العراق

الصدر "سيحاسب ورثة المقاعد" وأتباعه يعلنون الجاهزية

ارفع صوتك
02 يوليو 2022

"بداية لتصفية المواقف ومحاسبة لورثة المقاعد النيابية"، بهذه الكلمات يعلق المحلل السياسي علي الكاتب، على بيان صالح العراقي الملقب بـ"وزير القائد"، الذي نشره الجمعة، في حساباته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويضيف لـ"ارفع صوتك"، أن "انسحاب الصدر وكما توهم البعض في قراءته على أنه تخل وفشل وتسليم، لم يكن إلا بمثابة تهيئة لأمر أوسع رفضاً وأكثر تأليباً للخصوم، من خلال دفعهم إلى مواجهة الشارع الاحتجاجي وخصوصا من أنصاره وجهاً لوجه".

من جهته، يقول المحلل السياسي عبد الأمير المجر: "ليس هنالك إرادة شعبية في تغيير المعادل السياسي الذي حكم العراق منذ عام 2003 فحسب، إنما هنالك رغبة وعزم دولي على إخراج البلاد من مستودع القيادات الولائية".

ويوضح لـ"ارفع صوتك"، أن "الصدر سواء كان في السلطة أو خارجها يمتلك من أوراق القوة والإمكانات المؤثرة في الشارع والقرار السياسي، ما لم يمتلكها أحد من حلفائه أو خصومه في الساحة العراقية، بالتالي هو قادر على تطويع المواقف وإدارة البوصلة وإن تعثر ذلك قليلاً".

وبعد نحو 18 يوماً من توقيع استقالة نواب الكتلة الصدرية وانسحابهم الكامل من عضوية البرلمان العراقي، تأتي رسائل "وزير القائد" لتبيان الأسباب التي دفعته لاتخاذ قرار المغادرة.

وجاءت الإيضاحات على وقع استياء متصاعد من قبل الشارع العراقي المناهض لعودة القوى السياسية المقربة من إيران بعد تقاسمها تركة الصدر النيابية وزيادة حجم تمثيلها النيابي.

ومع ما ذكره حساب صالح العراقي الملقب بـ"وزير القائد" من أسباب توزعت على تدوينتين بينهما نحو يومين، إلا أن الأخيرة كانت تحمل في بعض فقراتها إنذاراً شديداً من تداعيات هذا الانسحاب.

وقال في تدويته الثانية ليل أمس الجمعة: "لعل البعض يتوهم أن قرار انسحابه هو تسليم العراق للفاسدين والتوافقيين، كلا، بل هو تسليم لإرادة الشعب ولقراره، وإن غدا لناظره قريب".

كما أشار في ختام جملة من الأسباب التي أوردها، أن "الانسحاب جـاء ببدلاء شيعة.. فهـل سيكون بداية لقوة المذهـب؟! أم بدايـة لنهب الأموال والصفقات المشبوهة؟، أم سيسرق مصفى الدورة كما سُرق مصفى بيجي من قبل!؟؟"، في إشارة واضحة إلى فصائل مسلحة مقربة من إيران كانت خرجت من عباءة الصدر قبل أكثر من عقد.

ذلك البيان الذي أخرجه محمد صالح، قابله تحشيد وتفاعل كبيرين من قبل أنصار الصدر الذين سارعوا إلى إطلاق وسم "#جاهزون"، في مواقع التواصل الاجتماعي.

 

وتناولت صفحات ومواقع لأسماء وجهات موالية للصدر، صوراً وتعليقات لحشود عشائرية وتجمعات لأفراد، يعلنون من خلالها موقفهم وجاهزيتهم للشروع بتظاهرات مليونية والتسليم لأي أمر يوجه لهم من زعيمهم في الحنانة.

وتوعد جمهور الصدر وأتباعه بإطلاق ما أسماه بعضهم "ثورة كاسحة ضد الفاسدين"، وبما يزيحهم عن منصة العمل السياسي ويضعف تواجدهم ومستوى حضورهم في الحكومة المتنازع على تشكيلها .

يأتي ذلك بالتزامن مع دعوة وجهها مدير مكتب الصدر ، إبراهيم الجابري إلى الأنصار في تدوينة مقتضبة "كونوا على أتم الجهوزية".

وعبر أفراد من "سرايا السلام"- الجناح المسلح للتيار الصدري، عبر مواقف وردود جاءت ضمن وسم "جاهزون"، استعدادهم لتلبية نداء الصدر أي كان نوعه ومهامه.

وكان مراقبون ومختصون بالشأن السياسي، أعربوا عن مخاوفهم من "تداعيات خطيرة" عقب انسحاب الصدر من العملية السياسية.

وقالوا في حينه، إن قرار الصدر يحمل في جنباته مواقف وتفسيرات، بينها نزع الشرعية عن النظام السياسي برمته وليس الأمر محصوراً بانسحاب من الحكومة والتسليم لقرار الاستقالة.

وتوقع جملة من المحللين ان الحكومة المقبلة ومع صعوبة تشكيلها في ظل التقاطع الواضح بين حلفاء الصدر وخصومه من الإطار التنسيقي، إذا ما جاءت ستكون ميتة قبل الولادة لأنها ستأتي من خارج الشارع الجماهيري الأكبر وهم التيار الصدري.

وكان مجلس النواب عقد جلسة استثنائية أواخر الشهر الماضي، جرى خلالها تأدية اليمين الدستورية لـ64 نائباً من بدلا الصدر المنسحبين.

 

في المقابل، تفاعل عشرات العراقيين من نشطاء وإعلاميين على مواقع التواصل مع خطاب "وزير القائد"، متخوفاً بعضهم مما سيأتي، وآخر انتهز فرصة للتأشير على الفساد المشار إليه بخصوص مصفى بيجي، حتى أن البعض دعا النشطاء والمتظاهرين الذين شاركوا في "انتفاضة تشرين" أو أيدوها، الانضمام لصفوف مناصري الصدر في الشوارع، على اعتبار أن الهدف الآن بات "واحداً".

 

 

 

ويُذكر أن غالبية المتظاهرين والنشطاء في احتجاجات أكتوبر 2019، من أشد المعارضين للتيار الصدري على رأسه زعيمه الصدر، ويتهمونهم بالوقوف وراء مقتل العديد من المتظاهرين واختطاف آخرين، وأطلقوا عليهم اسم "ذوي القبعات الزرق" لأنهم كانوا يرتدونها أثناء اعتدائهم على المتظاهرين في عدة مدن.

 

ارفع صوتك

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.