العراق

أين وصل مشروع بناء مركز "حوار الأديان" في العراق؟

دلشاد حسين
22 يوليو 2022

تستعد محافظة ذي قار جنوب العراق، للمباشرة في بناء مركز "حوار الأديان" الذي سيحتضن دور عبادة لأتباع الديانات الإبراهيمية (اليهودية والمسيحية والإسلام) إلى جانب الديانة الصابئية، وقاعات ومنتدى لحوار الأديان، في مدينة أور الأثرية.

ورغم أهمية أور التاريخية كونها أحد المدن السومرية الرئيسة جنوب بلاد ما بين النهرين، إلا أن الأوضاع التي يشهدها العراق منذ عقود جراء الحروب والأزمات الاقتصادية والأمنية، ساهمت بإهمالها وغيرها من المدن والمواقع الأثرية البارزة.

وكان اختيار بابا الفاتيكان البابا فرانسيس، أور، لأداء صلاة موحدة بين الأديان الإبراهيمية والديانات الأخرى خلال زيارته للعراق في مارس 2021، سلط الضوء على هذه المدينة التي تشير المصادر التاريخية والدينية في مقدمتها الإنجيل، إلى أنها مسقط رأس النبي إبراهيم.

وأعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي نهاية العام الماضي، أن اللجنة المعنية بعملية تطوير مدينة أور السياحية انتهت من إعداد التصاميم الأساسية للمشروع، مشيرة إلى أن "عملية تطوير المدينة السياحية الجديدة، ستتضمن إنشاء مركز لحوار الأديان، ومسجد وكنيسة ومتحف، بالإضافة لمجمعات سكنية وفندقية، ومناطق سياحية وترفيهية، ستجعل منها قبلة للزائرين من داخل وخارج العراق"، وفق نصّ بيانها.

يقول مساعد محافظ ذي قار لشؤون التخطيط، غسان الخفاجي، إن مجلس الوزراء أصدر الأمر الديواني (رقم 38 لسنة 2021) الخاص بتطوير أور، بعد زيارة البابا فرانسيس إليها، وشمل طرح الأفكار والرؤى لاستثمار هذه الزيارة، كما تم تحديد عدة مواقع للتطوير والاستثمار قرب المدينة الأثرية، التي تتوافق مع محددات هيئة الآثار والسياحة".

ويضيف لـ"ارفع صوتك" أن "المبدأ من إنشاء مركز حوار الأديان هو تجسيد التعايش السلمي الذي يتمتع به العراق، المعروف بتنوع وتعدد الأطياف والأديان".

وتشهد مدينة أور الأثرية منذ زيارة البابا، تزايداً لإقبال السياح الأجانب على زيارتها. وقال مديرها علي كاظم، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية في 25 مايو الماضي، إن "توافد السياح مستمر ونأمل ارتفاعه مع تطبيق أعمال التأهيل والتطوير".

كما اتسعت الزيارات السياحية إلى "الأهوار ومدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار"، حسب كاظم.

من جهته، يؤكد مستشار محافظ ذي قار لشؤون المواطنين، حيدر سعدي، أن "الحكومة المحلية خصصت أرضا مساحتها أكثر من 10 آلاف متر مربع، لإنشاء مركز حوار الأديان، الذي سيحتضن دور عبادة لجميع الديانات الإبراهيمية ضمن مشروع مدينة أور السياحية".

ويبيّن لـ"ارفع صوتك"، أن "مشروع إنعاش وإحياء مدينة أور جزء من التراث الإنساني، بالتالي ينبغي أن يشمل جميع الطوائف والديانات ويكون مركزا لاجتماع ووحدة هذه الديانات والشعوب وملتقى لها، ويساهم بإعادة العراق الى مكانته الحضارية في العالم".

أما أسباب عدم البدء بالبناء حتى كتابة هذا التقرير، فهي حسب سعدي، تتعلق بالإجراءات الروتينة والأساسية قبل الشروع بالبناء "كإجراء عملية مسح واسعة للمنطقة من أجل فرز المناطق الأثرية فيها أولا، ثم تحديد مساحة خالية من المناطق والتلال الأثرية، كي يتم التشييد فيها لا فوق الآثار، وبعد انتهاء المسح تتم المباشرة بإنشاء المباني ضمن المدينة السياحية". 

ونقلت وكالة الانباء العراقية في مايو الماضي، عن المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء حيدر مجيد قوله، إن "اللجنة المعنية في الأمانة العامة وجهت بتخصيص مبلغ 10 مليارات دينار من صندوق محافظة ذي قار، لغرض إنشاء البنى التحتية للمدينة السياحية في أور، واتخاذ جميع الإجراءات لتطوير المدينة الأثرية حيث تم التعاقد مع إحدى الشركات المحلية".

وقال إن الشركة "باشرت بالفعل بالعمل على إنشاء البنية التحتية للمدينة السياحية تمهيداً لاستكمال بقية الأعمال داخل المشروع".

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.