العراق

مرضى سنجار "مهددون بالموت" في الطريق إلى العلاج

دلشاد حسين
05 مايو 2022

يضطر المرضى وعائلاتهم في سنجار شمال العراق، للذهاب إلى مستشفيات محافظتي الموصل ودهوك لتلقي العلاج والحصول على الدواء، بسبب افتقار مدينتهم لغالبية الخدمات الصحية التي يحتاجونها.

ورغم مرور نحو سبعة أعوام على تحرير سنجار من تنظيم داعش، إلا أن القطاع الصحي في القضاء كغيره من القطاعات الأخرى خاصة الخدمية، يعاني من جملة مشاكل، نتيجة غياب الإعمار، حيث الدمار في كل مكان.

وفي ناحية سنوني التابعة لسنجار، ترافق الشابة ليلى شنگالي والدتها عدة مرات شهريا، أثناء رحلتها لتلقي العلاج في مستشفيات دهوك، التي تبعد أكثر من ساعتين ونصف عن سنجار.

تقول لـ"ارفع صوتك"، إن غالبية المرضى في سنجار ورغم معاناتهم وضعفهم جسدياً بسبب المرض، يتحملون عناء السفر من أجل الوصول إلى المستشفيات في الموصل ودهوك.

كما أنهم معرّضون لمخاطر الطريق، الذي ما زال مدمراً بفعل سيطرة داعش سنة 2014، حسب ليلى.

وتوضح: "تعاني والدتي من الانزلاق الغضروفي في ظهرها، بالإضافة لمشاكل في عينيها، ولا يوجد أطباء لمعالجتها في سنجار وأطرافها، لذلك نتوجه خلال الشهر عدة مرات إلى دهوك أو إلى الموصل؛ لمراجعة الطبيب والحصول على الأدوية التي تحتاجها، والعلاج خارج سنجار مكلف مادياً لنا ولغيرنا".

وتعرض مستشفى سنجار العام للقصف خلال سيطرة تنظيم داعش على المدينة عام 2014، وكذلك المراكز الصحية المنتشرة في المدينة وأطرافها هي الأخرى تعرضت للدمار.

كما يعاني المستشفى والمراكز الصحية من نقص في أطباء الاختصاص وكذلك الأجهزة الطبية، لذلك لا تجرى العمليات الجراحية الكبرى داخل سنجار وينقل المرضى إلى الموصل أو دهوك لإجراء العمليات الجراحية.

 

"وفاة مرضى"

بدوره، يؤكد مدير منظمة "سنرايز" غير الحكومية في سنجار، نايف صبري، لـ"ارفع صوتك"،  أن "القطاع الصحي يشهد أوضاعا صعبة، فالعديد من البلدات والمجمعات التابعة لسنجار ما زالت خالية من المراكز الصحية، كما تفتقر المستشفيات والمراكز الصحية الموجودة للكوادر  الطبية".

ويقول إن هذه المشاكل "تتعمق أكثر لدى الأهالي الذين لا يمكنهم تحمّل التكاليف الباهظة للعلاج، فالأسعار خارج سنجار تضاف لها مصاريف التنقل أو المبيت في بعض الأحيان". 

ويطالب صبري الحكومة العراقية بدعم القطاع الصحي في سنجار وإعادة تأهيله وتأمين كافة الخدمات الصحية، التي يحتاجها المواطنون الذين لم ينفضوا بعد عن كاهلهم غبار النزوح والإبادة الجماعية، حسب تعبيره.

في السياق نفسه، حاول "ارفع صوتك" الحصول على تصريح من المديرية العامة لصحة محافظة نينوى، لكن لم نتلق أي رد.

وفي دائرة صحة قضاء سنجار، كشف طبيب تحفظ على اسمه، لـ"ارفع صوتك"، أن "ما بين 2-3 مرضى وأكثر أحياناً يتوفون شهرياً، وهؤلاء الذين يتم تحويلهم للعلاج أو إجراء العمليات الجراحية في الموصل، خاصة حالات الولادة ومرضى القلب، لأنهم لا يتحملون طول الطريق وعناء السفر".

ويؤكد حاجة سنجار لمستشفى، لأن مبنى المستشفى العام القائم حالياً "لم يتم إعماره بعد الدمار الذي لحق به، وحاليا يتخذ كادر المستشفى من مبنى صغير الحجم موقعا بديلا لهم، وكذلك الأقسام الأخرى تتواجد في مبان متهالكة تفتقر للخدمات".

"ولا يمتلك قسم الطوارئ أية أجهزة كما لا يوجد أخصائيون، في مقدمتهم أطباء الأمراض القلبية والباطنية والنسائية والتوليد والعيون والجملة العصبية والأشعة والسونار والتخدير، ولا تجرى أي عمليات قيصرية داخل المستشفى، أما الأطباء الجراحون فهم ثلاثة فقط"، وفق الطبيب.

ويشير إلى "دائرة الصحة وإدارة مستشفى سنجار العام تطالبان بشكل مستمر بتزويدهما بالأطباء والأجهزة لكن دون جدوى".

ويعزو الطبيب سبب ذلك إلى "الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعانيها العراق"، لافتاً إلى أن الأطباء في الموصل يرفضون المجيء لسنجار بحجة أوضاعها الأمنية غير المستقرة.

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.