مع أنها تدور في الأحياء والأزقة الشعبية، إلا أن ذلك لم يمنع أن يكون للمحيبس جمهورها المتسع يوماً بعد يوم حتى بات عشاقها على موعد سنوياً معها عند إطلالة أيام شهر رمضان، حيث يعود المنقبون مجدداً للبحث عن المحيبس (الخاتم) المفقود.
وعادة ما تدور أحداث التباري أو التنافس بين الفرق المشاركة في لعبة "المحيبس" على وقع معزوفات "الجالغي البغداي" وموائد الحلويات التي تنتظر قدوم الفائزين.
يشدد هواة "المحيبس" أن اللعبة "هوية عراقية" بامتياز، وجدت في حارات بغداد القديمة وانتشرت فيما بعد إلى الكثير من الأماكن الأخرى في وسط وجنوب البلاد.
تعتمد على الفراسة وتشتهر في العراق
— IrfaaSawtak ارفع صوتك (@IrfaaSawtak) May 1, 2021
ماذا تعرف عن لعبة المحيبس؟ pic.twitter.com/WpxOELlpoo
وتدور فكرة لعبة المحيبس أو الخاتم في التفتيش عنه والتوقع في أيدي من خبئ من بين أعضاء الفريق المنافس الذي غالباً ما تكون أعداده من 5 أشخاص فأكثر.
وللعبة قواعد والتزامات تُفرض على المتبارين كما لديها مصطلحات خاصة كـ"التالول"، وهو الشخص الذي يقوم بتحديد المحبس، وكذلك كلمة "طلك ومعناها "أطلق يدك"، أي افتحها عندما يتأكد التالول عدم حملها للـ"محيبس"، إضافة إلى الكلمة الشهيرة "بات"، التي تعني أن توقعك كان خاطئاً في "عظمة" (كف) من يختبئ المحبس.
إلا أن تلك اللعبة لم تعد هواية شعبية حصيرة المجالس الخاصة كما جرت عليه العادة منذ سنوات، إذ إنها ثبتت ضمن لجنة مركزية تابعة لوزارة الشباب والرياضة مؤخراً.
#رمضان لعبة المحيبس اللعبة التراثيةالمشهورةفي العراق خلال شهررمضان المبارك ويُقال ان اصل اللعبةيرجع لاحد الخلفاءالعباسيين بعدان تم فقد خاتمه اثناءجلسات الخليفةمع ندمائه بعدصلاة التروايح في رمضان بقصدممازحته اخفى احدهم الخاتم في يديه وشاركه باقي الاصدقاء ومن يجده يتم تكريمه pic.twitter.com/1O5V9EsNDE
— 🇮🇶الخَاتُونْ🇮🇶 (@KHATONARA) May 29, 2019
جاسم الأسود، رئيس اللجنة المركزية وأحد لاعبي المحيبس المعروفين، يقول إن "هنالك توسعا كبيراً في مريدي المحيبس حتى بات لدينا أكثر من 400 فريق من مختلف محافظات العراق".
ويوضح جاسم الأسود، في حديث لـ"ارفع صوتك"، أنه "سابقاً كانت أعداد الفرق وحتى عام 2003، لا تتجاوز 32 فريقا"، لافتاً إلى أن "الإقبال الكبير على اللعبة جاء نتيجة تطبيقات السوشيال ميديا التي أسهمت بشكل كبير في تحشيد الجمهور نحوها".
وأنهت اللجنة المركزية قبل يومين كافة الاستعدادات لبدء البطولة الرمضانية التي ستنطلق في 31 مارس على قاعة ملعب الشعب، وتستمر حتى اليوم الأخير من شهر رمضان.
الأسود يؤكد أن "البطولة ستكون مركزية وسيتنافس على لقبها أكثر من 50 فريقاً من كافة مدن العراق وستجري مبارياتها بواقع 3 منافسات في اليوم الواحد".
وفي الوقت ذاته، يشير الأسود إلى أن "هنالك منافسات محلية تجري في العديد من المحافظات، خصوصاً للفرق التي لم يسمح لها المشاركة في البطولة المركزية بسبب عدم القدرة الاستيعابية لضم الجميع".
وعن تاريخ اللعبة، يبين رئيس اللجنة المركزية أنه "بحسب المسموعات المتوارثة عن الآباء والأجداد أنها كانت تمارس منذ زمن العصر العباسي على الرغم من عدم وجود ما يوثق ذلك تاريخيا".
وغالباً، ما تتصدر فرق معينة المواقع المتقدمة في البطولات التي تقام ضمن لعبة المحيبس، بينها الكاظمية والطوبجي والأعظمية والفضل والكرادة في بغداد، وكربلاء، والنجف، والبصرة.
ويؤكد المهتمون باللعبة أن دورها لا يقتصر على الترفيه فحسب، وإنما لها وقع في تعزيز اللحمة الوطنية وتشبيك العلاقات الاجتماعية.
تعتبر لعبة "المحيبس" موروثا شعبيا قديما لدى كل العراقيين وبالأخص خلال شهر رمضان، حيث تلعب هذه اللعبة بعد الإفطار وتتكون من فريقين، كل فريق من 25 لاعب وأكثر.
— IrfaaSawtak ارفع صوتك (@IrfaaSawtak) April 27, 2021
يخرج من كل فريق "كابتن" ليبحث عن "المحبس" بين أكثر من 50 يد. pic.twitter.com/crdsIajUc9
عمار مجيد رئيس فريق الأعظمية يؤشر حادثة مهمة تتعلق بجسر الأئمة الذي يربط بين الكاظمية والأعظمية الذي ظل مغلقاً خلال الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد عام 2008.
ويبين مجيد لـ"ارفع صوتك" أنه "تم اختيار الجسر مكاناً لإقامة لعبة المحيبس بين المنطقتين ليتم على إثر ذلك الملتقى إعادة افتتاحه مجدداً من قبل القوات الأمنية بعد أن أسهم ذلك في تعزيز وحدة وتماسك أطياف الشعب العراقي".
ويتابع بالقول:" أضحى المحيبس اللعبة الثانية الأكثر جماهيرية بعد كرة القدم. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال الحضور الذي يسجل خلال انطلاق تلك المباريات خلال شهر رمضان".
ويعكف مجيد على استكمال مؤلف بعنوان "قرن على لعبة المحيبس"، الذي يؤرخ لبدايات تلك الهواية و"الهوية البغدادية" في العراق الحديث كما يقول.
وتشكل الفراسة وفن التقاط الإشارات وتغير الملامح أهم نقاط القوة التي يرتكز عليها الباحث عن الخاتم (التالول) بين أيدي الفريق الخصم. ويشتهر العراق بأسماء لاعبين معروفين أمثال جاسم أسود، وكريم الخطاط، وخالد عليوي، وسالمين، وصلاح أبو سيف، وعبد الله بروص، وفاضل الكرادي، وسالم النقاش.