النائب العراقي المستقل سجاد سالم- الصورة من حسابه الرسمي في فيسبوك
النائب العراقي المستقل سجاد سالم- الصورة من حسابه الرسمي في فيسبوك

أكد العديد من النشطاء والإعلاميين والكتاب العراقيين، الجمعة، تضامنهم ودعمهم للنائب المستقل عن محافظة واسط سجاد سالم حسين، بعد إعلانه في فيديو لا يتجاوز دقيقتين، عن تدبير شكاوى ضده من قبل هيئة الحشد الشعبي.

وعبر هاشتاغ "متضامن_مع_سجاد_سالم" غرّد المدونون في تويتر، رافضين ما يتعرض له النائب المعروف بأنه في خط المعارضة داخل البرلمان، ولافتين إلى أن الحشد الشعبي ليس محصناً من الانتقادات.

كما حذر بعضهم من "خطورة" سحب الحصانة النيابية عن سالم، إذ "تهدد حياته" إما بالقتل أو الاختطاف، مستذكرين ما حصل مع العديد من النشطاء والإعلاميين الذين دعموا الاحتجاجات الشعبية المعروفة بـ"انتفاضة تشرين" عام 2019، خصوصاً أن سالم معروف بمناصرته لها.

ومن بين المتضامنين، الصحافي أحمد الشيخ ماجد، الذي كتب في تغريدة مطوّلة عمّا يواجهه سالم: "يتعرض النائب المستقل سجاد سالم إلى عشرات الدعاوى من أفراد في الحشد الشعبي بتحريض من قيادات الفصائل، الذين انتقد سالم تجارتهم بـ(الحشد وأفراده)! هذا أسلوب بديل عن الكاتم. لا بد أن يسكت الجميع بوجود قائمة مقدسات تكبر كل يوم والبلاد في مسار غير منقطع نحو الخراب".

وأضاف أن سالم "يمثل ظاهرة معبرة بشكل واضح عن جرأة الشباب العراقي الذي خرج في الاحتجاجات وغيرها. الشباب الذي كسر كل التابوهات في طريقه نحو استعادة الدولة والحقوق، ولهذا توزعوا بين قتيل ومهاجر وهارب يتخفى في الأزقة".

وكتبت الناشطة شمس بشير "إذا الحشد خط أحمر عند البعض، هذا لا يعني أنه مقدس عند الجميع. الحشد ليس ديناً ولا إلهاً. الحشد لا يتكون من أئمة معصومين وحتى لو كان، فإن القداسة تشمل من يعتقد بها فقط".

فيما غرّد رئيس اتحاد الصحافيين العرب في السويد، د. علي الجابري، قائلاً "لن نسمح بتحويل فالح الفياض وأبو فدك وباقي زعماء الميليشيات إلى (مقدسين) لا يمكن المساس بهم! .. ولن ننسى دوركم في قمع شباب تشرين وجسر السنك ما زال شاهداً على إجرام (الخال) وربعه!"

وأشار الباحث السياسي شاهو القرةداغي، في تغريدته، إلى ازدواجية المعايير في التعامل مع النقد الموجه لهيئة الحشد، بقوله: "إهانات المالكي لم تؤثر على مشاعر الحشد الشعبي، بينما ثاروا فورا ضد النائب سجاد سالم وبدأوا بالتحريض ضده".

 

رسالة النائب لمنتسبي الحشد

وفي الفيديو الذي نشره النائب المعارض، سجاد سالم، وجه رسالة لمنتسبي هيئة الحشد الشعبي، بقوله "ذهب منكم المئات وربما الآلاف خلال الأسبوع الجاري، والأسبوع القادم أيضاً سيذهب قسم كبير منكم إلى المحاكم العراقية، لغرض تسجيل الشكاوى بحقنا عن تهم (إثارة الفتنة والتحريض ضد الحشد الشعبي)".

"وأنا أعرف أن الغالبية العظمى منكم مرغمون على هذا الإجراء،ولكن هدفه سياسي وهو محاصرتنا بالشكاوى وصولاً إلى رفع الحصانة النيابية في مجلس النوّاب"، أضاف سالم.

وتابع أنه "لا يقبل أن يتعرض أحد منتسبي الحشد إلى فقدان رزقه وقوت أبنائه بسببه"، مردفاً "لذلك أنتم مبريين الذمة (أي أنه يسامحهم) تماماً، فاذهبوا للمحاكم".

وأكد سالم أن موقفه الأساسي من "القادة ولا تراجع عنه"، محملاً نفسه "كافة التبعات السياسية".

وبيّن أن "التزامه ثابت" مع منتسبي الحشد، بأنه "لا بد أن تتحرر الهيئة من طغيان القادة ولا بد أن تخضع لسياق عسكري رسمي محترم وليس كما يجري حالياً"، وفق تعبيره.

وعبر حساب المدعو "أبو زهراء العراقي" الذي يعرّف نفسه بأنه "مقاتل" في الحشد، حذّر النائب سالم من أنه "مهدد بالقتل"، حيث قال: "النائب سجادسالم احذر من المؤامرة التي رتبت لك قيادات الحشد وجهت باستهداف منزلك وأيضاً وضع عبوة ناسفة تحت سيارتك الشخصية".

ويُعرف عن النائب سالم، وهو عضو اللجنة المالية في البرلمان، بانتهاجه خط المعارضة، الشيء الذي تحدث عنه مراراً حين ترشحه وبعد فوزه بالمقعد النيابي، واصفاً أن ما كان يجري داخل المجلس "معارضة ابتزاز" لا معارضة حقيقية.

وفي مقابلة معه، الأسبوع الماضي، علق على أزمة الانسداد السياسي التي يواجهها العراق حالياً، بقوله إن "الالتزام بالمدد الدستورية والقانون، تم خرقه مرارا وتكرارا "، مضيفاً "يجب حل مشكلة سلاح كل الفصائل عبر وضع خطة وإستراتيجية".

وقال سالم لوكالة "بغداد اليوم": "الرأي العام الشعبي ضد السلاح المنفلت ويجب أن يكون هناك حل بأي وسيلة حتى نخلّص المجتمع من السلاح".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.