العراق

الأخير كان 1997.. لماذا تأخر إجراء التعداد السكاني في العراق؟

ارفع صوتك
28 يونيو 2022

يشكل فقدان الأرقام والبيانات الرسمية، في العراق، بيئة منعشة لتفاقم الفساد، والتلكؤ في توزيع الثروات بين المواطنين.

ولذلك، تدفع السلطات المختصة اليوم، نحو تجاوز العقبات التي عطلت إجراء التعداد السكاني طيلة حوالي 25 عاماً، إذ أجري آخر تعداد عام 1997.

يقول المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، لـ"ارفع صوتك"، إن التعداد السكاني "أداة احصائية تحليلية مهمة في بلدان العالم ليس فقط للتعرف على أعداد السكان والمستويات والفئات العمرية فحسب، إنما هي أداة رقمية تخطيطية للتعرف على جودة الحياة من حيث الظروف التعليمية والصحية والسكنية ونوعية خدمات البنية التحتية".

ويضيف أن التعداد أيضاً "يوفر الأرقام الحقيقية والدقيقة المعبرة عن الاحتياجات الأساسية للسكان، التي تحدد من هم في خط الفقر الفعلي في البلاد ومن هم خارجه، لتحديد مستويات الازدهار الاقتصادي والاجتماعي ومتطلبات تحقيقها في خطط وبرامج التنمية والسياسات العامة الاخرى المستقبلية".

وكان وزير التخطيط خالد بتال النجم، أعلن في السادس من يونيو الجاري، عن تحديد الربع الأخير من عام 2023 موعداً لتنفيذ التعداد العام للسكان والمساكن، عبر آليات إلكترونية وضمن معايير إحصائية وصفها بـ"العالمية".

كما أوضح المتحدث باسم وزارة التخطيط الهنداوي، أن "الهيئة العليا للتعداد، وعقب اجتماع برئاسة النجم، قررت أن يكون الموعد الأولي للتعداد في الربع الأخير من عام 2023، على أن يسبقه إجراء تعداد تجريبي نهاية 2022".

وأضاف الهنداوي، خلال مؤتمر صحافي حضره مراسل "ارفع صوتك"، أن " المجلس الأعلى للسكان صادق على جميع القرارات التي اتخذتها الهيئة، بما فيها الموعد والتعداد التجريبي والاستمارة الإلكترونية".

وشدد على "ضرورة استكمال كل المتطلبات الأساسية لتنفيذ التعداد العام للسكان خلال سنة ونصف السنة قبل إجراء التعداد وفي مقدمتها إجراء تعداد تجريبي لاختبار القدرات والإمكانات البشرية والتقنية واللوجستية ".

ومن المؤمل أن يشترك في تنفيذ التعداد العام للسكان أكثر من 120 ألف عداد من المعلمين والمدرسين، ويتطلب تنفيذه نحو 130 ألف جهاز لوحي.

وتستبق عملية التعداد ضمن المتطلبات الأساسية إجراء الحصر والترقيم للدور والمباني والأسر، فضلاً عن إدخال العدادين دورات تدريبية بما يؤهلهم لتنفيذ الإحصاء.

وتبلغ الكلفة التخمينية التي وضعتها الوزراء للتنفيذ 120 مليار دينار عراقي، وتم تضمينها في الموازنة الاستثمارية للعام الحالي 2022 .

وقال الهنداوي: "المشكلة في عدم تنفيذ التعداد في السنوات السابقة كانت التخصيصات المالية، والآن بعد تحويل البرنامج إلى الموازنة الاستثمارية أصبحت المهمة ميسرة، بالتالي سنمضي بالتعداد وفق السقوف الزمنية، وهنالك خطط متكاملة من القطاعات المختلفة التسعة في الوزارة والتي تعمل في مختلف الاتجاهات من أجل استكمال الخطة وتنفيذها وفي وقتها المحدد".

وبشأن تأثر ذلك بتأخر إقرار الموازنة، لفت الهنداوي إلى أن "المشاريع الاستثمارية يكون الصرف عليها وفقاً للنسب المنجزة وليس الصرف الكامل، بمعنى أنه كل ما يتم استكمال خطوة يتم صرف مبلغ مستحقاتها".

وعلى مدار الحكومات المتعاقبة ما بعد 2003، أخفقت المؤسسات المعنية بإجراء التعداد السكاني تحت ذرائع وأسباب دائماً ما كانت تبوب بالجوانب المالية واللوجستية، فيما كان وجهها الآخر يتمحور حول تنازع وصراع بين إرادات سياسية، بشأن نقاط خلافية عدة بينها المناطق المتنازع عليها ومضامين استمارة الإحصاء ومحاولات تضمنيها اللقب والمذهب والديانة بما يعزز الهويات الفرعية.

وفي وقت سابق كشفت وزارة التخطيط العراقية، عن مطالب ضاغطة من قبل أحزاب تطالب بأن يتضمن التعداد السكاني سؤالاً عن المذهب أو الطائفة، وهذا يخالف الدستور العراقي، حسب الوزارة.

الإحصاء (التعداد): منهجية موحدة وغالباً ما تكون رسمية أو حكومية، تذهب أبعد من تعداد السكان فحسب لتشمل جمع البيانات الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية التي تنطبق في فترة زمنية محدودة على كافة الأشخاص في بلد ما أو جزء محدد منه، وتجميع هذه البيانات وتحليلها ونشرها. وهو عملية دورية تُجرى وفق توصيات الأمم المتحدة مرة كل 10 سنوات.

وأواخر العام الماضي 2021، عزا النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي السابق، حسن الكعبي تأخير إجراء التعداد السكاني، إلى بعض "الرغبات السياسية"، لافتاً أن تأخيره  تسبب بـ"اختلالات كبيرة" كان يمكن تجاوزها فيما لو توفرت إحصائيات وبيانات دقيقة للعديد من المشاكل التي يعاني منها البلد.

وطبقاً لتقديرات أصدرتها وزارة التخطيط فإن عدد سكان العراق لعام 2021 بلغت 41190658 نسمة، بواقع 20810479 نسمة من الذكور، يشكلون 51% من مجموع السكان، في حين قُدر عدد الإناث بـ20380179 نسمة، يشكلن 49% من السكان.

وبحسب تلك التقديرات فإن عدد سكان المناطق الحضرية للعراق بلغ 28779201 نسمة، وبنسبة مقدارها 69.9% من مجموع سكان العراق. أما سكان المناطق الريفية، فقد بلغ عددهم 12411457 نسمة بنسبة 30.1% من مجموع سكان العراق.

ووفق ذلك ، شكلت العاصمة بغداد أعلى المحافظات في عدد السكان، إذ قُدر عدد قاطنيها بـ8780422 نسمة، وتشكل نسبة مقدارها 21.3% من مجموع سكان العراق، بينما جاءت محافظة المثنى، أقل المحافظات سكاناً بنحو 880 ألف نسمة، بنسبة 2.1%.

وكانت اللجنة الحكومية العليا للتعداد السكاني في العراق، أوصت في 16 أغسطس 2021، بتأجيل إجراء التعداد إلى العام المقبل بسبب جائحة كورونا والأزمة المالية التي تعصف بالبلاد بسبب تراجع أسعار النفط.

وآخر تعداد لسكان العراق أظهر أن عدد السكان بلغ 22,017,982 مليون نسمة منهم 11,058,922 مليون نسمة ذكورا و10,590,060 مليون نسمة إناثا .

ارفع صوتك

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.