تحذيرات عراقية من تأثيرات "مدمرة" لسد "الجزرة" التركي
خاص- ارفع صوتك
بعينين دامعتين، يودع صاحب كاظم الربيعي، مزرعته في محافظة نينوى شمالي العراق، ليقرر الذهاب إلى مدينة الموصل، بحثاً عن مهنة أخرى وسط أفواج العاطلين عن العمل.
يقول لـ"ارفع صوتك": "الجفاف وقلة الأمطار أنهت أي أمل بموسم زراعي يساعدنا على إدامة حياتنا، ورفع مستوى الإنتاج المحلي من الحنطة، فبعد أن كنا المحافظة الأولى بالإنتاج الزراعي، نواجه اليوم شبح الجفاف التام، بسبب إيران وتركيا".
من جهتها، تقول عبير مطاع، الموظفة في وزارة الموارد المائية: "حسب التقارير والأبحاث الدولية، التي تتابعها وزارة الزراعة ووزارة الموارد المائية، ليس هناك أي حل قريب لأزمة المياه المعقدة خلال السنوات القريبة المقبلة".
وتضيف لـ"ارفع صوتك"، أن العراق "من أكثر بلدان العالم تأثراً بالتغيير المناخي الذي يجتاح البيئة، وعندما يبلغ سكان العراق نحو 45 مليون نسمة بحلول 2025، سيضرب التصحر نحو 35% من الأراضي".
"وهناك معلومات خطيرة تشير إليها التقارير الدولية التي تعتمدها وزارة الزراعة، مؤكدةً أن نسبة الملوحة سترتفع لأكثر من 50% في الاراضي المزروعة، نتيجة موجة الجفاف القادمة وتمدد ظاهرة التصحر، وانعدام التقنيات التي تساعد على إدامة الخزين المائي في العراق"، تتابع مطاع.
وتؤكد أن البلاد ستواجه عجزاً مائياً خلال السنوات القليلة المقبلة، بمقدار يتجاوز 10 مليارات متر مكعب كل 12 شهراً، وسط توقعات من قبل خبراء البيئة بأن معدلات درجات الحرارة سترتفع بشكل غير مسبوق.
وأضاف ناجي في مؤتمر صحافي إن تركيا "لا تعترف بحقوق العراق التاريخية والطبيعية بنهر دجلة، كما أنها لا تعترف بقواعد القانون الدولي".
"رصاصة الرحمة"
بشكل غير مسبوق، يهدد الجفاف سد الموصل، وهو أهم السدود العراقية، حيث يقع في محافظة نينوى التي تعد سلة خبز العراق، كونها تضم نحو 6 ملايين دونماً زراعية.
كما أنه أكبر السدود في العراق، إذ يصل طوله لـ 3.4 كيلومترات، وارتفاعه لـ 113 مترا، وورابع أكبر سد في الشرق الأوسط.
يقول يشير حامد منخي، مسؤول شعبة الوعي الزراعي في محافظة نينوى: "خلال العام الماضي حققت نينوى الاكتفاء الذاتي من محصول الحنطة بإنتاج بلغ أكثر من 926 ألف طن".
وفي العالم الحالي، لم تنتج اسوى 95 ألف طن بسبب الجفاف وانعدام الأمطار.
ووفق وزارة الزراعة، فإن العراق يحتاج إلى 4,5 مليون طن من الحنطة، في وقت بلغ أقصى معدلات إنتاجه الحالي أقل من مليوني طن.
في الشأن ذاته، يقول وكيل وزارة الموارد المائية عون ذياب، لـ"ارفع صوتك": "ملء سد إليسو من الجانب التركي سبب ضرراً كبيراً بحصة العراق المائية، لكن الخطر كله يأتي من سد الجزرة، الذي يعني اكتماله وملؤه جفاف سد الموصل".
ويؤكد أن العراق مستمر بمخاطباته الرسمية، لرفض إنشاء سد "الجزرة" لما قد يتسبب به من تأثير سلبي كبير على إيرادات العراق كماً ونوعاً.
ويقع سد "إليسو" على نهر دجلة على بعد أقل من 70 كم من الحدود العراقية، بسعة تخزينية تبلغ 10,40 مليار متر مكعب.
وتبلغ قدرة محطته الكهرومائية حوالي 1200 ميغاوات. وتشغيله سوف يكون له تأثيرات كبيرة على نهر دجلة من النواحي الهيدرولوجية والهيدروجيولوجية والمورفولوجية والبيئية.
في المقابل، تقول تركيا إن "سد الجزرة سيكون مكملاً لسد إليسو، فهو يقع إلى جنوب إليسو بمسافة 35 كيلومتراً وعلى مسافة 4 كيلو متر شمال مدينة الجزرة قرب الحدود السورية. ويبلغ حجم الخزان الكلي للسد 1,2 مليون متر مكعب وتبلغ قدرة محطته الكهرومائية 240 ميغاوات".
ويرى خبراء أن اكتمال مشروع سد "الجزرة" يعني تحويل العراق رسمياً من منتج للمحاصيل الزراعية إلى مستورد، لأن إنشاء السد سيكون لغرض تحويل جميع المياه إلى الأراضي التركية عبورها الحدود الدولية التركية – العراقية.
ويشير صائب المندلاوي أستاذ الجغرافيا في كلية الآداب، إلى أن "اكتمال مشروع الجرزة دون أي اتفاقات ومذكرات تفاهم مع الجانب العراقي، ووفقاً لما تنشره وسائل الإعلام التركية، سيمثل رصاصة الرحمة في قلب الزراعة العراقية وتاريخها، بدءاً من سد الموصل وصولاً إلى شط العرب".