جانب من قضاء سنجار شمال العراق
جانب من قضاء سنجار شمال العراق- أرشيف فرانس برس

أعلنت قيادة العمليات المشتركة، الاثنين، أن قوات عراقية تعرضت لإطلاق نار في ناحية سنوني بقضاء سنجار شمال العراق، في وقت دعا بابا شيخ الإيزيديين، شيخ علي شيخ إلياس، إلى "إنهاء المناوشات المسلحة" التي أسفرت، وفق فرانس برس، عن مقتل جندي عراقي و13 مسلحا.

وفي بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية، قالت قيادة العمليات المشتركة إنها أصدرت "توجيهاً بالتعامل بحزم على خلفية التطورات الأمنية الأخيرة في سنجار"، لاسيما في "ناحية سنوني" التي "شهدت أحداثا أمنية خلال الليلة الماضية وصباح هذا اليوم..".

وأضاف البيان أن "مجموعة من ما يسمى عناصر تنظيم اليبشه قامت بقطع عدد من الطرق التي تربط ناحية سنوني وخانصور مع المجمعات والقرى المجاورة ونصب حواجز على هذه الطرق ومنعت حركة المواطنين بين هذه المناطق".  

وأشارت إلى أنه "مع الضياء الأول لهذا اليوم شرعت القطعات العسكرية في قيادة عمليات غرب نينوى والوحدات المتجحفلة معها بفتح الطرق إلا أنها تعرضت إلى رمي كثيف مع انتشار للقناصين على أسطح عدد من البنايات وزرع الطرق بالعبوات الناسفة".

وتابعت أن "قطعاتنا تعاملت مع تلك العناصر المغرر بها وفق قواعد الاشتباك لفرض سلطة القانون والنظام وردت على مصادر هذه النيران بدقة وقامت بفتح الطرق أمام حركة المواطنين". 

ونوهت الى أن "التعاون الكبير من المواطنين ساعد القوات الأمنية والعسكرية في اعادة الامور الى وضعها الطبيعي ورفض كل التصرفات الخارجة على القانون"، مبينة أن "قيادة العمليات المشتركة أصدرت أوامرها بشكل واضح للتعامل بحزم ووفق قواعد الاشتباك ضد أي تصرف أو ممارسة من شأنها زعزعة الأمن والنظام هناك".

تزامنا، طالب بابا شيخ الإيزيديين، شيخ علي شيخ إلياس، أربيل وبغداد لإيجاد "حل جذري" لمنطقة سنجار. وقال، في بيان، "نناشد الحكومة العراقية والأطراف الأخرى الحفاظ على حياة المدنيين والأبرياء في قضاء (سنجار) واتباع القانون الدولي الإنساني، وإبعاد الصراعات المسلحة عن المدن والقصبات التي تعج بالمدنيين وخاصة أن الكثير من هذه العوائل من العائدين الجدد للمنطقة".

ودعا "كل الأطراف إلى الاحتكام للغة الحوار من أجل إنهاء المناوشات المسلحة وأن يعود السلام والاستقرار مجددا للمنطقة"، مضيفا "وفي الوقت نفسه نطالب حكومتي أربيل وبغداد لإيجاد حل جذري لمنطقة شنكال التي لا تزال تعاني من تبعيات الإبادة الجماعية وآثار حملة داعش الإرهابي".

واختتم بابا شيخ بيانه بالقول "نهيب بالجهات ذات العلاقة في حكومة إقليم كوردستان لتوفير ملاذ آمن للعوائل الذين لجأوا مرة أخرى إلى مدن الإقليم".

مقتل جندي عراقي

ونقلت فرانس برس عن مسؤول عسكري ونائب قولهما إن جنديا قتل وأصيب اثنان بجروح خلال معارك الاثنين بين الجيش العراقي ومقاتلين إيزيديين مرتبطين بحزب العمال الكردستاني الذي يشنّ تمرداً في تركيا.

وتشهد منطقة سنجار، معقل الأقلية الإيزيدية في العراق، معارك متفرقة بين القوات العراقية و"وحدات حماية سنجار" بين الآونة والأخرى. 

واندلعت الاشتباكات ليل الأحد، وتواصلت حتى الاثنين، فيما يتهم كل طرف الآخر بإشعالها. وقال النائب عن محافظة نينوى، حيث تقع سنجار، شيروان الدوبرداني، إن "المعارك كانت مستمرة حتى بعض ظهر" الاثنين. 

وأشار إلى أن جندياً عراقياً قتل، مؤكداً أن المقاتلين الإيزيديين هاجموا القوات العراقية. 

بدوره، قال مصدر عسكري رفيع لفرانس برس "لدينا شهيد وجريحان"، لافتا في المقابل إلى مقتل 13 عنصراً من "وحدات حماية سنجار". 

وتعرف "وحدات حماية سنجار" حالياً بالفوج 80 ضمن قوات الحشد الشعبي والذي يتبع للحكومة العراقية. وتأسست بدعم من حزب العمال الكردستاني في العام 2014 للدفاع عن المدينة بعدما سقطت بيد تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال الدوبرداني إن المقاتلين الإيزيديين يرفضون "الانسحاب من سنجار وطرد العناصر الأجنبية من داخل مركز قضاء سنجار والنواحي التابعة له"، في إشارة إلى قوات حزب العمال الكردستاني. 

وأشار الدوبرداني إلى أن انسحاب الوحدات الإيزيدية المنضوية كذلك في قوات الحشد الشعبي، يسمح للجيش العراقي من حيث المبدأ بفرض سيطرته كاملةً على منطقة سنجار. 

نادية مراد تناشد المجتمع الدولي

من جهتها، كتبت الناشطة الإيزيدية الحائزة جائزة نوبل للسلام في العام 2018، ناديا مراد، في تغريدة تعليقاً على المعارك "بعد سنوات من النزوح، يجد السكان العائدون للتو أنفسهم مرغمين على الفرار من جديد من بيوتهم بسبب الاشتباكات الحالية في سنجار". 

وأضافت "أدعو المجتمع الدولي للتدخل والعمل مع الحكومة العراقية لحلّ مشكلة المنطقة الأمنية الدائرة وحماية المدنيين". 

وتشن القوات التركية بدورها بانتظام عمليات ضد القواعد الخلفية لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق.

ويشن حزب العمال الكردستاني تمرّدا ضد السلطات التركية منذ العام 1984 أوقع عشرات آلاف القتلى، فيما تصنّفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون منظمة إرهابية.

وفي أغسطس 2021، قتل ثمانية أشخاص بقصف تركي على المنطقة، استهدف مستشفى في سنجار كان عنصر في حزب العمال الكردستاني يتلقى فيه العلاج. 

وتعرضت الأقلية الإيزيدية الناطقة بالكردية للقتل والاضطهاد على يد تنظيم الدولة الاسلامية خلال سيطرته على المنطقة بين عامي 2014 و2017. وقتل مقاتلو التنظيم آلافا من أبناء هذه الأقلية وسبوا نساءها وأطفالها.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.