"متت.. متت وهمومي وسكتي
غطتك يالچنت كلشي
أمس طشيتك على الأيام
صم نسيان.. سميتك حزن
وصيت نفسي من معزتك
تنسى اسمك.. تترك السبورة سودة مثل أمس
تمحيلي رسمك
بطلت أوقگف أصليلك مثل كل المناير
بطلوا الجيران يتختلون بشبابيچ حچيك
كله واجوني بحسدهم شگگت كل الدفاتر
متت.. متت.. متت".
توفي اليوم الجمعة، لشاعر العراقي الكبير مظفر النواب، في مستشفى الجامعة في الشارقة بدولة الإمارات العربية عن 88 عاماً، بعد صراع طويل ومرير مع المرض.
ووجه رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، بنقل جثمان شاعر العراق الكبير مظفر النوّاب بالطائرة الرئاسية، ليوارى الثرى في أرض الوطن.
وحققّ الشاعر الذي كان يلقب باسم "الشاعر الثوري" شهرة واسعة من خلال العديد من القصائد والمطولات التي هجا فيها الأنظمة السياسية وعارضها، مثل قصيدة "قمم، بيان سياسي، السلخ الدولي وباب الأبجدية، بكائية على صدر الوطن، قل هي البندقية أنت"، وغيرها.
ولد النواب في بغداد عام 1934 ونشأ في أسرة أدبية ذات مكانة اجتماعية مرموقة، وكان جده لوالده يكتب الشعر بالعربية والفارسية.
درس الراحل في جامعة بغداد وانضم إلى الحزب الشيوعي العراقي وهو لا يزال في الكلية، فتعرّض للتعذيب من قبل حكومات العهد الملكي، ولكن بعدما أطاحت الثورة العراقية بالنظام الملكي، عُين عام 1958 كمفتش في وزارة التربية والتعليم.
وعُرف النواب الذي كان ينظم الشعر بالفصحى والعامية بمواقفه ضد السياسة الداخلية والخارجية، الأمر الذي جعله يعيش المنافي أغلب مراحل عمره.
ولطالما تعرض للاتهام والاعتقال والتعذيب بسبب قصائده ومواقفه. ففي عام 1963 اضطر إلى مغادرة العراق باتجاه إيران (الأهواز بالتحديد وعن طريق البصرة) بعد تزايد الصراع بين القوميين والشيوعيين العراقيين، إذ تعرضوا للملاحقة الأمنية والقضائية من قبل النظام الحاكم.
كما تم اعتقاله وتعذيبه من قبل السلطات الإيرانية وهو يحاول العبور نحو روسيا وإعادته للحكومة العراقية، ليُحكم بالإعدام، ولكن تمّ تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد في سجن "نقرة السلمان"، ثم نُقل إلى سجن الحلة جنوب العاصمة بغداد.
وهرب النواب مع مجموعة كبيرة من السجن بحفر نفق، في حادثة شهيرة ومعروفة في التاريخ العراقي المعاصر.
وبعد ذلك سافر إلى جنوب العراق وسكن لعام واحد في (الأهوار)، ثم انضم إلى فصيل شيوعي سعى إلى قلب نظام الحكم.
وفي عام 1969 صدر بيان العفو عن المعارضين فرجع إلى سلك التعليم مرة ثانية لكن الظروف والتحولات السياسية لم تكن كما توقع، فكان وجوده في العراق يعني موته المحتوم بالنسبة إليه.
حينها، رحل من بغداد إلى بيروت ثم إلى دمشق، وظلّ يتنقل بين العواصم العربية والأوروبية، حتى استقر بهِ المقام أخيرًا في دمشق، وعاش فيها عقدين من الزمان.
ويذكر أن النواب تعرض النواب لمحاولة اغتيال في اليونان عام 1981.
بعض قصائده الشعبية الشهيرة مثل "الريل وحمد" و"البنفسج" تحوّلت إلى أعمال فنية غنائية، تعد اليوم من كلاسيكيات الفن العراقي الحديث، وأدى هو بعضها في جلسات خاصة إذ كان يمتلك صوتا رائعاً.
وبعد صدور مجموعته الشعرية "الريل وحمد" انتشرت قصائده من خلال أشرطة الكاسيت بصوته، وبعدها طبعت أعماله الكاملة في لندن عام 1996.