يسعى الإطار التنسيقي (تحالف الكتل الموالية لإيران) في العراق، عبر اللجوء إلى العشائر في وسط وجنوب البلاد، إلى الضغط على التيار الصدري من أجل تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر معاً والإبقاء على نظام التوافق السياسي لتشكيل الحكومة المقبلة.
ويشهد العراق منذ إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية في أكتوبر الماضية انسداداً سياسياً، إثر عدم توصل التيار الصدري وحليفيه، الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف "سيادة" السني، المنضويين تحت تحالف "إنقاذ وطن"، للاتفاق مع الإطار التنسيقي.
ولعب الأخير خلال الأشهر الماضية دور الثلث المعطل في البرلمان وتمكن من تأخير استكمال الاستحقاقات الدستورية بعد إعلان النتائج.
وتنشر قنوات ومؤسسات إعلامية تابعة للأحزاب والفصائل المسلحة المنضوية في الإطار التنسيقي منذ نهاية مايو الماضي حتى نشر هذا التقرير، جولات ولقاءات يجريها قادة الفصائل الموالية لإيران بينهم قيس الخزعلي، أمين عام "عصائب أهل الحق" مع رؤساء العشائر للتقارب عبرها مع التيار الصدري.
وأعلنت عشائر آل شبل في 28 مايو الماضي، أن رئيسها الشيخ محمد ال ثعبان الشبلي، التقى في مضيفه بمدينة النجف الخزعلي.
وذكرت في بيان أن "الشبلي ناشد مقتدى الصدر باسم شيوخ قبائل العراق بتشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، وتدارك الوضع في البلد الذي أصبح مأساوياً يرثى له في جميع القطاعات الاقتصادية والصحية والخدمية والزراعية، وأن الاتفاق على تشكيل الحكومة سيحد من هذه المشاكل التي يعاني منها أبناء الشعب العراقي".
في هذا الشأن، يقول السياسي المستقل علي البياتي، إن الاستعانة بالعشائر لحل الأزمة "خيار غير موفق يؤدي إلى إضعاف سيطرة الدولة بشكل عام وتقوية سلطة العشائر".
ويوضح لـ"ارفع صوتك": "هذا ضعف كبير جدا سيجعل الدولة مرهونة لأهواء واجتهادات كثيرة وسيمنعها مستقبلا من التدخل لسحب السلاح المنتشر، لذلك من الأجدر بالطرفين: التيار والإطار، الجلوس على طاولة الحوار والمفاوضات لفك الانسداد السياسي".
وخلال الأشهر الماضية، فشلت جميع المبادرات التي أطلقتها الأطراف السياسية للخروج باتفاق لتشكيل الحكومة، كما أن المحاولات الإيرانية التي قادها قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني ومسؤولين إيرانيين آخرين لتوحيد البيت الشيعي وتشكيل الكتلة الأكبر فشلت هي الأخرى.
وما زال الانسداد سيد الموقف وسط دعوات لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة كحل للأزمة الحالية.


من جهته، يؤكد عضو اللجنة العليا للميثاق الوطني العراقي، عبدالقادر النايل، على "أهمية العشائر في مستقبل القرار السياسي العراقي"، مشيراً إلى نجاح بعض الاتجاهات الحزبية خلال السنوات الماضية في توظيف العشائر للوصول إلى رئاسة الحكومة.
في نفس الوقت، يرى النايل أن العلاقة بين العشائر والإطار التنسيقي والتيار الصدري "ليست جيدة؛ خاصة بعد عمليات القتل التي تعرض لها المتظاهرون السلميون خلال احتجاجات تشرين".
ويبين لـ"ارفع صوتك": "لم تستجب الأطراف السياسية لنداء العشائر، ويعلم شيوخ القبائل بأن كلامهم لن يسمع، وأن خطوة الإطار والتيار هي ذات الخطوة التي تعكزوا عليها بتكليف المستقلين لتشكيل الحكومة".
"بالتالي، فإنها مجرد وسيلة لكسب الوقت والتسويف، وسيبقى الانسداد السياسي مستمراً خلال المرحلة المقبلة"، يتابع النايل.
ورغم أن التيار الصدري لم يعلن بعد عن محاولاته للخروج من الأزمة عبر العشائر، وعدم تمكن أعضائه من الإدلاء بتصريحات للإعلام بأوامر من زعيمه الصدر، إلا أنه وحسب معلومات حصل عليها "ارفع صوتك"، جرت خلال الأسابيع الماضية لقاءات بين ممثلين عن التيار وعدد من رؤساء وشيوخ عشائر بارزين لبحث الحلول اللازمة من أجل الخروج من الأزمة، وتأكيد التيار على تمسكه بتشكيل حكومة أغلبية وطنية.
يقول القيادي في تحالف "الفتح" علي الفتلاوي لـ"ارفع صوتك": "قد تكون هناك مبادرات تطلق في القريب العاجل لحوار حقيقي بين القوى غير المنسجمة في الرأي للخروج من حالة الانسداد"، دون أن يتطرق إلى تفاصيل هذه المبادرات.
ويشير إلى أن هناك "قناعة متوفرة لدى كل الكتل السياسية بضرورة الخروج من الأزمة قبل الدخول في منزلق خطير سيكون فيه الشعب العراقي المتضرر الوحيد".

