كيف يمكن تفادي الأزمات الناتجة عن الجفاف في العراق؟
تشير مصادر عراقية إلى أن إيران جففت خلال السنوات الماضية أكثر من 40 نهرا ورافدا كانت تجري في الأراضي العراقية، عبر تغيير مجراها، منها نهر الكارون الذي يغذي نهر شط العرب في البصرة.
وأدى إنشاء إيران العديد من السدود داخل حدودها على نهري الزاب الصغير وسيروان (نهر ديالى)، اللذين يجريان في كردستان العراق ويغذيان نهر دجلة، إلى انخفاض كبير في مناسيب النهرين، خاصة سيروان.
وبعد إصدار وزارتي الزراعة والموارد المائية، تقليص المساحة المشمولة بالزراعة إلى النصف خلال خطة الموسم الزراعي 2021-2022، نتيجة أزمة المياه، تزايدت مخاوف العراقيين، من أزمات جديدة قد تنجم عنه.
يراقب المزارع البصري السبعيني أبو شاكر أرضه بحسرة بعدما خسر مساحات كبيرة منها بسبب ارتفاع نسبة الملوحة في شط العرب بمحافظة البصرة (جنوب العراق).
نبيل آل عامر، وهو مزارع من محافظة الديوانية جنوب العراق، يقول لـ"ارفع صوتك": "تعتبر الديوانية محافظة زراعية لأنها لا تمتلك مورداً آخر غير الزراعة، نزرع الأرز والقمح والشعير، لذلك عندما نزرع سيتمكن سكان المحافظة من العيش".
"لأن قرابة 70% منهم يعتمدون على الزراعة كمصدر قوت رئيسي، فيما تزاول البقية مهناً أخرى تتأثر تنتعش أوضاعهم المعيشية أيضاً بانتعاش الزراعة، والعكس إذا تضررت الزراعة ستتضرر المحافظة بالكامل"، يوضح نبيل.
ويمتلك أرضا زراعية مساحتها 500 دونم، لم يستطع العام الماضي وحسب الخطة الزراعية، من زراعة سوى 360 دونما منها، وبعد القرار الجديد، لن يتمكن إلا من زراعة 160 دونما، أي 30% من المساحة الكلية لأرضه.
ويضيف نبيل: "ستسبب هذه الخطة بالكثير من المشكلات الداخلية والارتباك لنا من حيث كيفية تغطية الاحتياجات لأن المحاصيل ستنخفض، بالتالي سيكون هناك شحة كبيرة، في وقت ارتفعت أسعار البذور والأسمدة والمبيدات"، معتبرا ما يجري "حرباً على الزراعة الوطنية لصالح الاستيراد".
وأعلنت وزارة الموارد المائية، الثلاثاء الماضي، أن مفاوضتها حول حصة العراق المائية مع تركيا أثمرت عن نتائج إيجابية.
وقال وزير الموارد المائية مهدي رشيد الحمداني في بيان نشر على موقع الوزارة، إن"مذكرة التفاهم التي وقعت مع تركيا لعام 2009 دخلت حيز التنفيذ، من أهم بنودها إعطاء حصة عادلة من المياه للعراق".
من جانبه، يرى الخبير الزراعي تحسين الموسوي، أن العراق "مجبر على التوجه نحو خيار تقليص الأراضي الزراعية للنصف، رغم أن ذلك سيؤثر على الإنتاج، بسبب حاجة البلد الى خمسة ملايين طن من القمح لتحقيق الاكتفاء الذاتي".
في الوقت نفسه، يحذر الموسوي من ارتفاع نسبة البطالة وزيادة التصحر بسبب قرار التقليص، موضحا لـ"ارفع صوتك": "لتفادي الأزمات الناجمة عن الجفاف يجب العمل على تطوير وسائل وطرق الزراعة، كاستخدام بذور تتحمل نسبة عالية من الملوحة، وتقليل زراعة المحاصيل الإستراتيجية، والاعتماد نوعا ما على الاستيراد، وتأمين حصة مائية كاملة للبساتين للحفاظ عليها وعلى التنوع الأحيائي، واستخدام منظومات ري حديثة، والاتجاه نحو الشق الثاني من القطاع الزراعي المتمثل بالثروة الحيوانية".
بدوره، يقول الناطق الرسمي لوزارة الزراعة حميد النايف، إن الخزين المائي المتاح الموجود في السدود والخزانات "يكفي لسد احتياجات مليونين و500 ألف دونم، أي بمقدار تخفيض 50% عن المساحات المقرة العام الماضي، البالغة خمسة ملايين دونم، بسبب انحسار الإيرادات المائية في العراق والمنطقة، واحتمالية استمرار الانحسار خلال الموسم الشتوي المقبل".
ويضيف لـ"ارفع صوتك"، أن "الغرض من التقليص ديمومة المياه في الخزين المائي المتوفر في السدود والخزانات، ولأجل ضمان كميات المياه الخام لمحطات الإسالة العاملة في المحافظات كافة والبستنة للموسم الصيفي القادم".
واستبعدت الخطة محافظة ديالى بالكامل من الزراعة بسبب قلة الإيرادات المائية وانخفاض منسوب المياه في سد حمرين.
يقول النايف إن الخطة "اختصرت المياه الموجودة في ديالى لأغراض البستنة ومياه الشرب حصرا"، مشيراً إلى أن الوزارتين أكدتا على منع الزراعة داخل حدود الأهوار والمهارب الفيضانية في محافظات البصرة وواسط وذي قار وميسان.
ويدعو النايف المزارعين والفلاحين إلى الالتزام بالمساحات الإروائية المقرة بالخطة الزراعية حصرا، والالتزام بالضوابط القانونية بهذا الشأن من أجل المضي بموسم زراعي يسهم في توفير مرتكزات الأمن الغذائي للمواطنين.