ينتظر كامل إبراهيم حسين، وهو من أهالي قرية البرغلية في قضاء الحويجة جنوب غرب محافظة كركوك العراقية، الحكومة والمنظمات لمساعدته في استكمال العلاج من الإصابات التي تعرض لها إثر انفجار عبوة ناسفة بسيارته في ديسمبر 2019.
وتعرض لإصابتين بالغتين إثر الانفجار، إحداهما في وجهه أسفرت عن فقدانه احدى عينيه وفقد على أثرها سمعه أيضا، والثانية في بطنه، ما زال يعاني منهما بشدة.
ويقول كامل لـ"ارفع صوتك": "صرفت ما كنت أمتلكه من مال على العلاج خلال السنوات الماضية، الإصابة منعتني من ممارسة عملي وأقعدتني في البيت، ولم أحصل على أي مساعدة أو دعم من الحكومة أو المنظمات حتى الآن، لذلك أوضاعي الصحية متدهورة ولم يعد بإمكاني مواصلة العلاج، لأنني أحتاج إلى عمليات جراحية تكلف مبالغ باهظة".
قبل تعرضه للانفجار، كان كامل يعمل بسيارته في مجال نقل المحاصيل الزراعية من القرى إلى كركوك وأطرافها، لكن الانفجار دمر سيارته ولم تعد أوضاعه الصحية تسمح له بالعمل، لذلك تعتمد العائلة في توفير قوتها على ما يتقاضاه أحد أبنائها من العمل كعامل بأجر يومي.
وتشكل مخلفات تنظيم داعش من العبوات الناسفة والألغام عائقاً رئيساً أمام عودة الحياة إلى القرى والبلدات التابعة لقضاء الحويجة جنوب غرب محافظة كركوك، وتمنع كثافة انتشارها المزارعين والرعاة من ممارسة أعمالهم اليومية، خصوصاً مع بطء عمليات إزالتها.
وزرع التنظيم طيلة فترة سيطرته على قضاء الحويجة والقرى والبلدات التابعة له في كركوك التي استمرت من عام 2014 لغاية سبتمبر 2017، آلاف الأطنان من المتفجرات بين المناطق التي سيطر عليها والخاضعة للقوات الأمنية العراقية.
وبحسب مصادر أمنية عراقية لا توجد خرائط محددة لحقول الألغام التي زرعها داعش، لأنه اعتمد على الزرع العشوائي للألغام والعبوات الناسفة وغالبيتها متفجرات محلية الصنع.
ورغم عودة الحياة إلى مركز قضاء الحويجة الذي كان من أبرز معاقل التنظيم الإرهابي الرئيسة في العراق بعد الموصل، إلا أن المعاناة مستمرة مع تفجّر تلك المخلفات وإيقاع الضحايا بين السكان، كل حين وآخر.
ورغم استمرار فرق رفع الألغام والمتفجرات سواء الحكومية او التابعة للمنظمات الدولية والمحلية لعملياتها في تطهير الأراضي من الألغام في كركوك، إلا أن محافظة كركوك تؤكد أن الشريط الذي كان خط تماس بين القوات الأمنية والتنظيم البالغ طوله أكثر من 70 كيلومترا وعرضه (5-10) كيلومترات ما زال الأخطر والأكثر زرعاً للعبوات ومخلفات الحروب.
ويوضح مسؤول في مديرية الدفاع المدني بمحافظة كركوك لـ"ارفع صوتك"، مفضلا عدم ذكر اسمه: "تمكنت مديرية الدفاع المدني في محافظة كركوك عبر فرقها الخاصة من رفع أكثر من 18 ألف مقذوف حربي متنوع من مركز قضاء الحويجة وأطرافه بعد تحرير القضاء مباشرة".
"وساهمت هذه الجهود في عودة العائلات النازحة إلى مناطقها، لكن ما زالت هناك بعض المناطق الزراعية خاصة الواقعة في حدود ناحية سيروان، تحتوي على الألغام والعبوات الناسفة وتوقع الضحايا من المزارعين والفلاحين والأطفال بين الحين والآخر"، يضيف المسؤول.
ويشير إلى عدم وجود إحصائيات دقيقة عن أعداد الضحايا لدى مديريته، موضحاً أن عمليات تطهير الأراضي حاليا تعتمد على بلاغات الأهالي بوجود عبوات أو مقذوفات حربية، تتوجه بناء عليها فرق الدفاع المدني إلى المنطقة الملوثة لتطهيرها.

وكشف محافظ كركوك، راكان الجبوري، خلال المؤتمر الدولي للمانحين في الأعمال المتعلقة بالألغام في العراق الذي احتضنته بغداد فبراير الماضي أن "138 قرية في كركوك هدمت بالكامل، ودمرت معظم بيوتها بتفجير العبوات وبقيت فيها عبوات أخرى كثيرة وذخائر متنوعة"، مشيرا إلى أن كثافة المتفجرات تعيق عودة أكثر من 40 ألف نازح إلى هذه القرى.
وبحسب الجبوري، يتعرض السكان المحليون والقوات الأمنية شهرياً إلى انفجار عبوتين أو أكثر من المخلفات الحربية والعبوات المزروعة في المنطقة.
من جهته، يقول الناشط محمد علي الجبوري، وهو من أهالي قضاء الحويجة، إن مواجهة المخلفات الحربية لا يمكن أن تقتصر على الإجراءات المتعلقة بتطهير الأراضي منها فقط.
"نحن بحاجة إلى تحرك لمساعدة ضحايا هذه المخلفات الحربية من الناحيتين المادية والمعنوية، وتقديم الدعم النفسي لهم وإعادة تأهيلهم كي يتمكنوا من ممارسة حياتهم الطبيعية، والعمل على الحد من مخاطر هذه المخلفات على مستقبل الحياة في هذه المناطق"، يبين محمد لـ"ارفع صوتك".
