العراق

"الغاز" وهدف معلن آخر.. ماذا تريد تركيا في شمال العراق؟

27 أبريل 2022

نقلا عن موقع الحرة

تدخل العملية العسكرية، التي أطلقتها تركيا شمالي العراق تحت اسم "المخلب القفل"، أسبوعها الثاني، وفي الوقت الذي أعلنت فيه أنقرة عن "تحقيق عدة نقاط"، كشفت وسائل إعلام وصحف، الأربعاء، عن "هدف وحيد تسعى إلى تطبيقه في المرحلة المقبلة".

ويعني ذلك أن العملية ستستمر، بعيدا عن أي مسار زمني يحكم تطوراتها، سواء على المدى القريب أو البعيد.

وكانت بغداد اعتبرتها مؤخرا "انتهاكا سافرا لسيادة العراق وتهديدا لوحدة أراضيه لما تخلفه العمليات من رعب وأذى للآمنين من المواطنين العراقيين"، وذلك في موقفٍ جاء ردا على حديث الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان بأن بلاده "تتعاون بشكل وثيق مع الحكومة العراقية المركزية والإدارة الإقليمية في شمال العراق".

وتنفّذ تركيا عادة هجمات في العراق، ضد مسلحي "حزب العمال الكردستاني" المصنف على قوائم الإرهاب، الذي يمتلك قواعد ومعسكرات تدريب في منطقة سنجار وفي المناطق الجبلية في إقليم كردستان العراق.

لكن الهجمة الحالية تختلف عن السابق، وفق مراقبين في عدة نقاط، أولها أنها تستهدف منطقة بدرجة "غاية من الحساسية"، إضافة إلى كونها تأتي في توقيت لافت. وهذا ينسحب على الداخل العراقي والتركي، وأيضا على المشهد الدولي ككل.

 

"منطقة آمنة وقواعد"

وإلى جانب ما سبق قد يكون "الهدف الوحيد" الذي ترسمه أنقرة لـ"المخلب القفل" أبرز ما يميزها. وهذا الهدف، بحسب ما ذكر موقع "TRT" الحكومي، الأربعاء، يتمثل بـ"تطهير ممر الإرهاب في زاب وماتينا وأفاشين باسيان، وإنشاء منطقة آمنة". 

وستمتد العملية إلى عمق 60 – 70 كيلومترا، على أن يتبع ذلك إنشاء "قواعد عسكرية مؤقتة"، ونقاط تفتيش عسكرية.

وأضافت صحيفة "يني شفق": "بذلك سيتم تعزيز أمن الحدود بشكل أكبر، وسيكون الطريق للخروج من جبال قنديل مغلقا". 

وصرحت وزارة الدفاع التركية، في وقت لاحق، بأنه تم إطلاق العملية بعد أن تأكد لديها استعداد المسلحين لشن "هجوم واسع النطاق".

لكن في المقابل لم يصدر أي تعليق من جانب إقليم كردستان حتى ساعة إعداد هذا التقرير.

بدوره، يقول عبد السلام برواري النائب السابق في برلمان كردستان عن "الحزب الديمقراطي الكوردستاني" إنه "لا يوجد أي تنسيق بين تركيا مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني"، بشأن الهجمات الحالية.

ويضيف في حديث لموقع "الحرة": "هنالك في إقليم كردستان حكومة الإقليم ومؤسسات دستورية، وليست لأي حزب إمكانية القيام بما تدعيه الصحف".

وكان لافتا إطلاق "المخلب القفل" بعد 3 أيام من زيارة أجراها رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مسرور بارزاني إلى أنقرة، حيث التقى إردوغان ورئيس الاستخبارات التركية، حقان فيدان. وهذا ما اعتبر بأنه "يشي عن حالة تنسيق قد تم الاتفاق عليها".

وقال بارزاني عقب محادثاته مع إردوغان إنه يرحّب "بتوسيع التعاون لتعزيز الأمن والاستقرار" في شمال العراق.

لكن برواري اعتبر أن "نوايا الأتراك تتعلق بضعف الموقف الرسمي العراقي الذي تنتهك سيادته"، مشيرا: "لذلك يعطي الأتراك لأنفسهم الحق في إطلاق مثل هذه الادعاءات".

والمنطقة التي تجري فيها العملية التركية الآن كان "حزب العمال" قد استولى عليها من قبل، وفق برواري.

كما "منع إعمار قراها التي تم هدمها في عهد صدام حسین، وهي شریط حدودي بعرض 5 - 10 کیلو مترات، ومنذ عام 1992 تقوم ترکیا بعملیات عسکریة فیها".

ويوضح أن "وجود عناصر حزب العمال علی أراضي إقليم كردستان العراق الغرض منە إعطاء الأتراك مبرر للقیام بمثل هذە العملیات".

 

"سيناريوهات المنطقة الآمنة"

وتكتسب المنطقة التي تركز عليها العملية التركية "أهمية كبيرة"، كونها الممر البري المتبقي لـ"حزب العمال" إلى تركيا، بحسب ما يوضح الباحث السياسي المختص بالشأن التركي، محمود علوش. 

وبالنظر إلى وعورة هذه المنطقة المليئة بالكهوف والتحصينات، والحاجة إلى البقاء العسكري الدائم فيها لتأمينها بعد السيطرة عليها، "فإن الأمر يحتاح وقتا لتحقيق أهداف الهجوم".

ويقول الباحث لموقع "الحرة" إن "الخطط التركية لإقامة قواعد عسكرية دائمة في المنطقة قد تؤدي إلى توتير علاقاتها مع بغداد بشكل أكبر".

وبينما "تتعاون أربيل مع أنقرة بخصوص العملية، ولها مصلحة في إضعاف حزب العمال وتأمين خط أنابيب نفط كركوك جيهان"،  إلاّ أنّ دفع مسلحي الحزب جنوبا "يخلق إشكالية أمنية لها في المستقبل".

وحول مشروع "المنطقة الآمنة" على طول الحدود العراقية، يضيف علوش أنه "جزء من تصور تركي لمنطقة آمنة تشمل الحدود مع سوريا أيضا".

ولطالما كرر إردوغان، خلال السنوات الماضية، أنه يسعى لإنشاء منطقة آمنة على طول الحدود الشمالية من سوريا، وذلك لتحقيق أهداف عدة، من بينها إعادة جزء كبير من اللاجئين السوريين في تركيا إليها. 

ومع الحديث اللافت الآن عن المنطقة الآمنة في شمالي العراق، يبدو أن الأمر مرتبط من الناحية الأمنية والعسكرية بشكل أساسي. 

ويرى الباحث علوش أن "أي نجاح تركي في شمال العراق لا يمكن أن يحدث دون نجاح مماثل في سوريا". 

ويتطلب الأمر "قطع خطوط الإمداد والتواصل البري بين حزب العمال الكردستاني والوحدات الكردية عبر سنجار". 

لكن هذه الفرضية "ستجر فاعلين آخرين إلى الصراع كالحشد الشعبي المتحالف مع العمال الكردستاني في سنجار".

 

"جزء من عملية شاملة"

وهناك اتفاقية مُبرمة بين بغداد وأربيل بخصوص إرساء الأمن في سنجار، لكنّها لم تُنفذ لأن الحكومتين عاجزتان عن فرضها على "الحشد الشعبي" و"العمال الكردستاني". 

وتخشى أنقرة، وفق الباحث علوش "من أن تصبح سنجار جسرا بريا يربط حزب العمال الكردستاني في شمال العراق بوحدات حماية الشعب وفروع أخرى في شمال شرق سوريا".

من جهته يقرأ الباحث السياسي العراقي، مجاهد الطائي العملية التركية الأخيرة بأنها "جزء من عملية شاملة، تستهدف تأمين المصالح التركية بشكل أساسي، وما تعتبره أنقرة أمنها القومي، الذي يتعرض لتهديد من حزب العمال".

ويطمح الحزب "لتكوين معاقل مؤمنة في جبال سنجار كجبال قنديل والاتصال الدائم بمثلثي الحدود التركي – الإيراني - العراقي ، والسوري - التركي - العراقي، خاصة بعد إقامة تواصل وتعاون مع ميليشيات قسد في سوريا".

ويشير الطائي في حديث لموقع "الحرة" إلى "هدف غير معلن" يقف وراء العملية الحالية. 

ويختصر ذلك بأن "العملية التركية تريد تأمين المناطق المفترضة لإنشاء أنابيب الغاز الجديدة، بمشروع طموح من كردستان إلى تركيا يعوض الغاز الإيراني".

وذلك ما "جعل حزب العمال يبدأ بخلق بؤر عدم استقرار في المناطق المستهدفة، بتوافق مصلحي تكتيكي مع إيران التي ستتضرر من المشروع. لقد أرسلت رسالة بنفسها بصواريخ بالستية ضربت أربيل قبل أسابيع"، وفق الطائي.

 

هل يمكن حسم الصراع؟

وحتى الآن لا توجد مؤشرات فعلية على الأرض بأن الخريطة الميدانية في شمال العراق ستتغير بشكل جذري في الأمد القريب، بمعنى أن حدود "المنطقة الآمنة" التي تتحدث عنها المصادر التركية سترسم فورا.

وفي المقابل تشي معظم تصريحات الساسة الأتراك بأنه لا نية للتراجع من المناطق التي دخل إليها الجيش التركي. وهذا ما تؤكده أيضا "القواعد العسكرية المؤقتة"، والتصور الذي يدور الحديث عنه بشأن "المنطقة الآمنة" على الحدود.

ولا يمكن حسم الصراع مع "حزب العمال"، ولا لأي تنظيم يقاتل في الجبال بأسلوب حرب العصابات ويحمل إيديولوجيا ويتلقى دعما إقليميا ودوليا، بحسب ما يعتبر الباحث العراقي، مجاهد الطائي. 

لكن عملية "المخلب القفل" "تحد من تحركات الحزب، وتضعه تحت الضغط وبموضع الدفاع".

ولا يعتقد الباحث أن تكون هناك انعكاسات كبيرة على الوضع العراقي ككل؛ ولا حلول في الأفق. 

ويوضح أن "الوضع في سنجار والحدود معقد للغاية، وهناك اعتبارات ومعطيات وإرادات تجعل من المستحيل إنهاء الصراع مالم يكن هناك توافق محلي إقليمي – دولي. من المستحيل حصول ذلك في المرحلة الحالية".

ويتوافق ذلك مع وجهة نظر المحلل السياسي التركي، فراس رضوان أوغلو، بقوله إن "تصور المنطقة الآمنة وارد من الناحية الأمنية والعسكرية"، لكنه سيسبب توتر، بسبب رفض بغداد للتواجد التركي. 

ويقول رضوان أوغلو لموقع "الحرة" إن "القفل المخلب" مستندة أولا على معلومات استخباراتية وما شابه ذلك.

كما أن توقيتها يرتبط بمسعى استغلال الأوضاع سواء في العراق والأزمة السياسية التي يعيشها أو الحرب الروسية الأوكرانية. 

وهناك نقطة ثالثة تتعلق بالعالم الغربي وأمريكا وهما اللذان "لن يضغطا لأنهم يحتاجون تركيا في الوقت الحالي"، بحسب المحلل السياسي. 

ويضيف: "قد تعزل العمليات التركية الجزء العراقي لحزب العمال عن الجزء السوري هو أمر مهم، لكنه يحتاج إلى مجهود كبير". 

مواضيع ذات صلة:

فقد تنظيم داعش مصدر تمويله الرئيسي، النفط، بعد خسارته لأراضيه في سوريا والعراق.
فقد تنظيم داعش مصدر تمويله الرئيسي، النفط، بعد خسارته لأراضيه في سوريا والعراق.

يبدو تنظيم داعش، عندما يتعلق الأمر بالتمويل والبحث عن مصادر دخل تنعش موارده المتدهورة، أشبه بكيان متمرس في عالم المافيا والجريمة المنظمة. الكثيرون، بمن فيهم أمراء كبار، انشقوا عنه حينما صدمتهم هذه الحقيقة. 

قيادة التنظيم نفسها تدرك جيدا أن تسليط الضوء على هذا الجانب من نشاطات التنظيم يقوض الصورة التي رسمها لنفسه أمام أتباعه وأنصاره. لذلك لم يتبنَّ يوما أي عملية قتل أو تخريب قام بها باسم جباية ما يسميها "الكلفة السلطانية" رغم أن جزءا من جهوده، لا سيما في شرق سوريا، مكرس لهذا النشاط الشنيع.

 

الكلفة السلطانية

 

منذ خسارة التنظيم للمساحات الشاسعة التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق، وما نجم عن ذلك من فقدانه لما تدره عليه المعابر وحقول النفط من موارد مالية كبيرة، فَعّل التنظيم عددا من "الخطط الاقتصادية" البديلة كان من بينها جباية ما يسميها "الكلفة السلطانية".

تعد " الكلفة السلطانية" نشاطا مدرا للدخل إلى جانب نشاطات أخرى ضمن "اقتصاد الحرب" تضخ في خزينة التنظيم أموالا طائلة، مثل التهريب، والاختطاف، وتجارة الآثار، والسطو على البنوك ومحلات الصرافة، واستحواذه على احتياطات العملة الصعبة والذهب في المدن التي اجتاحها، ونهب ممتلكات الطوائف الأخرى وغيرها.

تزامنت ثورة مواقع التواصل الاجتماعي مع الصعود السريع لتنظيم داعش عام 2013.
"داعش".. خلافة رقمية يطوقها مارد الذكاء الاصطناعي
الشركات التكنولوجية الكبيرة شرعت منذ 2017 في الاعتماد كليا على خوارزميات الذكاء الاصطناعي لرصد وحذف المواد التي تروج للتطرف العنيف على منصاتها، بينما اقتصر دورها في السابق على تكميل جهود فرق بشرية يقع على عاتقها عبء هذه العملية برمتها.

لعدة سنوات ظل التنظيم يجمع " الكلفة السلطانية" لاسيما في مناطق الشرق السوري، حيث تنتشر حقول النفط، والمساحات الزراعية، وممرات التهريب، والمتاجر ومحلات الصرافة. لكنه لم يكن يتحدث عن ذلك لا في إعلامه الرسمي ولا الرديف، بل وتحاشى الاشارة إليها حتى في مراسلاته الداخلية، لأنه يدرك أن جدلا محموما سينتج عن ذلك، وسيحتاج إلى فتاوى دينية وجهود دعائية كبيرة لإقناع أتباعه بـ"وجاهة" أفعاله، وقد خرج أعضاء سابقون في التنظيم ونشروا على قنواتهم الرقمية "أن إرغام المسلمين غصبا وبحد السيف على إعطاء جزء من حلالِهم لثلة من المفسدين في الأرض هو عمل عدواني لا يقوم به إلا أهل البغي وقطاع الطرق".

 

ضريبة على رعايا الخليفة!

 

ينبغي التفريق هنا بين ما ينهبه التنظيم ممن يعتبرهم "كفارا ومرتدين" والذي يسميه ب"الفيء" و"الغنيمة" وبين ما يجبيه باسم "الكلفة السلطانية". فالكلفة السلطانية هي ضريبة يؤديها "المسلمون ورعايا الخليفة" بالقوة والإكراه، أي أن المستهدفين بها هم في عرف التنظيم من المسلمين الذين "لا تحل أموالهم ودماؤهم" ولا تدخل "الكلفة السلطانية" أيضا ضمن الزكاة الواجبة التي تتم جبايتها قسرا من المسلمين من طرف أمنيي التنظيم.

وبعد انكشاف أمر عمليات السطو والنهب هذه لم يجد التنظيم بدا من الحديث عنها في مراسلاته الداخلية، وانتداب أحد شرعييه لصياغة فتوى لتسويغها من الناحية الدينية.

صاغ أبو المعتصم القرشي، وهو أحد كوادر "المكتب الشرعي" لـ"ولاية الشام" فتوى مطولة في 12 صفحة، وحشد فيها مجموعة من النصوص الدينية والقواعد الأصولية التي اعتبرها "أدلة شرعية" على جواز نهب أموال المسلمين بالقوة والإكراه!.

عَرّف القرشي الكلفة السلطانية بأنها " الأموال التي يطلبها الإمام من الناس لأجل مصلحة شرعية". ولعجزه عن إيجاد نصوص قطعية من الكتاب والسنة لتبرير هذه "البدعة الداعشية"، فقد لجأ إلى القواعد الأصولية من قبيل" يُتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام" و" درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، و" تفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعلاهما"، و"ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب".

يعني هذا ببساطة أن مصلحة استمرار عمليات التنظيم والحفاظ على قوته ومقدراته مقدمة على مصالح الناس الأخرى، وأن تواصل عمليات التنظيم باعتبارها "جهادا مقدسا"  إذا لم يتم إلا بالسطو على أموال الناس فيجب السطو عليها.

أكد القرشي في نص فتواه جواز استخدام العنف والقوة لجباية الأموال، قائلا: "لا شك أن المال عصب الجهاد، والإعداد لا يكون إلا به، فتحصيله وتوفيره واجب على الإمام ولو بالقوة والإكراه"، ومن امتنع عن أداء "الكلف السلطانية جاز للإمام أو من ينوب عنه أن يعزره بشكل يكون رادعا له ولغيره حتى يؤدي ما عليه من الحقوق المالية في هذا الشأن".

أما الفئات الاجتماعية المستهدفة بهذه الضريبة، فقد قدم أبو المعتصم سردا طويلا بأصحاب المهن والمحلات التجارية والأطباء والصرافين والفلاحين والمدارس والكليات وتجار الدجاج والبيض وتجار المواشي والمستشفيات. ولم يترك أي نشاط مدر للدخل إلا وأشار إليه ضمن الذين فرض عليهم دفع "الكلف السلطانية"، ولم يستثن سوى أصحاب البسْطات على الأرصفة.

أخطر ما في الفتوى هو أن الممتنع عن أداء ما يطلبه التنظيم من أموال سيكون مصيره القتل والحكم عليه بالردة، و" طريقة استخدام القوة تتفاوت حسب المعاندة والممانعة بين التهديد، والإتلاف لبعض المال، أو التعزير، أو التغريم المالي وحتى الجسدي، ثم القتل إذا استعان الممتنع بشوكة الكفار والمرتدين على المجاهدين فعندها يُطبق عليه حكم الردة" حسب تعبير أبي المعتصم القرشي.

 

معاناة الناس في شرق سوريا

 

في شرق سوريا، يتم استخلاص هذه الضريبة بعد توجيه رسائل تهديد بأرقام دولية عبر تطبيق واتساب إلى المعنيين، وتخييرهم بين دفع "السلطانية" أو مواجهة خلايا الاغتيال، بعد تخريب ممتلكاتهم وتقويض مشاريعهم التجارية والاستثمارية.

وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد ارتفعت هذا العام نسبة تلك الضرائب إلى حد كبير جداً مقارنة بالسنوات الفائتة، حتى بلغت نحو 616 ألف دولار من تجار النفط والمستثمرين.

وحصل المرصد على إفادة من أحد العاملين في شركة مستثمرة في قطاع النفط في المنطقة الشرقية (دير الزور) تقول بأن الشركة رفضت دفع كامل المبلغ المطلوب منها تحت مسمى "الكلفة السلطانية"، والتي قدرها التنظيم بنصف مليون دولار أميركي، ودفعت بدلها 300 ألف دولار، لكن التنظيم هدد سائقي صهاريج المحروقات التي تعمل لصالح الشركة بالاستهداف إذا لم يتم دفع المبلغ كاملا في غضون أسابيع، ولم يعد لدى الشركة خيار آخر سوى تدبير ما تبقى من المبلغ.

مستثمر آخر في قطاع النفط توصل برسالة عبر تطبيق الواتساب من رقم دولي مفادها بأن عليه دفع "الكلفة السلطانية" البالغ قدرها 75 ألف دولار، وعدم إخبار أي جهة تابعة لقسد أو التحالف الدولي بذلك ووجهت له تهديدات في حال التبليغ أو عدم دفع المبلغ خلال أسبوع، وأن خلايا التنظيم ستقوم بزرع عبوة في سيارته أو حرق بئر النفط الذي يعود له.

ولفت المرصد إلى أن خلايا داعش في بادية ريف دير الزور الشرقي تفرض ضرائب تتراوح بين 1000 و3500 دولار، في مناطق ذيبان وحوايج ذيبان وجديد بكارة، على المستثمرين الذين يعملون على توريد المحروقات إلى "سادكوبى" التابعة للإدارة الذاتية في دير الزور.

يعمد التنظيم أيضا إلى حرق المحاصيل الزراعية التي تعود للفلاحين الذين رفضوا الرضوخ لابتزازه ودفع الأموال التي يطلبها منهم، ورمي القنابل اليدوية على منازل الأثرياء، وعيادات الأطباء، وقد هرب عدد من الأطباء من المنطقة الشرقية بعدما أثقل التنظيم كاهلهم بالضرائب و"المكوس"، ولا سيما وقد وضعهم في رأس قائمة أهدافه لأنهم -حسب اعتقاده- يجنون الأموال أكثر من غيرهم.