A view of trees planted in the "green belt" area around the holy city of Karbala
مشهد عام للحزام الأخضر حول مدينة كربلاء - رويترز

أعلنت وزارة الزراعة، الخميس، عن مشاريعها لمكافحة التصحر وتثبيت الكثبان الرملية، محذرة من تداعيات شح المياه.

واقترحت إنشاء صندوق لمكافحة التصحر لإنجاز المشاريع، مبينة أن العراق يفقد سنوياً 100 ألف دونم من المساحات الزراعية.    

بدورها، قالت المديرة العامة لدائرة الغابات والتصحر في وزارة الزراعة، راوية مزعل، إن "مشكلة التصحر والتغيرات المناخية مصحوبة بارتفاع في درجات الحرارة وقلة تساقط الأمطار، وكل هذه العوامل أدت إلى قساوة البيئة بشكل خاص بحكم موقع العراق الجغرافي في المناطق الجافة وشبة الجافة".

وأوضحت في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية، أن "شح المياه يشكل خطراً كبيراً بالنسبة للعراق نتيجة الإيرادات الواصلة من الدول المتشاطئة وقلتها، إضافة إلى عدم تفعيل القوانين الدولية التي تلزم بحفظ وصيانة المياه للدول المتشاطئة".

"كما أن الظروف البيئية المتمثلة بارتفاع درجات الحرارة وقلة تساقط الأمطار والاستخدام غير الأمثل للموارد المائية من قبل المزارعين والفلاحين، فأغلبهم حتى الآن يستخدم طرق الري التقليدية أو السيح، عوامل أدت إلى شح المياه وعدم استغلالها بشكل أمثل"، تابعت مزعل.

وحذرت: "إذا استمر هذا الحال في المحافظات الجنوبية التي تقع على أذناب الأنهر، ستعاني من عدم وجود كميات كافية لمياه الشرب في السنوات القادمة، فالسيناريو الخاص بشحة المياه لا يبشر بخير".

وأكدت مزعل أن "العراق بحاجة إلى تغيير طرق الري القديمة و في ما يخص معالجة قلة تساقط الأمطار من خلال عمل سداد وحفريات واستخدام طرق حديثة للزراعة من خلال الزراعة الحافظة، للتقليل من الاستهلاك المائي".

وأشارت للتجربة الخليجية بالقول: "بعض دول الخليج لجأ إلى الاستمطار الاصطناعي وإجبار السحب على الإمطار من خلال الحقن، وهذه تقنية كان العراق من رائديها في تسعينيات القرن الماضي. يمكن القيام بها لخفض درجات الحرارة ورفع مناسيب المياه، والطريقة الأخرى نشر حصاد المياه للمعالجة".

 

إجراءات للحد من التصحر

وقالت مزعل لوكالة الأنباء (واع)، إن كل أرض تفقد من إنتاجيتها تدخل في مضمار التصحر، لذا فإنه يشكل خطراً كبيراً، ويهدد الأمن الغذائي والمائي والأمن البيئي إذا لم تكن هناك إجراءات صارمة وعاجلة من خلال تفعيل المشاريع.

وأضافت: "هنالك مشاريع منتشرة في كل العراق خاصة في مكافحة التصحر وتأهيل الغابات ومعالجة التغيرات المناخية، حيث يوجد مشروع كبير لتثبيت الكثبان الرملية في منطقة ذي قار، لغرض تثبيت الكثبان الزاحفة على طريق المرور السريع وعلى المزارع والمنشآت الحيوية وعلى المدن".

"فالكثبان الرملية مساحتها كبيرة جداً، حيث يوجد 4 ملايين دونم من الكثبان الرملية المتحركة، فضلاً عن الكثبان الرملية المتحركة في منطقة صلاح الدين في حمرين والعيث"، تابعت مزعل.

وأشارت إلى أن "المشروع الآخر هو مشروع نشر تقنيات حصاد المياه، لأجل توفير المياه في المناطق الصحراوية لأغراض السقي والرعي للسكان المستوطنين في المناطق الصحراوية، واستخدام توفير المياه لأغراض الزراعة، إضافة إلى مشروع تأهيل الغابات الاصطناعية التي تعمل على تلطيف الجو وتقليل من درجات الحرارة".

وبيّنت مزعل أن "هناك 11 غابة ومشجراً اصطناعياً، تحتوي جميعها على مشاتل خاصة، طاقتها الإنتاجية  مليونان شتلة سنوياً، وتوجد حملات ومبادرات ضمن هذه الغابات لإنشاء أصناف مقاومة للظروف المناخية ومتكيفة للبيئة القاسية، حيث تم تزويد المحافظات بملايين الأشتال من خلال توزيعها".

وقالت إن "المشكلة التي نعاني منها عدم الاستدامة وعدم العناية بهذه النباتات بعد انتهاء العمل، أي أن الجهة المستفيدة منها لا تراعي هذا الموضوع".

ولفتت مزعل لمشروع تنمية الغذاء النباتي من خلال المحافظة على الأراضي الرعوية ونشر النباتات الطبيعية في المراعي، و إنشاء محطات للمراعي والمشارب لرعي الأغنام والحيوانات، إضافة إلى مشروع  تنمية الحماد العراقي، وهو من ضمن الحماد السوري والسعودي والأردني، يختص بنشر تقنيات حصاد المياه والاستفادة من مياه الأمطار.

لكن هذا المشروع متوقف بسبب العمليات الإرهابية والعسكرية التي حدثت في مناطق الأنباء، حسب مزعل.

وأوضحت أن "مشروع الواحات الصحراوية من المشاريع الرائدة، الهدف منها خلق مرتكزات تنموية في البادية، لغرض تلطيف الجو واستغلال المساحات الصحراوية وتحويلها من أرض صحراوية إلى أراضٍ منتجة، وتعد جزءاً من الحزام الأخضر لردع العواصف الغبارية والتقليل من درجات الحرارة".

وقالت مزعل: "كل المشاريع هي على الخطة الاستثمارية، حيث نعاني من قلة التخصيصات المالية والروتين لإطلاقها كونها مرتبطة بوزارة التخطيط، فالخطة الاستثمارية لا تطلق إلا بعد إطلاق الموازنة، وغيرها من المعوقات التي تحول دون الحصول على نتائج تكون متكافئة مع حجم المشكلة، وهو سيناريو سيء جداً، وهناك تصاعد في وتيرة العواصف الغبارية والترابية، كون التربة فقدت الغطاء النباتي وأصبحت هشة وعرضة لأي رياح". 

وقالت مزعل إن "المساحات التي تعرضت للتصحر تقدر بـ 27 مليون دونم وفقدان بحدود مليون و747 ألف دونم من الغطاء النباتي الأخضر، خلال  الـ 10 سنوات الأخيرة".

وأشارت إلى أن "الأمم المتحدة تربط التصحر بموضوع تحقيق الأمن الغذائي، الذي يعتمد على الأمن المائي والبيئي، وهذا يحتاج إلى تكاتف كل الجهود لتفعيل وتخصيص مبالغ تتناسب مع حجم المشكلة، وألا تكون المشاريع مرتبطة بالخطة الاستثمارية". 

واختتمت مزعل حديثها للوكالة الرسمية بالقول: "نقترح إنشاء صندوق لمكافحة التصحر، من أجل المباشرة بالتنفيذ، أي لا ننتظر الخطة الاستثمارية التي تقل كل نهاية سنة".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.