العراق

المستقلون العراقيون.. "لا مليشيا تساند أو دولة عميقة تحمي"

دلشاد حسين
12 مايو 2022

لم يصدر النواب المستقلون في مجلس النواب العراقي موقفاً موحداً تجاه مبادرتي الإطار التنسيقي والتيار الصدري، اللذين طالباهم بتشكيل الحكومة ضمن شروط معينة.

وأعلن الإطار التنسيقي في 5 مايو الحالي عن مبادرة، دعا فيها المستقلين إلى تسمية رئيس الحكومة الجديدة بشرط أن ينال موافقته.

وبعدها بساعات خرج زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بمبادرة، دعا فيها المستقلين أيضاً لتشكيل تحالف جديد لا يقل عدد مقاعده عن 40 مقعداً، يأخذ على عاتقه تشكيل  الحكومة المقبلة خلال فترة 15 يوما، على أن تكون تسمية مرشحهم لرئاسة الحكومة عبر تحالف "إنقاذ وطن"، دون مشاركة الصدريين فيها.

ويتألف التحالف من التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة.

وما زال الانقسام سيد الموقف في معسكر المستقلين الذين يبلغ عدد مقاعدهم 43 مقعدا، حيث أعلن بعضهم منهم تأييده لمبادرة الصدر فيما أعلن آخرون تأييدهم لمبادر الإطار التنسيقي، والتزم قسم آخر الصمت.

ودعا تحالف "من أجل الشعب"، المكون من "الجيل الجديد" و"حركة امتداد" في مؤتمر صحافي الثلاثاء الماضي، إلى أن "يكون المرشح الذي يتبنى تشكيل الحكومة الجديدة وكافة وزرائها من العراقيين لا مزدوجي الجنسية".

واشترط عليه "تقديم برنامج حكومي واقعي يلبي متطلبات الشعب العراقي، وألا يكون وحكومته المقبلة من الأحزاب المشاركة في السلطة".

 

"لا يمكنهم"

من جهته، يقول السياسي العراقي المستقل علي البياتي، لموقع "ارفع صوتك": "لن يتمكن المستقلون من حسم أمرهم بسبب انقسامهم".

ورغم مرور نحو سبعة أشهر على إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية، إلا أن الانسداد السياسي ما زال يخيم على البلد إثر عدم تمكن الأطراف السياسية من المضي بالاستحقاقات الدستورية المتمثلة بانتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس وزراء جديد بتشكيل الحكومة المقبلة.

ويرى عضو اللجنة العليا للميثاق الوطني العراقي، عبدالقادر النايل، أن المستقلين "قادرون على تحقيق نصاب جلسة اختيار رئيس الجمهورية التي شكلت العائق الأساسي لدى التحالف الثلاثي (إنقاذ وطن) الطامح بالأغلبية الانتخابية". 

ويقول لـ"ارفع صوتك": "لكن في الوقت ذاته لا يستطيع المستقلون تشكيل الحكومة مطلقا، والدعوات التي وجهت لهم وهمية يُراد منها كسب الوقت، لأن المستقلين يشكلون الدائرة الأضعف في البرلمان؛ فهم لا يمتلكون مليشيا مسلحة تساندهم ولا دولة عميقة تحميهم، والدعم الإيراني والدولي منحصر للأحزاب الرئيسية فقط". 

ويشير النايل إلى أن عددا من النواب المستقلين سيعمل خلال الفترة المقبلة عبر حضور جلسات  البرلمان، للمساهمة في إكمال نصاب جلسة اختيار رئيس الجمهورية مع التحالف الثلاثي، مقابل الحصول على حقائب وزارية في الحكومة القادمة.

ويشكل النواب المستقلون بيضة القبان لكل من تحالف "إنقاذ وطن" والإطار التنسيقي، لانتخاب رئيس الجمهورية والفوز بتشكيل الحكومة المقبلة، وتتطلب عملية انتخاب رئيس الجمهورية حضور الثلثين من إجمالي عدد النواب البالغ 329، أي 220 نائبا، وهذا ما لم يتمكن الطرفان من تحقيقه حتى الآن.

في نفس السياق، يعتبر الكاتب والمحلل السياسي علي البيدر، أن منح المستقلين فرصة تشكيل الحكومة "مناورة سياسية وليست مبادرة سواء كانت من قبل قوى الإطار التنسيقي أو التيار الصدري".

 ويوضح لـ"ارفع صوتك": "يناور التيار والإطار لاستمالة المستقلين والتهرب من المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وتبرير الإخفاق الذي حصل بسبب عدم تمكنهما من تشكيل الحكومة".

ويشير البيدر إلى أن موضوع تشكيل الحكومة المقبلة سيُصار إلى خيار توافقي جديد أو عنوان جديد عبر انتخاب مكوناتها من التيار الصدري وحلفائه مع مشاركة قسم من القوى المنضوية في الإطار التنسيقي.

ويتوقع "ضعف" الحكومة التي قد يشكلها المستقلون، لأنها "لا تمتلك سنداً برلمانيا قويا، بالتالي لن تصمد طويلا وحتى إذا صمدت فستكون أداة بيد القوى السياسية الكبيرة".

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.