العراق

ما الذي يمنع المرأة من العمل في جنوب العراق؟

25 نوفمبر 2021

يرفض حازم كريم (49 عاماً) فكرة أن تعمل شقيقاته الثلاثة في مهن غير حكومية رغم ظروفهن المعيشية الصعبة. 

تقول إحداهن، وهي ابتسام (29 عاماً) لـ "ارفع صوتك": "طبيعة الحياة في المحافظات الجنوبية تفرض على المرأة قيوداً كثيرة لعل أهمها العمل". 

وتعيش ابتسام مع شقيقاتها في أسرة مكونة من 11 فرداً بمنزل واحد في محافظة ذي قار.

وتقع مسؤولية توفير لقمة العيش على أخويها حازم وأمير وهما متزوجان ولديهما ثلاثة أطفال.

تضيف ابتسام "المشكلة في المجتمع، إذ لا يتقبل بسهولة فكرة عمل المرأة بغير الوظيفة الحكومية، وعادة من تعمل في السوق تكون كبيرة في السن".

وتشير إلى أن الكثير من العائلات تشجع عمل النساء، في مهن غير حكومية، كالمحال التجارية وصالونات التجميل أو عيادات الأطباء، "لكن المشكلة في الخوف من المجتمع القبلي الذي ينظر لخروج المرأة من منزلها واختلاطها بالرجل بأنه مخالف للأخلاق والدين، وقد يؤثر على سمعتها وسمعة عشيرتها" وفق تعبيرها.

 

حرمان من الحقوق

حسب بيانات حكومية، فإن 87% من النساء العراقيات غير مستعدات أو لا يرغبن في دخول سوق العمل، فيما تواجه النسبة الباقية وهن الراغبات، تحديات مختلفة تعيق حصولهن على الوظائف.

تقول الناشطة الحقوقية زهراء علاء لـ"ارفع صوتك": "من النادر أن تجد النساء يعملن بعيدا عن منازلهن عندما تجوب شوارع الكثير من المحافظات والقرى والنواحي الجنوبية، لأن الكثير منهن محرومات من حقوقهن في العمل والدراسة، ولا يغادرن منزل الأسرة إلاّ للانتقال لمنزل الزوج بحكم العادات والتقاليد المتوارثة".

"أما اللواتي دخلن سوق العمل في محافظات أخرى، فقد تعرضن لمضايقات من الرجال، كالتحرش الجنسية أو إطلاق بعض الشائعات والأكاذيب عليهن لتخويفهن من الاستمرار"، تضيف علاء.

وتوضح: "الموضوع يتعلق بتقسيم المناطق حسب العشيرة التي تسيطر عليها، ويجب على جميع سكانها التماشي مع الطابع القبلي بعيدا عن القانون والمدنية وغير ذلك من أفكار، بعضها يعتبر ضد الأخلاق والدين، كحق المرأة في العمل". 

 

المساواة الجندرية

في إحصاءات حديثة لوزارة التخطيط العراقية، فإن أقل من 8% من النساء المستعدات للعمل، ينجحن في الحصول عليه فعلاً، إذ يسجل العراق رقما قياسيا في غياب المساواة الجندرية، ويحتل ثاني أدنى مرتبة بنسبة العمالة النسائية من بين 130 دولة.

كما تُظهر بيانات البنك الدولي، أن النسبة العامة للعمالة النسائية في الشرق الأوسط ارتفعت من 15% إلى 16% بين عامي 2014 و2017، إلا أن العراق شهد هبوطاً في نسبة تلك العمالة من 11% الى 8% خلال الفترة نفسها.

من جهتها، تقول المحامية سارة محسن لـ"ارفع صوتك"، إن هذه النسب "تكون أقل بكثير من المعلن عليها، خاصة بعد جائحة كورونا".

وترى أن بعض الأفكار المتعلقة بالوظائف الحكومية، تغيرت، إذ كان المجتمع العشائري ينظر لوظيفة المرأة في التعليم كالمعلمة في المدرسة على أنها "أفضل المهن وأكثرها احتراماً"، لكن ذلك تغير بعض الشيء،  وصار بإمكان المرأة العمل في المستشفيات والدوائر الإنتاجية وغير ذلك من المؤسسات بشرط أن تكون حكومية. 

وتضيف محسن، أن "المشكلة لا تقتصر على كون الرجل في العائلة هو المسؤول عن تقرير أو تحديد مصير المرأة في المحافظات الجنوبية، بل في عدم قدرتها على التذمر أو الرفض، بسبب العادات العشائرية الموروثة، التي قد تدفع لقتل المرأة التي ترفض الانصياع". 

وتشير إلى أن المرأة عموماً في الجنوب لا تُعامَل كالمرأة في العاصمة بغداد، من حيث حرية العمل وتقريرها لمصيرها، والسبب "النظرة الدونية للمرأة في الجنوب، باعتبارها غير مؤهلة اجتماعياً وثقافيا". 

وكان تقرير لوزارة التخطيط العراقية صدر عام 2018، أكد أن بعض الوزارات تحظى بنسبة عالية من الموظفات النساء، كالتربية والتعليم التي توظف ست نساء مقابل كل أربعة رجال.

غير أن هناك وزارات تعاني من التدني الشديد في نسبة وجود الموظفات فيها، في مقدمتها  الداخلية، حيث لا تتعدى نسبة النساء فيها 2% ووزارة النفط التي لا تتجاوز نسبة النساء فيها 10%.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.