العراق

العراق: عدم حسم مرشح رئاسة الجمهورية "يعيق" انعقاد جلسة البرلمان

ارفع صوتك
29 يوليو 2022

تترقب الأوساط السياسية والعامة، بقلق، جلسة متوقعة لمجلس النواب العراقي، يسبقها تحرك أمني لتحصين المنطقة الرئاسية، في مقابل فيما تحشيد من أنصار التيار الصدري لتظاهرة، غداً السب، قد تأتي على شاكلة ما جرى الأربعاء الماضي.

وكان المجلس النواب عقد خلال الأيام الماضية جلستين استضاف خلالهما قادة القوى السياسية، للاطلاع على مستجدات الأزمة الراهنة التي تعطل استكمال مقررات نتائج انتخابات أكتوبر، بتسميةٍ متفقٍ عليها لرئاسة الجمهورية والمكلف بتشكيل الحكومة.

وتداولت تسريبات نيابية وجود جلسة لبرلمان ستعقد غداً السبت، استكمالاً لما بدأته بعد انتهاء العطلة التشريعية الأولى للمجلس، واستمراراً لبذل الجهود لإنهاء الانسداد السياسي.

يقول النائب عن ائتلاف "دولة القانون"، جاسم الموسوي، لـ"ارفع صوتك"، إن إمكانية انعقاد الجلسة  ما زال متاحاً، لكن لم يتم تحديد وقتها، بالتالي وبحسب المعطيات الحالية لن تنعقد في ظل بقاء الخلاف الكردي- الكردي بشأن مرشح رئاسة الجمهورية".

ويضيف أن "القوى السياسية طلبت من رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي عقد جلسة طارئة ولكن الأخير لم يرد الجواب بشأن ذلك لغاية الآن".

وإذا ما كانت هنالك أسباب تدفع لتعطيل الجلسة في قادم الأيام، يؤكد الموسوي، أن "أصل عدم الانعقاد يأتي بسبب عدم حسم القوى الكردية تسمية مرشح جمهوري متفق عليه وليس ما يتم تداوله بشأن التحشيد الذي أعلنه التيار الصدري".

ويتابع مؤكداً: "مرشحنا هو محمد شياع السوداني وهنالك إصرار من قبل  الإطار التنسيقي للإبقاء عليه، وما جرى من تحرك للصدريين مؤخراً باقتحام الخضراء يأتي ضمن مخطط للإبقاء على حكومة الكاظمي والذهاب نحو انتخابات مبكرة"

وشهد الأسبوع الماضي، تطورات كبيرة أفرزت في جريانها منعطفات جديدة للأزمة، بعد أن قدم الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء، قابلها تقارب بين الحزبين الرئيسيين الديمقراطي والاتحاد الكردستانيين بشأن حسم اختيار شخصية واحدة لرئاسة الجمهورية، سرعان ما تلاشى وعاد الطرفان للتمسك بمواقفهما السابقة.

ودفع خيار الإطار التنسيقي بتسمية مرشحه إلى تثوير المشهد شيئاً فشيئاً من قبل الخصم المعارض مقتدى الصدر وأنصاره، الذين عبروا عن ذلك الرفض بتظاهرة مفاجئة انتهت باقتحام المنطقة الرئاسية وسط بغداد ودخول مجلس النواب قبل أن ينسحبوا استجابة لزعيمهم.

وحتى ليل الخميس الجمعة، لوح الصدر عبر تغريدة لـ"وزير القائد" محمد صالح العراقي، بالتحرك نحو تظاهرة ذات تحشيد أكبر إذا ما استمر ممن أسماهم "الفاسدين"، بـ"تبعيتهم وكرههم للوطن". وتضمنت أيضاً : "اليوم جرة أذن وغداً؟". في إشارة لتصعيد الموقف.

وتزامن ذلك مع مواقف مشابهة لقيادات وأنصار للتيار الصدري عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، التي تضمنت الوعيد والتهديد، كان أبرزها للقيادي حازم الأعرجي، الذي كتب عبارة "السبت جاهزون".

كما توعد مدير مكتب الصدر في بغداد إبراهيم الموسوي بعبارة "أليس السبت بقريب"، في إشارة لانعقاد جلسة البرلمان العراقي.

وصباح الجمعة، تحركت تعزيزات عسكرية من أرتال للجيش والشرطة باتجاه المنطقة الرئاسية، تزامنت معها تحصينات للمنطقة الخضراء.

وتحركت فرق عبر آليات ثقيلة لغلق بوابات المنطقة الخضراء بالحواجز الكونكريتية باستثناء منفذ وحيد.

وكان بعض المتظاهرين ممن دخلوا المنطقة الرئاسية أطلقوا هتافات ومطالب تضمنت المطالبة بحل مجلس النواب الحالي والذهاب نحو خيار انتخابات تشريعية جديدة.

ارفع صوتك

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.