أصدر مجلس القضاء الأعلى في العراق، أرقاماً تؤشر على ارتفاع حالات الزواج الثاني خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام الجاري 2022.
ووفقاً لجريدة القضاء، أظهرت إحصائية أن معاملات مكاتب البحث الاجتماعي أنجزت 3801 حجة إذن بالزواج الثاني.
وذكرت أن حجج الزواج الثاني سجلت أعلى نسبة في رئاسة استئناف نينوى الاتحادية، حيث بلغت (339) حجة، تلتها رئاسة استئناف البصرة الاتحادية حيث بلغت (222) حجة، ومنثم رئاسة محكمة استئناف صلاح الدين الاتحادية بلغت (196) حجة.
وقال المجلس في بيانه، إن أسباب ارتفاع عدد حجج الزواج الثاني تعود إلى "العقم أو الإصابة بالأمراض المزمنة أو رغبة الرجل بزوجة ثانية، لاسيما عند تحسن وضعه الاقتصادي".
"وقعنا في الحب"
بعد سبعة أعوام على انفصالها من زوجها، وافقت علياء عبد الله (44 عاماً)، على أن تكون زوجة ثانية لرجل يصغرها بخمسة أعوام ولديه طفلان.
تقول علياء لـ "ارفع صوتك": "لقد وقعنا في الحب ولا يمكننا إلاّ أن نتزوج".
وتردد في روايتها كلام شريكها عن زوجته الأولى، قائلة "قضى معها 18 سنة، وهي لا تهتم بنفسها وشديدة الإهمال وتبحث عن المشكلات".
أما سبب قبولها بأن تكون الثانية، فهو "الشعور بالوحدة" حسب ما تؤكد علياء، خصوصاً أنها "ميسورة الحال، وتعمل في وظيفة حكومية، ولديها منزل ملك لها" كما تقول.
من جهتها، تقول نسرين جليل (38 عاماً)، إن زواجها من رجل متزوج كان "بسبب ما تعانيه من المجتمع ونظرته التي تحمل الإجحاف تجاه المرأة التي قارب عمرها الأربعين من دون زواج".
وتضيف لـ"ارفع صوتك": "ليس لدي معيل سوى شقيقي، ولا أعمل في وظيفة حكومية أو غيرها حتى أكون مرغوبة من الرجل الذي لم يتزوج مسبقاً".
"فالظروف الاقتصادية الصعبة، كان لها أيضا دور في الارتباط من متزوج ميسور الحال بدلاً من شاب يحتاج سنوات طويلة حتى يستقر مادياً"، تتابع نسرين.
وترى أن غالبية الرجال المستقرين مادياً "من كبار السن المتزوجين، وكما تمكنوا من تأمين حياة رصينة لأسرهم الأولى، حتماً سيفعلون ذلك مع زوجاتهم الأخريات" وفق تعبيرها.
وتشير نسرين إلى أن الزواج من رجل متزوج "أفضل بكثير من الارتباط بغير المتزوج، لأن المتزوج سيتعامل مع شريكته الثانية بشكل مغاير وسيحاول الحفاظ على ديمومة العلاقة بينهما".
"علاقاته العاطفية"
"إحدى علاقاته العاطفية والجنسية تحولت إلى زواج ثان"، تقول سهاد عادل، وهي أم لخمسة أبناء، تزوج زوجها بامرأة ثانية.
تقول لـ"ارفع صوتك" إنها "كانت على دراية بكل علاقات زوجها العاطفية التي بدأت تتزايد يوماً بعد آخر بسبب دخول التكنولوجيا والسوشال ميديا إلى حياته، لكنها لم تتوقع أن يتزوج بأخرى".
وتضيف سهاد: "اعتاد على خيانتي وتشاجرنا عدة مرات بسبب ذلك، وحاولت الطلاق لكن أغلب معارفي وأقاربي نصحوني بالبقاء لصالح أطفالي فتراجعت".
وتشير إلى أن زوجها "تغير كثيراً بعد زواجه من الثانية، إذ صار لا يطيق رؤيتها ويهملها"، مردفةً بحسرة "كأنني لست زوجته التي أنجبت له خمسة أبناء".
ومن الزوجات إلى الأزواج، حيث يقول ناصر ناجح (51 عاماً) الذي يدير مكتباً لبيع العقارات، إن زواجه من امرأة ثانية كان "بسبب رغبته في التغيير وإنجاب المزيد من الأطفال".
ويوضح لـ"ارفع صوتك": "حياة زوجتي الأولى صارت مسخّرة لتربية الأبناء، لم تعد تهتم بنفسها كالسابق، وطوال الوقت تشتكي من التعب والمرض".
وأنجب ناصر من زوجته الأولى سبعة أبناء، وفي عام 2016 تزوج بفتاة تبلغ من العمر 18 عاماً، كانت نازحة من مدينة الموصل التي كانت خاضعة آنذاك لتنظيم داعش الإرهابي.
ومثل الكثير من الرجال، يعتقد ناصر أن من حقه الزواج بأكثر من امرأة، كما حلل الدين الإسلامي الذي يتبعه، قائلاً "الكثير من الرجال اعتادوا على تعداد الزوجات في العراق، وأنا لم أفعل شيئا يغضب الله، لأن من حقي أن أتمتع بالحياة".
انفصال على أمل..
في نفس السياق، تعتبر المحامية نجلاء ياسين، أن "تعدد الزوجات من الأمور التي لا تخالف القانون والشرع، ولكن وفق التزامات وشروط، وربما أهمها العدل بين الشريكات".
ووفقاً لقانون الأحوال الشخصية العراقي (رقم 188 لسنة 1959) لا يجوز الزواج بأكثر من امرأة واحدة إلا بإذن المحكمة، التي تشترط إعطاء الإذن وفقًا لتحقق شرطين، هما: أن تكون للزوج كفاية مالية لإعالة أكثر من زوجة واحدة، وأن تكون هناك مصلحة مشروعة. كما يسمح القانون بالزواج من ثانية إذا كانت (أرملة، أومطلقة، وكذلك إذا كانت الزوجة الأولى عاقراً أو مريضة).
وياسين نفسها قررت الانفصال (الهجران لا الطلاق) عن زوجها بعد اكتشافها زواجه الثاني، ومنذ عامين تعيش مع طفليها في منزل والدها.
تقول لـ "ارفع صوتك": "الانفصال كان الحل المناسب لي، إذ لم يكن عادلاً معي طيلة حياتنا، وتحملت الكثير من ظروف الحياة الصعبة، لأكتشف في النهاية وبالصدفة زواجه من فتاة تدرس في الجامعة".
وتتذكر ياسين أنها استقبلت خبر الزوجة الثانية "بهدوء ولم تثر المشكلات، ولم تطلب الطلاق، وكل ما فعلته أنها تركت المنزل الذي كانا يعيشان فيه سويا".
وتوضح "لا أريد الطلاق. كان يمكنني الطعن بزواجه وفق القانون، لكني اكتفيت بالابتعاد عنه الآن، لأن الكثير من القضايا التي صادفتني بحكم عملي في المحاكم القضائية، كان الطلاق فيها حاضراً بقوة من الزوجة الثانية"، في إشارة إلى أنها ستنتظر تلك اللحظة.
وتؤكد ياسين، من خلال خبرتها العملية، أن الكثير من قضايا طلب الإذن بالزواج من ثانية التي صادفتها في المحاكم "تكون عادة وفق عوامل وأسباب اقتصادية واجتماعية، وتعتمد الموافقة عليها أو رفضها على قناعة القاضي الذي يطلب تبليغ الزوجة الأولى فقط".