العراق

"التخطيط" العراقية: الجميع متفق على إجراء التعداد السكاني

07 ديسمبر 2021

خاص- ارفع صوتك

بعد نحو ربع قرن من الزمن على آخر تعداد سكاني، تتحرك السلطات العراقية لدفع ملف إجرائه مجدداً، وشهدت مساعي إقامته، تعطلاً، أكثر من مرة، لأسباب سياسية ومجتمعية.

بدوره، يؤكد المتحدث الرسمي باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، لـ"ارفع صوتك"، أن هناك توافقاً من قبل جميع الأطراف السياسية لإجراء التعداد، لا سيما بعد رفع حقل القومية من استمارة الإحصاء، الذي أثار ردود أفعال غاضبة. 

وتتحدث مصادر رسمية أن التعداد السكاني المزمع إجراؤه خلال عام سيكون إلكترونياً وستظهر أرقامه الإحصائية سريعاً خلافاً لما كان يجري سابقاً . 

وأعد الجهاز المركزي للإحصاء استمارة إلكترونية من المرجح اعتمادها بشكل نهائي في التعداد السكاني المقبل تتضمن نحو 75 سؤالاً، مخصصة للأسرة والأفراد والبيانات الديمغرافية والتعليم والعمل والهجرة. 

بدوره، وجه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في سبتمبر الماضي، اللجنة الخاصة بإعداد مشروع قانون موازنة 2022 بتضمين مخصصات مالية خاصة بكلفة إجراء التعداد. 

وجاء ذلك رداً على طلب تقدمت به وزارة التخطيط، إلى مجلس الوزراء من أجل تخصيص مبلغ 120 مليار دينار عراقي للتعداد العام. 

 

أسباب التأجيل

ورغم تعاقب أكثر من خمس حكومات على  العراق، بعد أبريل 2003، إلا أنها أخفقت جمعياً في تحريك ماكنة التعداد السكاني. 

لهذا السبب، ظل العراق يستخدم بيانات آخر تعداد أجري عام 1987، وشمل جميع المحافظات، بدلاً من تعداد عام 1997 الذي تم دون إحصاء إقليم كردستان. 

في نفس الوقت، اعتمدت أرقام مؤسسات شبه رسمية، وتقديرات وزارة التخطيط العراقية، التي صدرت مطلع العام الجاري 2021، حيث قالت إن عدد سكان العراق أكثر من 40 مليون نسمة، حوالي النصف من الإناث وأكثر بقليل من الذكور.

واعتمدت وزارة التخطيط في أرقامها المعلنة على بيانات وزارة التجارة ممن شملوا في البطاقة التموينية، وهو ما يجعلها محل اعتراض وتشكيك في عدم التسليم لدقة أرقامها، لأن ذلك الملف يشوبه الكثير من الشبهات والفساد. 

وكان مجلس النواب العراقي أصدر عام 2008، قانوناً عرف من خلاله التعداد العام بأنه "جميع الأرقام والبيانات المتعلقة بالنواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والصحية للسكان".  

وعادة ما تتضمن صحف الإحصاءات بيانات التعليم ومستوى المعيشة والقومية والدين والسكن وغير ذلك. 

ويعزو مراقبون ومعنيون بالشأن العراقي، أسباب تأخر إجراء السكاني في البلاد إلى دوافع سياسية تتعلق بالمناطق المتنازع عليها بين حكومة الإقليم في أربيل والحكومة الاتحادية في بغداد، وتأتي كركوك في مقدمتها. 

وكان من المرجح ان يجري العراق تعداده السكاني مطلع عام 2020، إلا أن الظروف الصحية التي رافقت تفشي وباء كوفيد-19 وما ترافق معه من احتجاجات غاضبة وأزمة مالية، أدى إلى تأجيله. 

وتنفي وزارة التخطيط بشكل رسمي، وجود أسباب سياسية وراء تعطيل إجراء التعداد.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.