سيتم إنشاء السدة في هور الحويزة على الشريط الحدودي العراقي لتأمين الرصد والمراقبة- فرانس برس
سيتم إنشاء السدة في هور الحويزة على الشريط الحدودي العراقي لتأمين الرصد والمراقبة- أرشيفية

يؤكد الخبير الأمني احمد الشريفي، لـ"ارفع صوتك"، أهمية التحصينات الحدودية بين العراق وإيران "وضرورة المضي باستكمالها".

وفي نفس الوقت يراها "غير كافية إذا لم تتبع بتفاهمات دولية وإرادة وطنية لحماية الداخل العراقي".

ويقول الشريفي: "سياسة كسر الحدود خطوة اعتمدها تنظيم داعش الإرهابي، وحذت العديد من الدول نحو تلك الإستراتيجيات، بالتالي فإن خطر ذلك لا يمكن معالجته ميدانياً فقط دون توفير غطاء سياسي وتشريعي وجهد دبلوماسي".

ويضيف أن الحدود العراقية مع إيران "تشكل منافذ موت عبر توريد المخدرات التي لا تقل خطراً عن اجتياح داعش لمدن العراق عام 2014".

وقبل أيام، بحث محافظ البصرة أسعد العيداني مع وفد أمني برئاسة نائب قائد العمليات المشتركة الفريق الركن عبد الأمير الشمري، إعداد خطة عمل لإنشاء سدة ترابية تستخدم للأغراض الأمنية ونقل المياه للمناطق الزراعية.

وقال العيداني على هامش اللقاء ناقشنا في الاجتماع إنشاء سدة ترابية بطول 109 كيلو مترات تبدأ من قضاء ابي الخصيب وصولا الى راس البيشة جنوبي البصرة تنشأ من قبل قوات الجيش والحشد ونفط البصرة والموارد المائية وديوان المحافظة.

وقال إن هذه السدة "ستكون نظامية، يتم من خلالها وصول المياه للمناطق الزراعية وتوزيع النقاط الأمنية في المناطق الحدودية وتجهيزها بكاميرات حرارية من قبل ديوان المحافظة لمنع أي عمليات تسلل أو تهريب".

من جهته، قال الشمري، إن إنشاء السدة سيتم بصورة مشتركة بين الهندسة العسكرية لوزارة الدفاع وهيئة الحشد الشعبي بناء على قرار مجلس الوزراء (57 لعام 2022)، القاضي بإنشاء سدة ترابية على هور الحويزة.

وكان مجلس الوزراء العراقي أصدر في 15 من فبراير الماضي، توصيات بتمويل إنشاء سدة ترابية حدودية موازية للسدة الترابية الإيرانية، في هور الحويزة على الشريط الحدودي العراقي لتأمين الرصد والمراقبة، لمنع حالات التسلل والتهريب والعبور غير القانوني، وفرض سلطة الدولة على الحدود المائية في تلك المناطق.

ويبلغ طول السدة الترابية المقرر إنشاؤها على الحدود مع إيران، 109 كيلو متر، وتتكون  من خمسة مقاطع، بحسب مخططاتها الأساس، تتولى وزارة الموارد المائية ووزارة الدفاع وقيادة الحشد الشعبي ووزارة النفط ومحافظة البصرة تنفيذ كل جزء على حدة.

وتشكل الحدود الإيرانية التي يبلغ طولها أكثر من 1450 كم، مصادر تهديد للأمن القومي والمجتمعي للعراق منذ عشرين عاماً.

وكانت القوات العراقية أطلقت في يوليو 2020، حملة عسكرية كبرى استهدفت استعادة المنافذ الحدودية مع إيران التي ظلت المليشيات المسلحة تتحكم في مواردها وقنوات عبورها لسنوات طويلة.

وبعد نحو ثمانية شهور، استطاعت السلطات الأمنية بموجب الحملة التي أطلق عليها مصطفى الكاظمي حينها "ملاحقة الأشباح"، من استعادة 10 منافذ برّية، وهي: الشلامجة، بدرة، المنذرية، سفوان، القائم، طريبيل، الشيب، زرباطية، أبو فلوس، وعرعر.

كما تمت استعادة أربعة منافذ بحرية: أم قصر الشمالي، أم قصر الجنوبي، أم قصر الأوسط، وخور الزبير.

ويملك العراق أكثر من 20 منفذاً برّياً مع إيران وتركيا والكويت والأردن وسوريا والسعودية، فضلاً عن أربعة موانئ بحرية على مياه الخليج العربي، في محافظة البصرة جنوبي البلاد، ويقدر حجم التبادل التجاري الإجمالي في كلّ المنافذ بأكثر من 60 مليار دولار سنوياً.

وفي الآونة الأخيرة، تصاعدت عمليات تجارة وتعاطي المخدرات في العراق بعد أن كان ممر عبور لدول الجوار حتى عام 2003، ما رفع من مستوى التهديد والخطر داخل المجتمع العراقي.

وتؤكد بيانات وإحصائيات لدوائر أمنية ومختصة، أن أغلب تلك المخدرات تأتي عبر منافذ البلاد الجنوبية قادمة من إيران عبر دول باكستان وافغانستان.

وكان وزير الداخلية العراقي عثمان الغانمي، كشف في العام الماضي 2021 عن تقديرات صادمة استندت إلى تقارير أمنية واستخبارية، تفيد أن نحو 50% من الشباب العراقي يتعاطون المخدرات.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.