مظفر النواب، شاعر عراقي ثوري، توفي اليوم 20 أيار 2022
مظفر النواب، شاعر عراقي ثوري، توفي اليوم 20 أيار 2022

"متت.. متت وهمومي وسكتي
غطتك يالچنت كلشي
أمس طشيتك على الأيام
صم نسيان.. سميتك حزن
وصيت نفسي من معزتك
تنسى اسمك.. تترك السبورة سودة مثل أمس
تمحيلي رسمك
بطلت أوقگف أصليلك مثل كل المناير
بطلوا الجيران يتختلون بشبابيچ حچيك
كله واجوني بحسدهم شگگت كل الدفاتر
متت.. متت.. متت".

توفي اليوم الجمعة، لشاعر العراقي الكبير مظفر النواب، في مستشفى الجامعة في الشارقة بدولة الإمارات العربية عن 88 عاماً، بعد صراع طويل ومرير مع المرض.

ووجه رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، بنقل جثمان شاعر العراق الكبير مظفر النوّاب بالطائرة الرئاسية، ليوارى الثرى في أرض الوطن.

وحققّ الشاعر الذي كان يلقب باسم "الشاعر الثوري" شهرة واسعة من خلال العديد من القصائد والمطولات التي هجا فيها الأنظمة السياسية وعارضها، مثل قصيدة "قمم، بيان سياسي، السلخ الدولي وباب الأبجدية، بكائية على صدر الوطن، قل هي البندقية أنت"، وغيرها. 

ولد النواب في بغداد عام 1934 ونشأ في أسرة أدبية ذات مكانة اجتماعية مرموقة، وكان جده لوالده يكتب الشعر بالعربية والفارسية. 

درس الراحل في جامعة بغداد وانضم إلى الحزب الشيوعي العراقي وهو لا يزال في الكلية، فتعرّض للتعذيب من قبل حكومات العهد الملكي، ولكن بعدما أطاحت الثورة العراقية بالنظام الملكي، عُين عام 1958 كمفتش في وزارة التربية والتعليم. 

وعُرف النواب الذي كان ينظم الشعر بالفصحى والعامية بمواقفه ضد السياسة الداخلية والخارجية، الأمر الذي جعله يعيش المنافي أغلب مراحل عمره.

ولطالما تعرض للاتهام والاعتقال والتعذيب بسبب قصائده ومواقفه. ففي عام 1963 اضطر إلى مغادرة العراق باتجاه إيران (الأهواز بالتحديد وعن طريق البصرة) بعد تزايد الصراع بين القوميين والشيوعيين العراقيين، إذ تعرضوا للملاحقة الأمنية والقضائية من قبل النظام الحاكم.

كما تم اعتقاله وتعذيبه من قبل السلطات الإيرانية وهو يحاول العبور نحو روسيا وإعادته للحكومة العراقية، ليُحكم بالإعدام، ولكن تمّ تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد في سجن "نقرة السلمان"، ثم نُقل إلى سجن الحلة جنوب العاصمة بغداد. 

وهرب النواب مع مجموعة كبيرة من السجن بحفر نفق، في حادثة شهيرة ومعروفة في التاريخ العراقي المعاصر.

وبعد ذلك سافر إلى جنوب العراق وسكن لعام واحد في (الأهوار)، ثم انضم إلى فصيل شيوعي سعى إلى قلب نظام الحكم.

وفي عام 1969 صدر بيان العفو عن المعارضين فرجع إلى سلك التعليم مرة ثانية لكن الظروف والتحولات السياسية لم تكن كما توقع، فكان وجوده في العراق يعني موته المحتوم بالنسبة إليه.

حينها، رحل من بغداد إلى بيروت ثم إلى دمشق، وظلّ يتنقل بين العواصم العربية والأوروبية، حتى استقر بهِ المقام أخيرًا في دمشق، وعاش فيها عقدين من الزمان.

ويذكر أن النواب تعرض النواب لمحاولة اغتيال في اليونان عام 1981.

بعض قصائده الشعبية الشهيرة مثل "الريل وحمد" و"البنفسج" تحوّلت إلى أعمال فنية غنائية، تعد اليوم من كلاسيكيات الفن العراقي الحديث، وأدى هو بعضها في جلسات خاصة إذ كان يمتلك صوتا رائعاً.  

وبعد صدور مجموعته الشعرية "الريل وحمد" انتشرت قصائده من خلال أشرطة الكاسيت بصوته، وبعدها طبعت أعماله الكاملة في لندن عام 1996. 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.