استهداف منشآت غاز ونفط عراقية.. هل "يطرد" الاستثمارات؟
يعتبر الخبير العراقي في قطاع النفط، كوفند شيرواني، أن الهجمات المتكررة على بنى تحتية اقتصادية عامة متمثلة في حقل مهم للغاز الطبيعي في كردستان، بمثابة "تحذير" للإقليم من المضي في تطوير موارد الغاز الطبيعي.
ويضيف لـ"ارفع صوتك": "تطوير الإقليم لموارد الغاز الطبيعي يمكن أن يجعل العراق يستغني عن استيراد الغاز وبعدها الكهرباء من إيران، التي تجني سنويا 2-3 مليارات دولار من ذلك".
ويرى شيرواني أنه "في حال التعاون بين الإقليم والحكومة الاتحادية مستقبلاً في استثمار وإنتاج الغاز الطبيعي، يمكن أن يكون العراق مصدّراً للغاز إلى أوروبا عن طريق تركيا، وسدّ جزء من الطلب المتزايد على الغاز الطبيعي بعد تراجع الصادرات الروسية".
ويضيف أن "الجهات المنفذة لهذه الهجمات تخدم بدرجة واضحة أجندة إقليمية وليست عراقية، وتلحق ضررا بالغاً باقتصاد الإقليم وهو جزء من العراق الفيدرالي، وتمثل رسالة عدائية للاستثمارات والتعاون بين العراق ودول الخليج، فالشركة المستهدفة والعاملة في تشغيل الحقل الغازي هي شركة إماراتية".
ويؤكد شيرواني أن الهجمات الصاروخية التي يتعرض لها إقليم كردستان "انتهاك لسيادة الدولة العراقية وهيبة مؤسساتها" مردفاً "بعض الفصائل المسلحة غير المنضبطة بوسعها إطلاق الصواريخ وزعزعة الاستقرار دون أن تتمكن الدولة من ردعها".
"وتزامنت هذه الهجمات مع أحداث الفوضى التي شهدتها محافظة ميسان جنوب العراق، إثر إغلاق جماهير غاضبة الطرق المؤدية للحقول النفطية. والحوادث الأخرى من هذا النوع ستعطي رسالة سلبية عن استقرار الأوضاع في العراق بشكل عام، وتجعله بيئة طاردة لا جاذبة للاستثمارات والمستثمرين في قطاع النفط والقطاعات الأخرى"، يتابع شيرواني.
هجمات متكررة
وتصاعدت وتيرة الهجمات على منشآت النفط والغاز في إقليم كردستان خلال الأشهر الماضية من العام الحالية، وكانت آخرها تعرض حقل كورمور الغازي في ناحية قادر كرم التابعة لقضاء جمجمال بمحافظة السليمانية بإقليم كردستان، وتعمل فيه شركتا "دانة غاز "و"الهلال" الإماراتيتين، لثلاث هجمات صاروخيه متتالية خلال يومي 22/23 يونيو الحالي.
وتعرضت مدينة أربيل عاصمة كردستان العراق وضواحيها، خلال فترة عام ونصف الماضية لأكثر من 12 هجوما، خمسة هجمات نفذت بطائرات مسيرة،والبقية بصواريخ، بينها الهجوم الصاروخي الذي استهدف المدينة في مارس الماضي وأعلن الحرس الثوري الإيراني مسؤوليته عنه
وأشارت المعلومات بعد كل هجوم خلال الأشهر الماضية إلى وقوف المليشيات العراقية الموالية لإيران خلفه. ورغم أن هذه المليشيات لا تعلن مسؤوليتها، إلا أنها وعبر الصفحات الرسمية التابعة لها على شبكات التواصل الاجتماعي تعلن دعمها لها.
وقال رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني، الأربعاء الماضي، خلال ترأسه الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء: إن "الهجمات تهدف لإلحاق الضرر بالموارد المالية والاقتصادية وتعطيل عملية الاستثمار في الإقليم".
وبحسب بيان لمجلس وزراء الإقليم، صدر عقب الاجتماع، "أوعز المجلس للوزراء والوزارات والجهات المعنية للقيام بواجبها في حماية المنشآت الوطنية للإقليم خاصة وأنها تعدّ مصدراً لتوفير رواتبه ونفقاته العامة"..
وكشف وكيل وزارة الثروات الطبيعية في إقليم كردستان، أحمد المفتي، في مؤتمر صحافي، قبل أسبوع، أن "حقل كورمور ينتج 450 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا يستخدم لإنتاج الكهرباء"، نافيا أي احتمال لانسحاب شركة "دانة غاز" الإماراتية من الحقل.
وقال إنها "ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الحقل للهجوم، دون أن يتوقف إنتاج الغاز بأي شكل من الأشكال".
والاثنين الماضي، أي بعد المؤتمر، أعلنت شركة "دانة غاز" تعليق عملها "بشكل مؤقت" في مشروع توسيع حقل كورمور، "دون أن يؤثر ذلك على إنتاج الغاز الطبيعي من الحقل".
وأنشئ مشروع "غاز كردستان" عام 2007، بعد توقيع شركتي "دانة غاز" و"الهلال" الإماراتيتين اتفاقية مع حكومة الإقليم، من أجل الحصول على حق تخمين وتطوير وإنتاج وتسويق وبيع المنتجات النفطية في حقلي كورمور وجمجمال، وباشر المشروع بإنتاج الغاز في أكتوبر 2008.
ضرر اقتصادي
في نفس السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي خطاب عمران الضامن، أن استهداف المشروعات الاستثمارية في إقليم كردستان "محاولة للإساءة لتجربة الإقليم الاقتصادية الفتية والناجحة لأغراض سياسية".
ويقول لـ"ارفع صوتك": "في حال استمرار هذه الهجمات، سوف تؤدي إلى هجرة المشروعات الاستثمارية القائمة وطرد المستقبلية، ما سيضر بالاقتصاد العراقي في مجالات ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع مستويات الفقر، لأن إقليم كردستان يوفر فرص عمل لمئات الآلاف من سكان الإقليم ومحافظات العراق الأخرى من مختلف أطياف ومكونات الشعب العراقي".
ويشير الضامن إلى أن الأوضاع الحالية "تتطلب من سلطات إقليم كردستان تكثيف الجهود الأمنية والاستخبارية لإحباط الهجمات المستقبلية، بالإضافة إلى اعتماد وسائل السلامة والأمان في جميع المشروعات المستهدفة".
وعززت حكومة إقليم كردستان من تدابيرها الأمنية والعسكرية في ناحية قادر كرم، التي يقع فيها حقل كورمور للغاز، بهدف حماية الحقل والحد من الهجمات الصاروخية التي يتعرض لها.