شهد العراق، خلال الشهر الماضي، أكثر من خمس عواصف ترابية أدت إلى دخول عشرات إلى المستشفيات لتلقي العلاج لإصابتهم بمشكلات في الجهاز التنفسي، وغلق مطاري بغداد والنجف لعدة ساعات.
والأحد تعرضت أنحاء العراق للعاصفة الترابية السادسة،في ظاهرة يزداد تكرارها، فيما سجلت نحو مئة حالة استشفاء جراء رداءة الجو.
ويعد العراق من الدول الخمس الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحر في العالم خصوصا بسبب تزايد الجفاف، مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز لأيام من فصل الصيف خمسين درجة مئوية.
وفي لقاء مع وكالة الأنباء العراقية، قال وكيل وزارة الزراعة، ميثاق عبد الحسين إن "قلة التخصيصات المالية، وتأخر إقرار الموازنة، هما من أحد العوامل التي أسهمت في تأخر تنفيذ بعض الخطط الخاصة بمكافحة التصحر وتثبيت الكثبان الرملية".
وأضاف أن "شح الأمطار أيضا أدى إلى جفاف وقلة في الغطاء النباتي، خصوصا بالمناطق المكشوفة في الصحراء غرب العراق، وهي ممتدة إلى دول مجاورة أيضا، وبدأت تشكل ظاهرة مناخية حادة، مما يقتضي جهدا مشتركا مع جيراننا لمكافحتها (الظاهرة)".
وأشار إلى أن "الارتفاعات العالية للعواصف الغبارية تجعل من الأحزمة الخضراء محدودة التأثير في التصدي لها أو تقليل أثرها".
وفي نوفمبر الماضي، حذر البنك الدولي من انخفاض بنسبة 20 في المئة في الموارد المائية للعراق بحلول عام 2050 بسبب التغير المناخي.
وأوضح أن "هناك 3 عوامل مباشرة أثرت وأدت لتكرار العواصف الترابية وزيادة التصحر، تمثلت بقلة الأمطار، وقلة الموارد المائية من بلدان منبع نهري دجلة والفرات، وخفض الخطة الزراعية".
وشدد على أن هذه العوامل الثلاثة "ستلقي بتأثيراتها على الغطاء النباتي، واستمرار شح المياه سيؤثر مباشرة على الخطط الزراعية واستدامة الأحزمة الخضراء".
وتابع أن "مشكلة قلة الأمطار هي الأكبر، وساهمت في قلة المناطق الرعوية، وفقدان الطبقة الصلبة التي تغطي الأراضي الصحراوية، مما جعلها عرضة لعوامل الرياح واتساع العواصف الغبارية".
وذكر المسؤول العراقي أن هناك عدة مبادرات وفعاليات ونشاطات لتعزيز الغطاء النباتي، وتشمل حملات "للتشجيع على الزراعة في بعض المؤسسات والمدارس والشوارع".
وأكد أن هناك لجنة جديدة تشكلت "تعنى بالتشجير داخل المدن وحولها، وهي مؤلفة من عدة وزارات".
وحول مشكلة التجريف (عمليات الحفر غير المنظمة)، أكد عبد الحسين أن "التجريف الجائر للبساتين لأغراض السكن، ساهم بصورة كبيرة في تقليل الغطاء النباتي"، لافتا إلى ضرورة "تشريع قانون لتجريم إزالة الأشجار عشوائيا، لما له من أثر في تدمير البيئة".
وفي لقاء آخر مع وكالة الأنباء العراقية، حذر المدير العام للدائرة الفنية في وزارة البيئة العراقية من تزايد العواصف الرملية، خصوصا بعد ارتفاع عدد الأيام المغبرة إلى "272 يوما في السنة لفترة عقدين".
ورجح "أن تصل إلى 300 يوم مغبر في السنة عام 2050".
وتمثل زيادة الغطاء النباتي وزراعة غابات بأشجار كثيفة تعمل كمصدات للرياح أهم الحلول اللازمة لخفض معدل العواصف الرملية، بحسب الوزارة.
العاصفة السادسة
وإثر العاصفة الترابية التي ضربت البلاد الأحد، غطت سحب من الغبار الأصفر أغلب مناطق وسط وجنوب العراق، بينها العاصمة بغداد ومدينة الناصرية الجنوبية وبابل في الوسط والنجف وكربلاء، وفقا لدائرة الأرصاد الجوية في هذا البلد شبه الصحراوي.
وعلقت سلطة الطيران المدني العراقية، الأحد، الرحلات الجوية الآتية والمغادرة من مطاري بغداد والنجف، كما صرح مسؤول لوكالة فرانس برس.
وقال مدير العلاقات في سلطة الطيران المدني جهاد الديوان إن "الرحلات الجوية إلى مطار بغداد والنجف توقفت بسبب العاصفة الترابية".
وأضاف أن "حركة الطائرات القادمة والمغادرة ستعود إلى طبيعتها حال تحسن الظروف الجوية".
إدارة مطار بغداد الدولي من جهتها أعلنت أن مدى الرؤية بلغ "أقل من 500 متر".
وسجلت جراء الغبار الذي بقي مخيما فوق العاصمة وبعض مدن الجنوب والغرب طوال اليوم، 93 حالة اختناق.
كما نقلت وكالة الأنباء العراقية عن مدير إعلام صحة محافظة الأنبار انس قيس العاني قوله إن مستشفيين في المنطقة استقبلا 30 حالة اختناق "جراء العاصفة الترابية وهم حالياً يتلقون العناية الطبية اللازمة".