"عائلات يضيع مستقبلها" في نزاعات ذي قار العشائرية
خاص- ارفع صوتك
يكاد لا يمر يوم من دون سقوط قتيل أو قتلى وجرحى في محافظة ذي قار في النزاعات العشائرية.
وقبل أيام انتهى نزاع عشائري في قضاء سوق الشيوخ، راح ضحيته 12 قتيلاً وجريحاً، بسبب مباراة كرة قدم.
يقول غسان حسن، وهو من سكنة القضاء، لـ"ارفع صوتك": "احترق محلي التجاري، الذي أعيل منه عائلتي.. ذهب كل ما أملك، لمجاورتي شخصاً ساهم بقتل آخرين خلال النزاع الذي نشب بسبب (لعبة خماسي كرة قدم)، فقد أحرقوا محله ووصلت النار محلي".
ويضيف بحُرقة "انتهى أمري، ولا أعرف أين اشتكي.. أطراف النزاع حرقوا بيوتاً ومحلات ومزارع، ودمروا مستقبل عائلات بأكملها، فيما يخشى المتضررون إبداء أي ردة فعل قانونية ومجتمعية، تجنباً لعواقب أشد وأمر".

"عائلات يضيع مستقبلها"
بدوره، يقول المسؤول المحلي في قضاء سوق الشيوخ كامل زغير، إن "عائلات بأكملها يضيع مستقبلها، بسبب النزاعات العشائرية المستمرة في قضاء السوق وبقية المناطق".
ويوضح لـ"ارفع صوتك"، أن "الصراع العشائري قد يشتعل لأسباب تافهة جداً، وربما يصل إلى استخدام الأسلحة الثقيلة وقنابل الهاون، لتهدم بيوت فوق ساكنيها وتحرق محلات وتثكل أمهات، ويمتد الثأر من جيل إلى جيل، ما يهدد السلم المجتمعي بشكل كامل".
"لا مكان للمتضررين في الأحاديث العشائرية، فهم يُعتبرون جزءاً من الصراع، ومن يريد حقه منهم فليشعل صراعاً جديداً مع الطرف الذي تسبب بحرق محله أو هدم منزله أو حتى قتل من قتل أحد ذويه"، يتابع زغير.
من جهتها، تقول الناشطة الحقوقية في سوق الشيوخ انتصار الباوي: "هذه شريعة غاب، أن تكون الغلبة للأقوى ولا يحق للمتضرر إبداء اعتراض على ما جرى له، فإما أن يحمل السلاح أو يضيع حقه".
وتتساءل: "أين دور الشرطة المجتمعية والقيادات الأمنية والوزارات والمؤسسات التي تكلف الدولة المليارات من الدولارات؟ لماذا هذا الصمت على ما يجري في ذي قار".
وتبيّن الباوي لـ"ارفع صوتك" أن "هناك نساءً وأطفالاً تعرضوا لعاهات مستديمة بسبب نزاعات عشائرية لم يكونوا طرفاً فيها".
وتشير إلى أن مستشفيات ذي قار "شاهدة على واقع حال المحافظة، التي لم تجن من الأحزاب سوى الخراب، فهذا الكم الهائل من السلاح المنفلت، قد يزلزل المحافظة بحرب أهلية لا هوادة فيها".
"ولدينا احصائيات مروعة عن حجم الخراب والأذى النفسي الذي تعرضت له نساء ذي قار بسبب فقدهن أزواجهن وأطفالهن وذويهن بسبب الصراعات العشائرية، وكلهن متضررات بلا أي تعويضات"، تؤكد الباوي.
وتقول إن "ذوي قتلى الصراعات العشائرية، يُتركون بلا تعويضات مالية ولا معنوية، فهم يتحولون إلى مادة لأخذ الدية من قبل الزعامات العشائرية التي تتقاسم دية القتلى، لتجبر العائلات المفجوعة بأبنائها على التنازل، وهذا ما يجعلهم بلا أي تعويضات أو رواتب تقاعدية من قبل الدولة".

"الجلوة العشائرية"
ويتعرض أبناء العشائر المتصارعة في ذي قار وبقية المحافظات، إلى ما يعرف بـ"الجلوة العشائرية"، وتعني "إجلاء الساكنين من العشيرة التي تفرض عليها الجلوة من قبل الأطراف المُصلحة، إلى مكان آخر، لإنهاء تجدد أي صراع ممكن، نتيجة وقوع قتلى من أحد الطرفين".
يقول حامد ربيع، وهو أحد وجهاء مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، إن "قرار إجلاء الساكنين قد يشمل عشرات العائلات التي لم تكن طرفاً في أي نزاع، سوى كونها تنتمي لذات القبيلة التي تخوض نزاعاً مسلحاً مع عشائر أخرى".
ويوضح لـ"ارفع صوتك": "ومن يتم إجلاؤه يتعرض لأضرار مادية ومعنوية جسمية، حيث يضطر لبيع ممتلكاته وبيته ليقيم في منطقة أخرى، ما يُحدث شرخاً مجتمعياً جديداً بين أبناء المنطقة الواحدة".
"أما الدولة بلجانها الخاصة بالعشائر في وزارة الداخلية ومجلس النواب وبقية المؤسسات، فلم تستطع إلى الآن تغيير وضع النزاعات العشائرية في ذي قار أو غيرها، ولا تراعي المتضررين من استمرارها"، يتابع ربيع.
ويطالب الحكومة الجديدة بـ"النظر إلى ملف العشائر ونزاعاتها في العراق، التي توقع عشرات القتلى والجرحى وتحدث أضراراً جسمية لعشرات العوائل الآمنة، التي لا ذنب لها لا كونها تسكن في مناطق النزاع العشائري، أو تنتمي لأحد أطراف النزاع".
