راعي أغنام عراقي قريباً من بحيرة حمرين في محافظة ديالى- فرانس برس
راعي أغنام عراقي قريباً من بحيرة حمرين في محافظة ديالى- فرانس برس

تعتمد الحاجة بهية عبد على ابنها علي في رعاية الماشية، حيث يقطع مع ماشية قوامها 15 خروفاً، كيلومترات عديدة داخل شوارع العاصمة بغداد ونواحيها على مدى 10 ساعات يومياً بحثاً عن العشب الوفير. 

ويقوم علي (27 عاماً) بذلك منذ طفولته، إذ توارث رعاية الأغنام عن أبيه وجده، ولكن الأمر غدا أكثر إرهاقاً في السنوات الأخيرة، حيث يصعب العثور على العشب والماء كالسابق. 

كان الاحتفاظ بقطعان الماشية ولا يزال في منازل أصحابها، ولا توجد حظائر لإيوائها، كما الحال مع الحاجة بهية. تقول لـ"ارفع صوتك": "طريقتنا في رعاية الماشية وتربية الحيوانات تقليدية وقديمة مثل الكثيرين، لأننا لا نقوى على تكاليف توفير الحظائر الخاصة، وأسعار العلف الحيواني مرتفعة". 

وداخل بيت واحد، بمنطقة الشعب شمال بغداد، تعيش الحاجة بهية مع ثلاثة من أبنائها وزوجاتهم وأطفالهم، وتؤمن لهم تربية الأغنام والأبقار وبيعها دخلاً مناسباً.

هذه الحياة تغيّرت، نتيجة عوامل عديدة، كارتفاع الأسعار وقلة مصادر العلف الحيواني، وملاحقات أمانة بغداد لرعاة المواشي ومصادرتها إذا ما عثرت عليهم يسرحون بها داخل المدن وفي الشوارع وبين المنازل.

ووفقا لبيان أمانة بغداد، يُمنع دخول المواشي إلى داخل المدن ضمن التصميم الأساس لمدينة بغداد، بالتالي تتم مصادرتها وإحالة أصحابها للمحاكم المختصة في حال مخالفتهم، حفاظاً على مشهد العاصمة الحضاري والقضاء على ظاهرة رعي المواشي التي سببت أضراراً بيئية إلى جانب مشهدها المسيء، حسب البيان. 

تعليقاً على ذلك، تقول الحاجة بهية: "بعض العاملين في أمانة بغداد يجبرون رعاة المواشي على دفع الرشاوى مقابل السماح لهم برعيها داخل المدن". 

وبرأيها، فإن الجهات الحكومية المعنية "لا تهتم بمعاناة رعاة المواشي، إذ لا توفر لهم العلف الحيواني بأسعار مناسبة، وكذلك الاحتياجات الأخرى كالعلاجات البيطرية وغير ذلك، فضلاً عن انعدام الدعم".

وذلك يتسبب بـ"خسارات فادحة لأصحاب المواشي، خاصة في مسألة استيراد المنتجات الحيوانية بدلاً من دعم ومساندة المحلي"، حسب الحاجة بهية. 

 

خسارات "فادحة"

معاناة الأفراد من رعاة المواشي لا تختلف كثيراً عن معاناة أصحاب المشاريع الكبيرة. 

يقول حمدان سهم، وهو أحد تجار المواشي، الذي يملك أكثر من 5000 رأس غنم، إن هناك تحديات "كثيرة" تواجهه في هذا المضمار، أبرزها "استيراد المنتجات الحيوانية التي تباع بأسعار زهيدة جداً" في السوق المحلي.

ويضيف لـ"ارفع صوتك": "نعاني أيضا ارتفاع أسعار العلف الحيواني، وانخفاض أسعار الأغنام المحلية بسبب المستورد، وندرة الدعم الحكومي".    

وهذه العوامل أدت إلى "إغلاق الكثير من أصحاب المواشي كالأغنام والأبقار أو الدواجن، مشاريعهم" إذ تسببت بخسارات "فادحة" لهم، حسب سهم.

ويؤكد أن استمرار هذا الوضع دون اهتمام حكومي "سيقضي على المنتج المحلي إلى الأبد، خاصة أننا نعاني من سوء المناخ وارتفاع نسب الأراضي الجرداء التي أثرت كثيراً على مصادر إطعام المواشي".  

 

الاقتصاد المحلي

يُقدر حجم الثروة الحيوانية في العراق من ناحية رؤوس الأبقار والأغنام حالياً، بنحو 13 – 16 مليون رأس، وفق ما أعلن عنه مؤخراً مدير دائرة الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة عباس سالم.  

وأشارت تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء، للأعوام السابقة، إلى أن عدد رؤوس الغنم نحو 12 مليوناً، والماعز أكثر من سبعة ملايين، والبقر مليونين ونصف المليون، بالإضافة إلى نصف مليون تقريباً من الجاموس، ومثلها من الإبل. 

من جهته، يقول الخبير الزراعي إحسان شمخي، إن "مشاريع الثروة الحيوانية مهددة بالإغلاق نتيجة الإهمال الحكومي وغياب الخطط الإستراتيجية في حماية المنتجات المحلية، فضلاً عن تهم الفساد وغير ذلك من المستورد الذي يباع بأسعار زهيدة لأنها غير خاضعة للرقابة الصحية". 

ويضيف لـ"ارفع صوتك"، أن "ما يحدث الآن هو مساع من تجار المستورد من سياسيين ورجال دين ومتنفذين، إلى ضرب المنتج المحلي، بهدف الاعتماد على ما يقومون باستيراده من لحوم وبيض ودواجن من إيران وغيرها من دون فرض ضرائب على المستورد لحماية المحلي".   

ويرى شمخي أن الحاجة الفعلية للاستيراد حالياً سببها "عدم تفعيل قطاع الثروة الحيوانية في البلاد، وانخفاض مستوياتها، خاصة مع انتعاش التهريب لمنتجات منتهية الصلاحية". 

ويتابع: "الإهمال الحكومي لرعاية المواشي يؤثر أيضاً على الاقتصاد المحلي، فبدلاً من خروج الأموال العراقية إلى تلك الدول لاستيراد هذه المنتجات، كان الأجدر مساندة المنتج المحلي ودعمه وهذه المبالغ المالية الهائلة تعود بالفائدة لأصحاب المشاريع من رعاة وفلاحين".    

ووفقاً لتصريحات وزارة الزراعة فإن هناك تنسيقاً مع الجهات الأمنية للحد من عمليات التهريب لمواد منتهية الصلاحية وغير خاضعة للإجراءات الصحية، فضلاً عن التنسيق مع إقليم كردستان باعتبار أن أغلب عمليات التهريب تتم عن طريق منافذ في الإقليم. 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

وسائل إعلام محلية وبرلمانيون يتحدثون أن موظفين في مكتب السوداني قُبض عليهم بتهم التجسس على مسؤولين كبار- أرشيفية
وسائل إعلام محلية وبرلمانيون يتحدثون أن موظفين في مكتب السوداني قُبض عليهم بتهم التجسس على مسؤولين كبار- أرشيفية

رفض مستشار سياسي لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اتهامات ترددت في الآونة الأخيرة بأن موظفين في مكتب رئيس الوزراء تجسسوا وتنصتوا على مسؤولين كبار وسياسيين.

ومنذ أواخر أغسطس، تتحدث وسائل إعلام محلية وبرلمانيون عراقيون عن أن موظفين في مكتب السوداني قُبض عليهم بتهم التجسس على مسؤولين كبار.

وقال المستشار فادي الشمري في مقابلة مع إحدى جهات البث العراقية أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس الجمعة "هذه كذبة مضخمة"، وهو النفي الأكثر صراحة من عضو كبير في فريق رئيس الوزراء.

وأضاف أن الاتهامات تهدف إلى التأثير سلبا على السوداني قبل الانتخابات البرلمانية المتوقع إجراؤها العام المقبل.

وتابع "كل ما حدث خلال الأسبوعين الأخيرين هو مجرد تضخم إعلامي يخالف الواقع والحقيقة".

وأثارت التقارير قلقا في العراق الذي يشهد فترة من الاستقرار النسبي منذ تولي السوداني السلطة في أواخر عام 2022 في إطار اتفاق بين الفصائل الحاكمة أنهى جمودا سياسيا استمر عاما.

وقال الشمري إنه تم إلقاء القبض على شخص في مكتب رئيس الوزراء في أغسطس، إلا أن الأمر لا علاقة له علاقة بالتجسس أو التنصت.

وأضاف أن ذلك الموظف اعتقل بعد اتصاله بأعضاء في البرلمان وسياسيين آخرين منتحلا صفة شخص آخر.

وأردف "تحدث مع نواب مستخدما أرقاما مختلفة وأسماء وهمية وطلب منهم عددا من الملفات المختلفة". ولم يخض الشمري في تفاصيل.

وتابع "لم يكن هناك تجسس ولا تنصت".