العراق

محام عراقي: المتسولون الأجانب أشبه بـ"القنابل الموقوتة"

13 مايو 2022

فيما تحاول وزارة الداخلية إلقاء القبض على المتسولين من جنسيات مختلفة بين الحين والآخر، ترى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أن مشكلة التسول في البلاد لها أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية.

وأصبحت رؤية المتسولين الأجانب مألوفة في المواقع الدينية والترفيهية في العراق، وخصوصاً من جنسيات إيرانية وباكستانية وبنغلادشية.

وحسب وزارة الداخلية، فإن مديرية شؤون الإقامة تمكنت من إلقاء القبض على 700 متسول أجنبي، وتم إبعادهم إلى خارج الأراضي العراقية، لمخالفتهم شروط قانون إقامة الأجانب العراقي (رقم 76 لسنة 2017).

إجراءات حكومية

الرقم 700 لا يمثل سوى القليل ممن يراهم العراقيون يوميا، يتسوّلون في مختلف المحافظات، وجاء معظمهم بحجة زيارة الأماكن الدينية، كما تقول الناشطة الحقوقية تغريد أياد.

وتضيف لـ"ارفع صوتك"، أن "بعضهم لا يتحدث مع المارّة بذريعة إصابته بالصمم، وكل ما يقوم بفعله مدّ اليد لتأكيد حاجته للمال".

"وبشكل متواصل، تلاحق مديرية الإقامة الأجانب المخالفين، ولكن المشكلة هو في إيواء الأشخاص الأجانب المخالفين للقانون من قبل عصابات تحاول استغلالهم للتربح التجاري"، تتابع أياد.

وتؤكد أن "هذه الحملات والإجراءات الحكومية غير كافية، بل وخجولة تجاه اتساع الظاهرة التي تشكل خطراً أمنياً".

وتستبعد أياد تمكن الجهات الحكومية من السيطرة على هذه "الظاهرة" كما وصفتها، بسبب "الفساد والمحسوبية وغيرها الكثير من القضايا الشائكة".  

أمنياً واقتصادياً

من جهته، يقول المحامي زياد خلف، إن "ظاهرة التسول في البلاد تعود لعصابات الجريمة المنظمة وشبكات الاتجار بالبشر، إذ اتسعت مهامها عبر إدخال أفراد وعائلاتهم في كثير من الأحيان، من دول آسيوية، بهدف استغلالهم". 

ويقول لـ "ارفع صوتك"، إن "عدم تنفيذ القانون واتخاذ إجراءات رادعة من قبل الحكومة هو السبب وراء اتساع ظاهرة تسول الأجانب في البلاد". 

ويضيف خلف أن "الكثير من هؤلاء الأجانب يُجبَرون على التسول بعد توريطهم وابتزازهم بأمور بعضها يتعلق ببقائهم بشكل غير قانوني في البلاد، خاصة الذين دخلوا كيد عاملة". 

ويرى المحامي أن تسول الأجانب في البلاد "مشكلة خطيرة لأنها تؤثر على الوضع الأمني من ناحية الإرهاب، فهم أشبه بالقنابل الموقوتة".  

ويشير  خلف إلى أن "الأهم من هذا كله هو في تدمير الاقتصاد العراقي، لأن المتسول من جنسية أخرى يقوم بتحويل ما يحصل عليه من أموال لبلاده، بالتالي لا يختلف الأمر هنا عن تهريب الأموال".   

وفي تصريح سابق، منتصف العام الماضي 2021، قال عضو لجنة العمل والشؤون الاجتماعية فاضل الفتلاوي إن عدد العاملين الأجانب في العراق يصل إلى مليون، أغلبهم يعمل في الشركات النفطية.

وأضاف أن "اللجنة تعمل بالتعاون مع الجهات المعنية للحد من انتشار المكاتب الوهمية التي تدخل العمالة الأجنبية مقابل أجور الفيزا فقط، وتمنحهم رخصاً غير رسمية للعمل في البلاد".

فتاة عراقية تتسول في الشارع بحي الصدريه وسط بغداد
في العراق .. أطفال يجبرهم كورونا على التسول
حسب إحصاءات وزارة التخطيط فان نسبة العراقيين الذين يعيشون تحت خط الفقر هي 30% من السكان أي إن تعدادهم هو 12 مليونا وعلى فرض إن 1% من هؤلاء لديهم استعدادات سلوكية لممارسة التسول تحت أي مسوغ، فان عدد المتسولين لا يقل عن 120 ألف.
ويمكن إضافة إعداد أخرى لهم من بعض ذوي الاحتياجات الخاصة الذين لا ترعاهم عوائلهم او المؤسسات الحكومية وبعض الذين يعانون اليتم والترمل والفقدان الأسري والمجموع عدد مخجل ولا يستهان به

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.