ُيُنعى الشاعر بشعره، وهل أكثر من ذلك يطلبه رجل وهب حياته كلها للشعر؟ وهل أفضل من ذلك تكريم؟
هذا ما فكرت به، أمام سيل من القصائد والمقاطع الشعرية التي كتبها مظفر النوّاب، واختارها المئات في وداعه عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وبين كل قصيدة وأخرى، ذاكرة هنا وذكريات هناك، من أدباء وإعلاميين وسياسيين أيضاً، عاصروا النوّاب أو التقوا به، تفصح عن إحدى جوانب حياته.
كما نعاه شباب ناصر ثورة تشرين العراقية أو شارك بها، خصوصاً لارتباط إحدى أيقوناتها، بهاء السراي، باسم مظفر النواب، فأي شخص عرف السراي أو سمع به، يعرف أنه تأثر بشكل شديد بالنوّاب.
وفي الرثاء واستذكار القصائد، بالفصحى أو العامية، قومية كانت أو وطنية، بموضوعات سياسية أو عشقيّة، هناك غضب أيضاً، تجاه ما آل إليه العراق خلال السنوات الماضية.
وما عاصره النوّاب في شبابه، لم تطوه الأيام، ليعيشه جيل آخر، أرهقه غياب الاستقرار الأمني وضعف الاقتصاد والقتل والملاحقة على خلفية التعبير عن الرأي أو نقد الفساد ودور المليشيات في العملية السياسية.
لذلك، عبّر العشرات من العراقيين، عن رفضهم أو تقبلهم حتى، كلمات النعي والرثاء من قبل المتنفذين والمسؤولين السياسيين، كما دعا بعضهم لأن تكون جنازة النوّاب غير رسمية، بل شعبية "ثورية" على حد تعبير أحدهم، تناسب في المقام الأول كل ما قاله النوّاب في نقد الحكومات والساسة.
ووفق ما نشرت وكالة الأنباء العراقية الرسمية، حدد الاتحاد العام للأدباء والكتاب، في العراق، موعد تشييع جثمان النواب.
وسيتم التشييع في مقر الاتحاد، السبت، الساعة العاشرة صباحاً بتوقيت بغداد، "بحضور وطني رسمي وثقافي وأدبي رفيع المستوى"، وفق بيان الاتحاد.
وليس العراقيون فقط من تذكر النوّاب، فحضوره وتأثيره كان عابراً للحدود، خصوصاً أنه عاش في المنفى والمهجر أكثر من نصف حياته، وشعره قابل للاستعارة في أي مكان يشهد ظلماً وقمعاً سياسياً، وفي أي زمان أيضاً.