A general view of the Citidal in the northern Iraqi city of Kirkuk, on June 14, 2014. A major militant offensive launched on…
منظر عام لقلعة كركوك التاريخية.

تواجه العديد من المواقع الأثرية التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين في محافظة كركوك خطر الزوال إثر الظروف المناخية والتجاوزات على البعض منها، وكذا بسبب الإهمال والتهميش الذي تعانيه.

ويخشى مواطنو كركوك فقدان جزء كبير من تاريخ مدينتهم مع انهيار هذه المواقع الأثرية، فيما تؤكد المديرية العامة للآثار في المحافظة على أنها تعمل بشكل دؤوب من أجل الحفاظ على هذه المواقع رغم ما تعانيه من نقص مادي.

وتقول شيماء بكر، وهي مُدرِّسة من كركوك، لموقع "ارفع صوتك": "تمتلك كركوك عدداً كبيرا من المواقع الأثرية المكتشفة إلا أننا لا نستطيع أن نزور هذه المناطق بسبب الدمار الذي تعانيه. وهذا أمر حزين جدا لأننا نرى هذه الآثار، التي هي شاهدة على ما وصل إليه آباؤنا وأجدادنا من تطور، تتجه نحو الزوال ولم نستطع نحن أحفادهم وفي عصر التطور أن نحافظ على هذا الإرث"، داعية الحكومة في بغداد إلى التحرك السريع من أجل إنقاذ آثار كركوك.

يوجد في كركوك أكثر من 800 موقع أثري كثير منها مهدد بسبب الإهمال والمناخ.

وبحسب المدير الفني السابق في مديرية آثار كركوك شيدا محمد أمين، يبلغ عدد المواقع الأثرية المسجلة في المحافظة نحو 800 موقع أثري موزع على مناطق المحافظة المختلفة.

ويضيف أمين لموقع "ارفع صوتك": " 90%من هذه المواقع الأثرية تعرضت للدمار بسبب الظروف المناخية والتجاوزات، ومنها التجاوزات الزراعية على التلال الأثرية، وهناك مواقع أثرية مُحيت بالكامل. المديرية لا تستطيع أن تصل إلى عدد من هذه المواقع الأثرية بسبب الأوضاع الأمنية ومواقعها التي تقع في المناطق النائية، إلى جانب المواقع الأثرية التي دمرها داعش مثل مرقد شيخ حما ومرقد الإمام إسماعيل في ناحية العباسي غرب كركوك"،  مشيرا إلى أن عدد البيوت التراثية التي كانت ما تزال متبقية في قلعة كركوك عند سقوط النظام السابق عام 2003 كانت 50 بيتا. لكن هذه البيوت بمرور السنوات الماضية هي الأخرى تعرضت للدمار.

ويشير الكاتب المختص بالمجال الأثري معتصم ساليي لموقع "ارفع صوتك" إلى  أن "مبنى القشلة في كركوك يعاني من الدمار، وكذلك قلعة كركوك التاريخية"، مشددا على  ضرورة "أن تلقى المواقع الأثرية الاهتمام اللازم من الجهات المعنية ومن أهالي كركوك لأنها جزء من تاريخ المدينة وتراثها".

"حاليا، لا تشهد المواقع الأثرية في كركوك أي زيارة من السياح الأجانب بسبب ما تشهده من دمار. كان من المفترض أن تكون هذه المواقع مشابهة لنظيراتها في العالم من حيث الاهتمام"، يقول ساليي.

قسم من المباني الاثرية المدمرة في كركوك.

ويوضح الباحث الأثري أن أحد المواقع الأثرية الموجودة في كركوك، ويدعى منطقة "عرفة"، كان قبل آلاف السنين يسمى "آربخا" وهي عاصمة الحضارة "الگوتية". ويؤكد: "لا توجد حاليا أي إشارة إلى الآثار في هذه المنطقة، في حين أنها كانت واحدة من أهم المدن في تاريخ بلاد ما بين النهرين".

ويعتبر الكاتب الكركوكي الآثار في كركوك مهمشة بسبب غياب اهتمام الحكومة في بغداد بها وانقطاع النشاطات التنقيبية المحلية أو الأجنبية في المدينة منذ أكثر من عامين.

 

وانتهت آخر البعثات الخاصة بالتنقيب عن الآثار من أعمالها في كركوك نهاية عام 2020. ولا تشهد المدينة حاليا أي عمليات تنقيب، لكن المدير عام للأثار في كركوك رائد العبيدي كشف لموقع "ارفع صوتك" أن "عمليات التنقيب ستبدأ في كركوك خلال الفترة المقبلة"، دون ذكر تفاصيل أخرى.

وبحسب مديرية الآثار، تعود المواقع الأثرية المنتشرة في محافظة كركوك إلى العديد من الحقب الزمنية، كالآشورية والآكدية والفرثية والساسانية والإسلامية. وقد أثبتت عمليات التنقيب تواجد هذه الحضارات على أرض كركوك.

 ويضيف العبيدي: "مقارنة مع عدد المواقع الأثرية، تعتبر نسبة التنقيبات قليلة جدا، لأن عمليات الكشف الآثري والتنقيب تحتاج مبالغ مالية كبيرة جداً، وعدم وجود مثل هذه التخصيصات تسبب في عدم تمكنا من الكشف والتنقيب عن المواقع الأثرية".

قلعة كركوك التاريخية.

ويشير العبيدي إلى أن كوادر مديريته يعتمدون في عمليات التنقيب على المواد البسيطة مثل المعول والفرشاة والأدوات اليدوية، إذ لا يمتلكون حتى الآن أي أدوات حديثة خاصة بالتنقيب والكشف عن الآثار.

ولا يخفي العبيدي مخاوفه من عوامل التعرية والسيول والتجاوزات التي قد تحصل وتزيل بعض المواقع، مؤكدا أن مديرية اثار كركوك تجري جولات تفتيشية وتفقدية مستمرة من أجل الحفاظ على الآثار في المدينة وحمايتها، كاشفا عن حاجة مديريته إلى درجات وظيفية خاصة بحراسة المواقع الأثرية وكوادر مختصة بالآثار إلى جانب دعم مالي من أجل تنفيذ المديرية لكافة أهدافها في مجال التنقيب وحماية الآثار في المحافظة.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.