"التنوع الأحيائي في الأهوار سيتأثر بشكل كبير ومن المتوقع أن يشهد انخفاضاً خطيراً"، يقول رئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئية رعد حبيب الأسدي، لـ"ارفع صوتك".
ويوضح: "شحة المياه وانخفاض مناسيبها أخذت تؤثر بشكل خطير على التنوع الأحيائي لمساحات شاسعة تمتد عليها الأهوار، إذ يوجد أكثر من 250 نوعاً من الطيور الداجنة والبرية، فضلاً عن أعداد كبيرة من الجاموس وكلب الماء العراقي والأسماك وغيرها من الكائنات الحية المهددة بالانقراض والنفوق".
ومن العوامل الأخرى، حسب الأسدي: "التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، إذ تؤدي لزيادة ملوحة التربة" مضيفاً "قبل أيام وصلت معدلات الملوحة لأكثر من 4000 جزء بالمليون في الأهوار الوسطى، وهذا المعدل خطير جد".
لكن المشكلة كما يقول "لا تنتهي عند هذا الحد. فلآثار السلوك البشري كالصيد الجائر من دون رادع أو قوانين تحد من أنشطته، تؤثر على التنوع الأحيائي، خاصة للكائنات النادرة".
ويدعو الأسدي الجهات الحكومية لاتخاذ تدابير عاجلة من أجل إيقاف "هذه الكارثة" حسب وصفه.
ومن هذه التدابير "أن يكون لوزارة الخارجية العراقية دور للحديث مع تركيا وإيران بهذا الخصوص، فضلاً عن العدالة في توزيع الحصة المائية بين المحافظات من قبل الحكومة، ورفع التجاوزات الكثيرة على نهري دجلة والفرات، مع دعم الشرطة البيئية وتنشيط دورها عبر تشكيل خلية أزمة حقيقية تُعنى بإدارة هذا الملف في البلاد كلها" وفق الأسدي.
قوانين غير فعالة
على الرغم من وجود العديد من القوانين التي تسعى للحفاظ على التنوع الإحيائي بالنظم البيئية في البلاد، إلا أن أغلبها غير فعال أو ربما معطل بحسب المحامي أحمد خليل.
يقول خليل لـ"ارفع صوتك"، إن "التهاون في فرض القوانين وراء ازدياد الصيد الجائر وانخفاض أعداد الحيوانات وتهديد غيرها بالانقراض في البلاد كافة".
وينص قانون العقوبات العراقي رقم (111 لسنة 1969)، أنه في حالة قتل حيوان "يعاقب مرتكب الفعل بالحبس مدة لا تزيد على سنة، وغرامة لا تزيد على 100 دينار، وذات العقوبة لمن قام بتعذيب حيوان أليف واستخدمه في أعمال معينة بشكل قاس".
كما ينص قانون (48 لسنة 1976)، على تنظيم الصيد للحيوانات المائية ومنع استخدام المفرقعات والسموم والإبادة الجماعية والمواد الكيميائية التي تؤثر على بيوض الأسماك، وحدد عقوبة تصل إلى السجن 7 سنوات، وشدد على أنه يجب امتلاك الصياد إجازات صيد.
أيضاً، ينص قانون (رقم 17 لسنة 2010)، على منع الصيد منعاً باتاً وحدد عدداً معيناً من الحيوانات المائية والبرية التي لا يمكن صيدها إلا لغرض التجارب العلمية.
ويرى المحامي أن "تفعيل القوانين والعمل بها بات مشكلة القطاعات كافة في البلاد، نتيجة الفساد المستشري، فمسألة منع الصيادين من مزاولة الصيد وخاصة في البرية العراقية، يعني منع المتاجرة بالحيوانات، وهذا الأمر لا يخدم الكثير من الذين يزاولون هذه المهنة".
ووفقاً لمدير ناحية قزانية (شرق بعقوبة) مازن الخزاعي، فإن نحو 20 نوعاً من الحيوانات البرية، تنخفض أعدادها عاماً بعد آخر بسبب الصيد الجائر، وبعض هذه الأنواع قد تنقرض في السنوات القادمة مثل طائر الحر (أغلى أنواع الصقور) وكذلك (الغزلان) كالريم العراقي والذئاب، كما نشر موقع "بغداد اليوم".
وفي الآونة الأخيرة اتسعت بشكل كبير مهنة المتاجرة بالحيوانات وخاصة النادرة والمفترسة، وأنشئت الكثير من المحال الخاصة ببيعها.
وعبر مواقع التواصل، يتم بيع الكثير من أسلحة الصيد ومعداته الخاصة بأسعار زهيدة، إذ تصل تكلفة الرصاصة الواحد إلى 250 دينار (نحو 17 سنتا أميركياً).
فعند التجوال في شارع المشاتل بالعاصمة بغداد يتفاجأ المواطن، بتحوّل الكثير من المشاتل الزراعية التي كان أصحابها يعرضون الأشجار والنباتات للبيع، إلى محال لبيع مختلف أنواع الحيوانات المفترسة والأليفة وكذلك الطيور وغيرها من النادرة والممنوعة.
ويشير المحامي خليل، إلى أن الحل الوحيد للحد من مشكلة انقراض الحيوانات البرية "تفعيل القوانين وتشديد الرقابة على الصيادين والمتاجرين".
وكان مجلس الوزراء قرر عام 2014، اعتماد ذلك العام ليكون عام البيئة في العراق، حيث دعت وزارة البيئة آنذاك إلى رفع أداء ومستوى شرطة البيئة، وطالبت وزارة الداخلية بأن يكون ارتباط مديرية الشرطة البيئية مباشرة بوزارة البيئة.