العراق

لماذا "تأخر"؟.. آخر تطورات قانون الضمان الصحي العراقي

ارفع صوتك
21 يوليو 2022

رغم تعثر الالتزام في بدء تطبيقه حسب التوقيتات الملزمة التي جاءت في تشريعه قبل عامين، إلا أن خطوات الشروع بتنفيذ قانون الضمان الصحي (التأمين الصحي) بدأت شيئاً فشيئاً، لكن ببطء، نتيجة العديد من العراقيل والتحديات. 

وكان البرلمان العراقي أقر في أكتوبر 2020، القانون، الذي جاء في 12 فصلاً بواقع 44 مادة. وكان يجب أن يدخل حيز التنفيذ في فبراير 2021، بحسب ما نصت عليه المادة الأخيرة، إلا أن العمل به لم يحصل إلا في أغسطس 2021، وأوكلت المهمة لهيئة الضمان الصحي.

يقول المتحدث باسم الهيئة، إيهاب عبد الكريم لـ"ارفع صوتك"، إن "الفترة بين شباط (فبراير) وآب (أغسطس) كانت مخصصة للتسجيل وتقديم الخدمات وإجراءات تشكيل الهيئة ووضع الضوابط وواجبات تشكيلات الضمان الصحي"، في إشارة إلى عدم تنفيذه مباشرة.

ويؤكد أن "العمل جارٍ مع وزارة الصحة والنقابات المعنية لوضع الواجبات وحزم الخدمات وقوائم الأدوية وأعداد النظم الرقابية، بالإضافة لموضوع الحوكمة الإلكترونية والاستمارة الإلكترونية الخاصة بالتسجيل التي سيتم الإعلان عنها قريباً عبر منصة أور الحكومية".

"التوقيتات الزمنية الخاصة بتنفيذ القانون كانت من أهم العقبات في شروع تنفيذه، لأنها غير كافية، فحجم المشروع كبير جداً ويتطلب تجهيزات واستعدادات كبيرة، من بينها قاعدة بيانات وتهيئة البنى التحتية للمؤسسات الصحية بما يرفع من جودة أدائها"، يتابع عبد الكريم.

aqasim
العراق: جدل حول تنفيذ قانون الضمان الصحي الجديد
أعاد قانون الضمان الصحي للموظفين، بشأن تسديد نسبة شهرية من رواتبهم وبشكل اجباري، فتح النقاش من جديد حول التدهور الحاصل في النظام الصحي ومدى جودته، هل هناك بالفعل ضمانات حكومية؟ وهل تمثل الاستقطاعات التي سيسددها الموظفين، حرصا

وبشأن تعليق التنفيذ واستكمال مراحل التطبيق بإقرار الموازنة العامة، يوضح عبد الكريم، أن "تمويل صندوق الضمان الصحي يأتي عبر عدة قنوات فصلها القانون، وفي حال كان الإنفاق الكلي أكبر من قيمة المدخلات سيلتزم مجلس الوزراء بتغطية العجز المالي".

ويقول إن "فلسفة قانون الضمان الصحي، تقوم على توزيع الضرر بين الجميع، من مبدأ التكافل الاجتماعي وبما يرفع من مستوى الخدمات الصحية التي تليق بالمواطن العراقي".

ويضيف عبد الكريم: "من المفترض أن يسهم الضمان الصحي في تقليل نسب الإنفاق التي يبذلها المواطن على الاستطباب والأدوية العلاجية من 60% إلى أقل من 30%".

وبحسب الخطط الموضوعة، من المفترض أن ينفذ قانون التأمين الصحي على ثلاث مراحل، تنطلق أغسطس المقبل، لكنه لا يزال بانتظار إقرار الموازنة العامة، المتأخرة نتيجة تعطّل تشكيل الحكومة منذ انتخابات أكتوبر الماضي.

و تتضمن المرحلة الأولى تسجيل المواطنين الموظفين بصورة إلزامية لشمولهم بالضمان الصحي، وبعدها يكون تسجيل كافة المواطنين بصورة اختيارية، ثم بمرور عدة أشهر عندما يبدأ تنفيذ القانون يتم تسجيل كل المواطنين في المرحلة الثالثة.

وللهيئة بحسب القانون الجديد موازنة مالية تغذيها مصادر عدة حددتها  المادة (12)، بينها ما يخصص للوزارة من الموازنة العامة للدولة وبدلات الاشتراك والأقساط السنوية أو الشهرية للمشتركين، فضلاً عن الضرائب المستحصلة على تجارة السجائر وأنواع التبغ الأخرى والمواد الضارة صحياً والمشروبات، بنسبة ٣٥% من مجموع الإيرادات والضرائب والغرامات.

وحسب القانون يكون التسجيل إلزامياً للحصول على التأمين الصحي لموظفي مؤسسات الدولة، لكنه اختياري للمتقاعدين والعوائل وأرباب العمل والنقابات.

وفي المادة (27) من القانون، يُفترض أن يتم استيفاء مبالغ من الدرجات الخاصة بنسبة 2.5% واستيفاء نسبة 1% من الرواتب الكلية لموظفي الدولة الآخرين ومن يقابلهم في القطاع الخاص.

كما ينص القانون على شمول بعض الشرائح مجاناً بالضمان الصحي، وهم أحد الزوجين غير الموظف وأبناء الموظف حتى 21 سنة والمستمرون بالدراسة منهم لغاية 24 سنة، والبنات العازبات والنساء المطلقات والأرامل من غير الموظفات.

وتقدم الخدمات المجانية بموجب القانون الجديد لكل من مرضى السرطان والمصابين بالأمراض النفسية والعقلية وأمراض الدم الوراثية وعجز الكلى والتخلّف الذهني وأصحاب الاحتياجات الخاصة من الأجهزة الأمنية بأصنافها كافة، والذكور غير الموظفين ممن تجاوزت أعمارهم 60 سنة، والإناث غير الموظفات ممن تجاوزت أعمارهن 55 سنة والأطفال دون سن الخامسة.

من جهته، يؤكد المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر، في حديث مقتضب لـ"ارفع صوتك"، أن مراحل تنفيذ القانون "ستستغرق سنوات".

ويرى الطبيب علي العنبوري، أن "قانون الضمان الصحي من حيث الشكل مقبول وعلامة تعاف في بناء ورعاية الفرد، ولكن من الناحية الواقعية والتطبيقية لا يتعدى الأمر أكثر من كونه احتيالاً على جيوب الفقراء".

ويضيف لـ"ارفع صوتك"، أن "استقطاع الاشتراكات من المواطنين وبمختلف الفئات المشمولة في ظل البنى المؤسساتية الصحية المتهالكة ومستوى الأداء الهابط للخدمات المقدمة إلى المرضى، يمثل احتيالاً على مدخلات الفرد وسرقة مشرعنة تحت غطاء قانوني".

ارفع صوتك

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.