على وقع أحداث متسارعة تجري القوى السياسية في بغداد وكردستان، حوارات توصف بمفاوضات "الأمتار الأخيرة"، قبيل تعيين الجلسة البرلمانية المرتقبة الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية.
وتأتي تلك المباحثات العاجلة والإصرار على تجاوز نقاط الخلاف داخل الفريقين، متأثرة بالتسريبات المنسوبة لرئيس ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي، التي أشعلت الرأي العام وفتحت باب الاحتمالات على مصراعيه، مما يقتضي تدارك الفراغ وتجنب غضب الشارع العراقي الذي بات على حافة الانفجار.
وتتوزع الأزمة الراهنة عند جبال كردستان وغرف العاصمة بغداد، على أمل ان ينتهي كل فريق من تصفية المواقف ومن ثم الجلوس معاً للمضي بتحالف ينبثق منه الكتلة النيابية الأكبر صاحب التخويل في تكليف مرشح رئاسة الوزراء لتشكيل الحكومة.

فيما يخرج البيت السني من مجريات مشهد الأطراف المتنافسة بعد أن حصد نصيبه مقدماً بالحصول على رئاسة البرلمان في جلسة وصفت حينها بـ"الصاخبة" في يناير الماضي.
وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني أنهى، الاثنين الماضي، جولة تفاوضية قادها وزير الخارجية العراقية فؤاد حسين مع وفد الاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية، جاءت مخرجاتها الأولية ببوادر انفراج نهائي لأزمة اختيار مرشح رئيس الجمهورية.
وتسربت من خلال ذلك اللقاء أنباء عن اتفاق كردي- كردي بشأن العديد من الملفات الخلافية بين الجانبين، منها إجراء الانتخابات النيابية في كردستان المتوقعة أكتوبر المقبل، والتفاهم على توزيع المناصب والأدوار بما يأتي كمقدمة لحسم الخلاف بين مرشحي الطرفين لرئاسة الجمهورية.
النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، جياي تيمور وفي حديث لـ"ارفع صوتك"، يؤكد أن "اجتماع السليمانية كان إيجابياً ورشحت منه بوادر لانتهاء عقدة تسمية مرشحي رئاسة الجمهورية".
وعقب انتهاء الاجتماع في السليمانية، زار رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافال طالباني الزعيم الكردي مسعود البارزاني في مقره بمصيف صلاح الدين في أربيل، لتكون جسلتهما بمثابة استكمل لتلك المناقشات وكتابة الورقة الأخيرة التي سيحملها الكرد معهم إلى بغداد.
في هذا، يقول تيمور إن "هناك ثلاث طروحات ومقترحات أحدها قدمه الاتحاد بأن يتنازل عن جميع المناصب السيادية في الحكومة الاتحادية المقبلة، مقابل تولي مرشحه برهم صالح المنصب لولاية ثانية، وطرح الديمقراطي ذات الفكرة بأن يتنازل هو أيضاً عن المناصب مقابل منصب الرئيس".
"والطرح الثالث تضمن طلب الديمقراطي تنازل برهم صالح عن الترشيح مقابل تقديم الحزبين مرشح تسوية كردي للمنصب من المستقلين وهناك عدة أسماء"، تابع تيمور.
وقدم الاتحاد الوطني الكردستاني، صالح المنتهية ولايته، مرشحاً لرئاسة الجمهورية فيما يرشح الديمقراطي الكردستاني ريبر أحمد لشغل ذلك المنصب.
ومنذ تشكيل أول حكومة برلمانية منتخبة عام 2006، جرت الأعراف السياسية على أن يكون منصب رئيس الجمهورية من نصيب الكرد وتحديداً من الاتحاد الوطني الكردستاني، يقابله تقديم تنازلات لغريمه التقليدي الديمقراطي إزاء المناصب الوزارية في بغداد وكردستان.

وفي بغداد، أنهى الإطار التنسيقي اجتماعاً، الثلاثاء، انبثق عنه تشكيل لجنة داخلية مؤلفة من أربع قياديين مهمتها تسمية مرشح رئيس الوزراء.
وأوردت وكالة "بغداد اليوم" العراقية، أن مصادر مطلعة أكدت "اختيار أربع شخصيات قيادية في الإطار لتسمية رئيس الوزراء المقبل على أن يتم طرحها في اجتماع تقرر عقده، اليوم الأربعاء".
وأوضحت المصادر أن "اللجنة التي شكلها الإطار التنسيقي لاختيار رئيس الوزراء تضم أربعة قياديين من الخط الأول، هم: همام حمودي، وقيس الخزعلي، وعمار الحكيم، وعبد السادة الفريجي".
"والمرشحون لرئاسة الوزراء هم حيدر العبادي ومحمد السوداني وعبد الحسين عبطان وعلي شكري وقاسم الأعرجي "، حسب المصادر، لافتةً إلى أن "الأوفر حظ بينهم العبادي والأعرجي".
وأشارت إلى أن "عدة محددات وضعت لاختيار شخصية رئيس الوزراء، سيتم على ضوئها اختيار شخصية مقبولة لدى جميع الأطراف".
يتزامن مع ذلك تصريح متلفز لنوري المالكي، أكد من خلاله "أن رئيس الوزراء المقبل سيكون من الخط الثاني ضمن الإطار التنسيقي"، متبعاً بالقول : "إلا أننا بانتظار التوافق الكردي بشأن رئاسة الجمهورية".
من جانبه يؤكد عضو كتلة الفتح، علي حسين لـ"ارفع صوتك"، أن "الإطار التنسيقي في جلسة مفتوحة وعلى مدار الأيام المقبلة انتهاءً بانعقاد جلسة البرلمان التي سيتم فيها التصويت على مرشح رئاسة الجمهورية وتسمية مرشح رئاسة الوزراء".
ويوضح أن "اللجنة المشكلة ستضع المرشحين لرئاسة الوزراء وفق المعايير والمواصفات التي حددها الإطار وإذا ما تم طرح شخصية واحدة سيكون التوافق عليها بالأجماع".
"وإذا ما طرحت اللجنة أكثر من مرشح ستخضع للتوافق من قبل أقطاب الإطار العشرة وفي حالة عدم الحسم سيتم اللجوء إلى الهيئة العامة"، يتابع حسين
ويستكمل مجلس النواب غداً الخميس، جلسته التي بدأها، الاثنين، في استضافة قادة الكتل السياسية للوقوف على آخر التطورات التي وصلت لها الأطراف الكردية والشيعية بشأن تسمية رئيس الجمهورية والوزراء.
ويجري الحديث عن انعقاد جلسة مرتقبة لمجلس النواب الأسبوع المقبل ستكون مخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية وتكليف مرشح الكتلة النيابية الأكبر لرئاسة الوزراء.