أثناء إطفاء إحدى الحرائق في بغداد- من أرشيف الدفاع المدني العراقي
أثناء إطفاء إحدى الحرائق في بغداد- من أرشيف الدفاع المدني العراقي

أحصت مديرية الدفاع المدني، الثلاثاء، حوادث الحرائق في العراق منذ مطلع العام الحالي 2022، وفيما أوجزت أبرز الأسباب، أكدت أن الجفاف يتسبب بخطورة ارتفاع معدل الحرائق. 

وقال مدير إعلام الدفاع المدني، نؤاس صباح، لوكالة الأنباء العراقية الرسمية، إن "مديرية الدفاع المدني، تصدر إرشادات بخصوص ارتفاع درجات الحرارة وكيفية التعامل مع هذا الارتفاع وازدياد فرص اندلاع الحرائق باعتبار أن هناك ضغطاً سيكون على شبكات التيار الكهربائي المتذبذبة في العراق والمتداخلة بين التيار الوطني وتيار المولدات إضافة إلى المولدات الخاصة الموجودة داخل المحال والبنايات التجارية".

وأضاف أن "المديرية تصدر بشكل دوري في مثل هذا الوقت جملة من الإرشادات أهمها: الصيانة الدورية لمنظومة الجنجوفر المسؤولة عن تحويل الطاقة الكهربائية بين المولدات والتيار الوطني، كذلك تصدر جملة من الإرشادات المدنية مثل عدم وضع المعطرات داخل العجلات لأن فرص انفجارها تكون كبيرة جداً مع ارتفاع درجات الحرارة ما يتسبب باندلاع حرائق داخل العجلات التي تكون متروكة في وقت الظهيرة بدرجات تصل أحياناً إلى 50 درجة مئوية ما يعني أن الدرجة داخل العجلة تكون أكبر".

وتابع صباح: "العطور تحمل مواد قابلة للاشتعال مثل السيبري وغيرها مما تسهل عملية الانفجار واندلاع الحريق".

وأشار إلى أن "الدفاع المدني تؤكد على جملة إرشادات خاصة من بينها عدم ترك الأجهزة وهي تعمل عند مغادرة المنزل مثل السبلت وغيرها من وسائل أجهزة التبريد".

وبيّن صباح أن "هذه الإرشادات لا تلاقي صدى من المواطنين إذ لا يزال الإهمال هو سيد الموقف ولا يزال التماس الكهربائي هو المسبب الأعظم لاندلاع الحرائق في العراق".

"اليوم، كان هنالك حريق في بناية متهالكة تحتوي على خزن عشوائي، أدى إهمال بسيط إلى اندلاعه واستنزاف خمس عجلات لمديرية الدفاع المدني بعد استنفارها لإخماد النيران، إضافة إلى حريق كبير حدث في نفس المنطقة بسبب مادة الساندويج بنل القابلة للاحتراق بمساحة أكثر من 400 متر، وهي عبارة عن مخازن تجارية مشيدة من الساندويج بنل الذي طالما تدعو المديرية إلى تركه وعدم استخدامه في إنشاء المخازن التجارية نظراً لضعف إخماد النار وكذلك بسبب سرعة انتشار النيران على صفائح المعدن"، أوضح صباح.

وقال إن "المديرية تمكنت من إنقاذ 4 عمال لكن اثنين منهم فارقوا الحياة في المستشفى نتيجة الاختناق وليس الاحتراق",

وأكد صباح أن "العواصف الترابية ليس لها أي تأثير في زيادة الحرائق بل إن المادة الترابية من الممكن أن تكون مادة عازلة لحدوث تماس كهربالي". 

وأضاف أن "المديرية دائما ما تستنزف مواردها للسيطرة على الحرائق، إضافة إلى الموارد الاقتصادية التي تهدر، وخسارة التاجر الكبيرة بسبب إهمال بسيط".


وقال صباح إن "هناك جملة من الإهمال والتجاوزات وتشابك الأسلاك الكهربائية ما تسبب بارتفاع نسب الحرائق، اذ سجلت المديرية في الأشهر الأولى من هذا العام 6 آلاف حادث حريق أي ما يعادل 2000 حادث في الشهر الواحد، وهذه الحوادث حصلت عندما كان هناك انخفاض بدرجات الحرارة أما من الآن فصاعدا سترتفع درجات الحرارة، ما يتسبب بحدوث ضغط على شبكات التيار الكهربائي وبالتالي ارتفاع فرص اندلاع الحريق بشكل أكبر".

ونوّه إلى أن "الجفاف الذي يضرب العراق حالياً يتسبب بخطورة تتمثل في اندلاع حريق كبير بمجرد رمي عقب سجائر نظراً لجفاف الزرع وتيبس بعض المزروعات والأشجار وبالتالي تكون الفرص اكبر اضافة الى سرعة توسع النيران".

كما دعا صباح المواطنين إلى "الالتزام بالإرشادات وعدم إهمالها والانتباه على أجهزة التكييف والتوصيلات الكهربائية وصيانة منظومة الغاز وعدم ترك الأطفال في المنزل وإغلاقه والذهاب إلى العمل، حيث كثيراً ما نسجل حوادث من هذا النوع ويذهب ضحيتها الأطفال".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.