معرض بغداد الدولي للكتاب مايو/ أيار 2022- فرانس برس
معرض بغداد الدولي للكتاب مايو/ أيار 2022- فرانس برس

على غير العادة والمألوف في كل مرة، لاقى معرض بغداد الدولي للكتاب بدورته الحالية مواقف جدل وخلاف بين الحضور والمقاطعة، بسبب الجهات الداعمة والمنظمة، وحضور بعض الشخصيات السياسية عند قص شريط الافتتاح.

وكان وزير الثقافة العراقية حسن ناظم بصحبة رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي أحد أبرز اطراف الأزمة السياسية الدائرة بشأن تشكيل الحكومة، افتتحا  الخميس الماضي، معرض بغداد الدولي للكتاب بدورته الـ23.

وعادة ما تسمح إدارة معرض بغداد الدولي للكتاب بعرض إصداراتها ونتاجاتها الثقافية وبرامجها وخدماتها على أن تخضع لقوانين الرقابة النافذة في دولة العراق  التي تمنع جلب وعرض أي مواد ثقافية ذات طابع سياسي أو طائفي أو اجتماعي تسيء إلى الآخر، أو أي مواد مزورة أو مقرصنة تتعارض ومبدأ حقوق الملكية الفكرية تحت طائلة المصادرة وحق التقاضي لدى الجهات القضائية المختصة.

وانطلقت فعاليات المعرض بمشاركة مئات دور النشر من مختلف الجنسيات، ويُنظم بالتعاون مع اتحاد الناشرين العراقيين، بمشاركة 355 دار نشر محلية وعربية وعالمية من مختلف الجنسيات، وفقاً لبيان رسمي من اتحاد الناشرين، ويستمر إلى 28 مايو الحالي.

وعلى أثر ذلك، قررت جمعية "تراث الشهيد الصدر"، وهي جمعية ثقافية معنية بنشر الكتب، إغلاق جناحها والانسحاب من معرض بغداد الدولي للكتاب، مشيرةً، في بيان، إلى أنّ "ذلك جاء بسبب بعض إجراءات افتتاح المعرض".

واستبق افتتاح المعرض إعلان انسحاب بعض دور النشر العربية والعراقية جاءت أسبابها على خلفية دخول أطراف سياسية داعمة وممولة للدورة الحالية.

وتناولت مواقع التواصل الاجتماعي تعليقات جاءت بالغضب والاستياء لما شهده معرض بغداد الدولي من حضور سياسي خلال لحظات الافتتاح.

وتصدر وسم #مقاطعة_معرض_بغداد_الدولي، منصات فيسبوك وتويتر، اعتراضاً على تجيير معرض الكتاب الدولي كواجهات دعائية لصالح جهات سياسية حكمت العراق، وشهدت فتراتها أزمات عديدة، ما زالت آثارها للآن على الأوضاع في البلاد.

وأبدى نشطاء استغرابهم عن ماهية الصفة التي يحملها المالكي حتى يكون على رأس المفتتحين لمعرض بغداد الدولي للكتاب. وتساءل بعضهم "هل هو مؤلف أو قاص كبير؟".

من جهته، يقول علي طالب صاحب مكتبة "أوراق"، وأحد المشاركين في المعرض، إن "التواجد السياسي وتغليب صفة الحضور الحزبي على المعرض انعكس على مستوى التفاعل للمشاركين ومستويات التوافد من قبل الزائرين".

ويضيف لـ"ارفع صوتك" أن "العديد من الأوساط العامة والمتخصصة رأت في ما جرى تلميعاً سياسياً لوجوه خلافية تثير الجدل في الشارع العراقي".

ويحتد الصراع السياسي بين طرفي النزاع الشيعي التيار الصدري وقوى الإطار التنسيقي الذي يشكل نوري المالكي أبرز وأهم قادته.

الأديب عبد الأمير المجر، يطرح رأياً مخالفاً لفريق المقاطعين لحضور معرض بغداد الدولي للكتاب، بقوله إن "المجافاة لهكذا محفل هام يعنى بالقرطاس والتأليف يعطي دعاية داعمة بشكل غير مباشر للجهات السياسية التي تطرح نفسها كجهات ممولة".

ويوضح لـ"ارفع صوتك": "بغض النظر عن الجهات الداعمة لتلك المعارض، ما يعني الباحثين هو الكتاب ومضامين ما يحمله بين طياته، بالتالي فإن الحضور لمعرض الكتاب الدولي بدورته الحالية لا يعني تضامناً مع ذلك الحزب أو تلك الشخصية".

في نفس الوقت يرى المجر "ضرورة إبعاد الاستثمار السياسي من محافل المثقفين ودور المعارض الكتبية حتى لا يكون ذريعة لهجرة القراءة والابتعاد عن مضامين الثقافة والعلم".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.