الوزارة لمهندسيها المنتشرين في كل مواقع العمل.

ويبيّن تايه أن وزارة النقل والجهات المعنية، على اتصال دائم مع الشركة المنفذة، من أجل الوصول إلى تحقيق الحلم العراقي بأن يرى هذا الميناء الكبير النور سريعاً.

ويتوقع أن "تتغير خارطة النقل العالمية باكتمال ميناء الفاو"، مردفاً "سيكون من أهم موانئ الشرق الأوسط وأحدثها، لأنه سيربط الشرق بالغرب، وسيدعم موازنات العراق بمليارات الدولارات ". 

 

أهمية "كبرى"

في ندوة تعريفية بأهمية ميناء الفاو، قال الوكيل الأقدم لوزارة الخارجية السابق محمد الحاج حمود، إنه "العمود الفقري للاقتصاد العراقي في المستقبل القريب". 

وأضاف أن "المشروع سيكون البديل الوحيد للاقتصاد المحلي، إذ سيوفر عائدات كبيرة".

وتحدث حمود عن تاريخ الموانئ العراقية قائلاً "أول من فكر بإنشاء ميناء في هذه المنطقة هم البريطانيون إبان احتلال العراق، على اعتبار أن الخليج العربي مدخل إستراتيجي للمنطقة، لكنهم تركوا الفكرة وتوجهوا لإنشاء ميناء أم قصر، الذي تطور في ما بعد إلى موانئ عديدة وهي خور الزبير والمعقل وأبو فلوس". 

وأوضح أن "الموانئ التي جرى إنشاؤها في المنطقة أثرت على موانئ العراق بشكل مباشر، وهي ميناء جبل علي الذي بات عالمياً، حيث اصبح النقل العالمي يمر بالدرجة الأولى عبره". 

وكان الكاظمي أكد مسبقاً، أنه "سيقف ضد أي محاولة لعرقلة المضي بتحقيق الإنجاز الكامل لمشروع ميناء الفاو".

وقال إن الحكومة العراقية (السابقة) مصممة على فتح آفاق جديدة لإحياء الاقتصاد العراقي، فالعراق "لن يكون حديقة خلفية لأحد وسيحقق اقتصاده بنفسه"، وفق تعبيره.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.