أثار قرار وزارة التربية العراقية، القاضي بفصل الذكور عن الإناث في معاهد التقوية والتدريس الأهلية، جدلاً واسعاً بين المواطنين.
وحسب بيان الوزارة، اشترطت أن تكون الهيئات التدريسية في جميع المعاهد الأهلية من نفس الجنس: مدرسون ذكور إذ كان المعهد للذكور ومدرسات إناث إذا كان للإناث.
كما أقرت منع الاختلاط بين الذكور والإناث في المعاهد، وسيتم وضع المعاهد المخالفة للتوجيهات أعلاه تحت الإشراف المؤقت لمدة لا تقل عن (ستة أشهر).
وفي حال عدم الاستجابة، تُلغى الإجازة الممنوحة إليها وتُغلق بشكل نهائي، فضلاً عن تشكيل لجان قطاعية من الإشراف التربوي والاختصاصي لمتابعة المعاهد الأهلية ومدى التزامها، حسب البيان.
ويأتي القرار بعد انتشار مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، عن حفلة وداع أقيمت في بغداد لمعهد تدريس أهلي، رافقت أحداثه ألفاظ نابية، بالإضافة لفيديو آخر يُظهر مدرِّس مادة فيزياء يتحدث بألفاظ وصفت بأنها "خادشة للحياء" على طلابه من الذكور والإناث في معهد تقوية أهلي.
وفي وقت لاحق، شكلت وزارة التربية لجنة للتحقيق مع المدرِّس، نتج عنها سحب الصفة التربوية منه بتهمة "الإساءة لقدسية التعليم والذوق العام" وتم نقله إلى وظيفة إدارية.
"مستفز"
المُدرسة أريج هادي، اعتبرت القرار "مستفزاً وجاء في وقت غير مناسب للطلبة"، إذ يتزامن تنفيذه مع اقتراب نهاية العام الدراسي الحالي.
تقول لـ"ارفع صوتك"، إن "على الوزارة إتاحة الوقت الكافي للطلبة بشأن تنفيذ هكذا قرارات متسرعة، إذ سيؤثر على أوضاعهم مع الامتحانات النهائية".
كما تصف هادي القرار بأنه "غير حكيم" مضيفةً "سيؤثر كثيراً على العملية التدريسية، فالفصل بين المدرسات والمدرسين بحسب الجنس قد يكون له عواقب سلبية في مسألة استيعاب الطلبة للمناهج، خاصة عندما يتعلق الأمر باختلاف طرق التدريس بين مدرس وآخر".
والأولى برأيها "أن تصب وزارة التربية تركيزها في إصلاح العملية التربوية وتحاول معالجة الكثير من المشكلات المصيرية في التعليم، خاصة في تأهيل وتدريب المدرسين وتطوير مهاراتهم عبر مبادرات وبرامج في تخصصات مختلفة".
وتؤكد هادي أن "فوائد القرار الذي لا علاقة له بتدريس المناهج، لا تُقارن بحجم الضرر الذي سيلحق بالعملية التدريسة التي ستتغير بشكل كبير في البلاد".
"ليس غريباً"
من جهته، يؤيّد المدرّس نوفل حميد قرار التربية، لأنه "يدعم عادات المجتمع العراقي وتقاليده المحافظة" وفق تعبيره.
ويقول لـ"ارفع صوتك"، إن "الاختلاط بين الذكور والإناث تسبب في مشكلات أخلاقية راحت ضحيتها فتيات كثيرات، لما له من انعكاسات سلبية، كحرمانهن من التعليم".
ويضيف حميد أن "القرار من البيئة العراقية وليس غريباً عنها، فبدلاً من أن يمنع الأهالي بناتهم من التعليم بسبب سلوكيات يتم تداول فيديوهاتها عبر مواقع التواصل بين الحين والآخر، يتم فصل الجنسيين كوسيلة للحافظ على ديمومة تعليمهن".
"غير صائب"
في ذات السياق، تبدي الناشطة الحقوقية ابتسام نجم، استغرابها، من قرار الوزارة باعتباره "رد فعل على سلوك فردي، يضيّق الحريات العامة".
وتقول لـ"ارفع صوتك": "هذا ليس بجديد على وزارة التربية، فهناك قرارات متشابهة في سنوات ماضية كما في (مدارس للبنين ومدارس للبنات)".
وترى نجم أن قرار فصل الذكور عن الإناث "غير صائب لأنه يسعى إلى جندرة التدريس وخلق فجوة بين الجنسين، ما يعني فقدان الكثير من الخبرات التعليمية".
ولا تشكك الناشطة في أن يكون القرار "أُعد سابقاً، ولكن محاولات تنفيذه كانت قيد الفرص السانحة حتى لا يثير الرأي العام" على حد قولها.
وتتابع نجم: "الفصل بين الجنسين ومنع الاختلاط بينهما ربما قد يصل تدريجياً للجامعات العراقية، على الرغم من وجود ذلك بالفعل في بعضها".
أما عن تأييد الكثير من العراقيين للقرار، تصفه نجم بـ"غير المستغرب" مردفةً "تركيبة المجتمع العراقي دينية قبلية يعتبر أفراده أن الاختلاط ينافي تعاليم الشريعة الدينية وكذلك العادات الموروثة".