صورة أرشيفية لجايمس فيتون قبيل محاكمته السابقة- رويترز
صورة أرشيفية لجيمس فيتون قبيل محاكمته السابقة- رويترز

برّأت محكمة التمييز العراقية البريطاني جيمس فيتون من تهمة تهريب الآثار، فألغت بذلك حكماً صدر بحقّه بالسجن 15 عاماً، على أن يتمّ الإفراج عنه خلال الأيّام المقبلة، كما أفاد محاميه الاثنين وكالة فرانس برس. 

وقال المحامي ثائر سعود "تم نقض الحكم هذا اليوم من قبل محكمة التمييز تبرئة موكلي من التهمة"، إثر استئناف قدّمه قبل أكثر من شهر بالحكم السابق.

وأوضح سعود أنه سيتم الإفراج عن فيتون "في الأيام القادمة بمجرد اكتمال الاجراءات". 

ونشر على صفحته على فيسبوك نصّ القرار الصادر عن محكمة التمييز والذي أورد أنه تمّ "نقض وإلغاء التهمة الموجهة لجيمس فيتون ... والإفراج عنه لعدم كفاية الأدلة المتحصلة ضده".

ورأت محكمة التمييز أن محكمة الجنايات التي أصدرت الحكم بحقّ فيتون في حزيران/يونيو الماضي، استناداً إلى قانون الآثار والتراث العراقي، "اعتمدت في تأسيس قراراتها على الجانب المادي الظاهر للجريمة... دون مراعاة الجانب الآخر المتعلق بالركن المعنوي للجريمة (القصد الجرمي)". 

واعتبرت المحكمة أن "القصد الجرمي" لم يكن متوفراً. 

واستندت بذلك على أن  فيتون "دخل العراق بصفة سائح وبصورة مشروعة وأنه أجرى جولاته السياحية في أماكن سياحية دينية وأثرية عامة برفقة مرشد سياحي وإن القطع المضبوطة التي التقطها كانت موجودة في أماكن مترامية ومنتشرة في الأرض وبدون حراسة وكان مظهرها الخارجي يوحي بأنها أحجار عادية وليست أثرية".

وأعرب من جهته صهر فيتون، سام تاسكر في اتصال مع فرانس برس عن "سروره بالخبر"، مضيفاً "إننا ننتظر الآن الإفراج عنه". 

أوقف البريطاني جيمس فيتون (66 عاماً) مع الألماني فولكار فادلمان (60 عاماً) في مطار بغداد الدولي في 20 آذار/مارس وكان فيتون يحمل في حقيبته عشر قطع أثرية هي عبارة عن كسارات سيراميك وفخار بغالبيتها، فيما كانت بحوزة فالدمان  قطعتان قال إن رفيقه في الرحلة سلّمه إياهما.

وكان الرجلان وصلا إلى العراق في رحلة سياحية منظمة ولم تكن بينهما معرفة من قبل.

وبعد ثلاث محاكمات، برأت محكمة الجنايات الألماني، فيما أدانت فيتون بتهمة محاولة تهريب قطع أثرية من البلاد وحكمته بالسجن مدة 15 عاما. 

ودفع المتهمان ببراءتهما حينما طرح عليهما القاضي سؤالا حول ما إذا كانا مذنبين بتهريب آثار وهي جريمة تصل عقوبتها وفق قانون التراث والآثار العراقي في مادته الحادية والأربعين إلى حدّ الإعدام لكلّ "من أخرج عمدا من العراق مادة أثرية أو شرع في إخراجها".

وكان المحامي سعود اعتبر في دفوعاته أمام القاضي أن الأدلة المتوافرة تنفي وجود "قصد جرمي" لدى موكله، وأبرزها "وجود القطع بشكل متناثر" على الأرض.

وأشار إلى غياب "لافتات تحذيرية" في الموقع، تحذّر السياح من عدم التقاط القطع عن الأرض، وكذلك "عدم تسوير" الموقع، "فكان الانطباع أن من الممكن التقاطها". 

ولفت كذلك إلى "عدم قيام المرافقين بهيئة الآثار والتراث بتحذير موكلي من عدم التقاط القطع". 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.