عام 2018 تم إطلاق هذا الدب في بريّة كردستان العراق من قبل القوات الأمنية هناك
عام 2018 تم إطلاق هذا الدب في بريّة كردستان العراق من قبل القوات الأمنية هناك- تعبيرية

"التنوع الأحيائي في الأهوار سيتأثر بشكل كبير ومن المتوقع أن يشهد انخفاضاً خطيراً"، يقول رئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئية رعد حبيب الأسدي، لـ"ارفع صوتك".

ويوضح: "شحة المياه وانخفاض مناسيبها أخذت تؤثر بشكل خطير على التنوع الأحيائي لمساحات شاسعة تمتد عليها الأهوار، إذ يوجد أكثر من 250 نوعاً من الطيور الداجنة والبرية، فضلاً عن أعداد كبيرة من الجاموس وكلب الماء العراقي والأسماك وغيرها من الكائنات الحية المهددة بالانقراض والنفوق".  

ومن العوامل الأخرى، حسب الأسدي: "التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، إذ تؤدي لزيادة ملوحة التربة" مضيفاً "قبل أيام وصلت معدلات الملوحة لأكثر من 4000 جزء بالمليون في الأهوار الوسطى، وهذا المعدل خطير جد". 

لكن المشكلة كما يقول "لا تنتهي عند هذا الحد. فلآثار السلوك البشري كالصيد الجائر من دون رادع أو قوانين تحد من أنشطته، تؤثر على التنوع الأحيائي، خاصة للكائنات النادرة". 

ويدعو الأسدي الجهات الحكومية لاتخاذ تدابير عاجلة من أجل إيقاف "هذه الكارثة" حسب وصفه.

ومن هذه التدابير "أن يكون لوزارة الخارجية العراقية دور للحديث مع تركيا وإيران بهذا الخصوص، فضلاً عن العدالة في توزيع الحصة المائية بين المحافظات من قبل الحكومة، ورفع التجاوزات الكثيرة على نهري دجلة والفرات، مع دعم الشرطة البيئية وتنشيط دورها عبر تشكيل خلية أزمة حقيقية تُعنى بإدارة هذا الملف في البلاد كلها" وفق الأسدي.

 

قوانين غير فعالة

على الرغم من وجود العديد من القوانين التي تسعى للحفاظ على التنوع الإحيائي بالنظم البيئية في البلاد، إلا أن أغلبها غير فعال أو ربما معطل بحسب المحامي أحمد خليل. 

يقول خليل لـ"ارفع صوتك"، إن "التهاون في فرض القوانين وراء ازدياد الصيد الجائر وانخفاض أعداد الحيوانات وتهديد غيرها بالانقراض في البلاد كافة".

وينص قانون العقوبات العراقي رقم (111 لسنة 1969)، أنه في حالة قتل حيوان "يعاقب مرتكب الفعل بالحبس مدة لا تزيد على سنة، وغرامة لا تزيد على 100 دينار، وذات العقوبة لمن قام بتعذيب حيوان أليف واستخدمه في أعمال معينة بشكل قاس".  

كما ينص قانون (48 لسنة 1976)، على تنظيم الصيد للحيوانات المائية ومنع استخدام المفرقعات والسموم والإبادة الجماعية والمواد الكيميائية التي تؤثر على بيوض الأسماك، وحدد عقوبة تصل إلى السجن 7 سنوات، وشدد على أنه يجب امتلاك الصياد إجازات صيد. 

أيضاً، ينص قانون (رقم 17 لسنة 2010)، على منع الصيد منعاً باتاً وحدد عدداً معيناً من الحيوانات المائية والبرية التي لا يمكن صيدها إلا لغرض التجارب العلمية. 

 ويرى المحامي أن "تفعيل القوانين والعمل بها بات مشكلة القطاعات كافة في البلاد، نتيجة الفساد المستشري، فمسألة منع الصيادين من مزاولة الصيد وخاصة في البرية العراقية، يعني منع المتاجرة بالحيوانات، وهذا الأمر لا يخدم الكثير من الذين يزاولون هذه المهنة". 

ووفقاً لمدير ناحية قزانية (شرق بعقوبة) مازن الخزاعي، فإن نحو 20 نوعاً من الحيوانات البرية، تنخفض أعدادها عاماً بعد آخر بسبب الصيد الجائر، وبعض هذه الأنواع قد تنقرض في السنوات القادمة مثل طائر الحر (أغلى أنواع الصقور) وكذلك (الغزلان) كالريم العراقي والذئاب، كما نشر موقع "بغداد اليوم".

وفي الآونة الأخيرة اتسعت بشكل كبير مهنة المتاجرة بالحيوانات وخاصة النادرة والمفترسة، وأنشئت الكثير من المحال الخاصة ببيعها.

وعبر مواقع التواصل، يتم بيع الكثير من أسلحة الصيد ومعداته الخاصة بأسعار زهيدة، إذ تصل تكلفة الرصاصة الواحد إلى 250 دينار (نحو 17 سنتا أميركياً). 

فعند التجوال في شارع المشاتل بالعاصمة بغداد يتفاجأ المواطن، بتحوّل الكثير من المشاتل الزراعية التي كان أصحابها يعرضون الأشجار والنباتات للبيع، إلى محال لبيع مختلف أنواع الحيوانات المفترسة والأليفة وكذلك الطيور وغيرها من النادرة والممنوعة. 

ويشير المحامي خليل، إلى أن الحل الوحيد للحد من مشكلة انقراض الحيوانات البرية  "تفعيل القوانين وتشديد الرقابة على الصيادين والمتاجرين". 

وكان مجلس الوزراء قرر عام 2014، اعتماد ذلك العام ليكون عام البيئة في العراق، حيث دعت وزارة البيئة آنذاك إلى رفع أداء ومستوى شرطة البيئة، وطالبت وزارة الداخلية بأن يكون ارتباط مديرية الشرطة البيئية مباشرة بوزارة البيئة.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.