قوات الأمن في بغداد وضعت بحالة تأهب
قوات الأمن في بغداد وضعت بحالة تأهب

دعا وزير الصدر، صالح محمد العراقي، أنصار التيار في المحافظات الذين تظاهروا، مساء الاثنين، استجابة لدعوة مقتدى الصدر إلى "العودة" لبيوتهم، فيما أفاد مراسلو قناة الحرة ببدء انسحاب متظاهري "الإطار التنسيقي" الذين تجمعوا في بغداد.

وجاء في تغريدة لصالح محمد العراقي: شكرا لكم. مظاهرات المحافظات #رفعة_رأس. أقيموا الصلاة وعودوا سالمين غانمين. ولا تنسوا المعتصمين في مجلس الشعب من دعائكم".

وتصاعد التوتر، منذ أيام، في العراق، مع اقتحام مناصري التيار الصدري البرلمان مرتين، وباشروا داخله اعتصاما السبت، رفضا لترشيح محمد شياع السوداني من قبل "الإطار التنسيقي"، لرئاسة الحكومة.

ويوم الاثنين، تجمع أنصار "الإطار" المنافس لزعيم التيار الصدري قرب المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد، استجابة لدعوة أخرى مماثلة، فيما يواصل مناصرو الصدر اعتصامهم في البرلمان، لليوم الثالث، ما وضع القوات الأمنية في حالة تأهب.

وقرابة الساعة الخامسة عصرا، ملأ الآلاف من متظاهري "الإطار" الجسر المعلق المؤدي إلى المنطقة الخضراء التي تضم مؤسسات حكومية ومقرات دبلوماسية غربية ومقر البرلمان.  

ورفع بعض المتظاهرين لافتات كتب عليها "الشعب لن يسمح بالانقلابات"، كما حملوا الأعلام العراقية ورايات إسلامية وصورا للمرجعية الشيعية، علي السيستاني. وهتف البعض منهم: "نعم نعم للمرجعية.. نعم نعم للقانون". 

ويجمع تحالف "الإطار التنسيقي" بالإضافة لائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي ويعد أبرز خصوم التيار الصدري، فصائل "الحشد الشعبي" وهي فصائل مسلحة موالية لإيران، دُمجت مع القوات النظامية. 

ووفقا لتعليمات تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي صدرت عن مناصري "الإطار التنسيقي"، بمنع "الدخول إلى المنطقة الخضراء". وتؤكد التعليمات بأن الاحتجاجات "ليست موجهة ضد شخص أو فئة" و"تهدف للدفاع عن الدولة وشرعيتها ومؤسساتها".

بعض اللافتات كتب عليها "نعم نعم للمرجعية"

وفي المعسكر المقابل، دعا تيار الصدر إلى تظاهرات عند الخامسة عصرا أيضا في كل محافظات العراق. 

وقامت قوات الأمن العراقية برش المياه على متظاهري "الإطار" لمنعهم من عبور الجسر المؤدي إلى المنطقة الخضراء، بحسب صحفي في فرانس برس. 

وتمكن المتظاهرون من اجتياز الحاجز الأول قرب الجسر، فيما كانت تسعى القوات الأمنية لمنعهم من التقدم.

وأفد مراسلو الحرة بأن "أمن قوات الحشد" نزل إلى منطقة تظاهر "الإطار" ووضع نفسه في موقف فصل بين المتظاهرين والقوات الأمنية بعد صدامات حصلت بين الطرفين. 

وعبر محمد العراقي عن أسفه لقيام أنصار "الإطار" بـ "الاعتداء" على القوات الأمنية قرب الجسر المعلق، ووصف في تغريدة متظاهري الإطار بـ"المساكين المغرر بهم".

بدء الانسحاب

في غضون ذلك، أفد مرسلوا قناة الحرة ببدء انسحاب متظاهري "الإطار" من الجسر المعلق، وجاء ذلك بعد مقاطعة رئيس ائتلاف "الفتح"، هادي العامري، للاحتجاجات "وكذلك بعد محدودية الأعداد المتظاهرة، وبعد طلب من أمين عام "عصائب "أهل الحق" بالانسحاب.

وطالب محمد العراقي في تغريدة أنصار التيار الصدري من المتظاهرين في المحافظات البقاء في وقفاتهم إلى صلاة المغرب، قبل أن يطالبهم بالمغادرة لاحقا.

وتوافد أنصار التيار الصدري على مكان الاعتصام المفتوح في الناصرية تلبية للدعوة، مؤكدين أنهم "يؤيدون جميع خطوات الإصلاح التي أطلقها الصدر ويرفضون العودة إلى المربع الأول".

ونظم المئات من أتباع التيار الصدري وبعض النخب العشائرية في محافظة ديالى وقفة تضامنية، وأكد عدد من شيوخ ووجهاء المحافظة أن "هذه الثورة الإصلاحية التي دعا إليها الصدر فرصة ذهبية لجميع العراقيين للتخلص من الجور والفساد والفاسدين والتبعية لدول الجوار".

عدد من أنصار الصدر تجمعوا في الناصرية

وأكد ممثل مكتب التيار الصدري، الشيخ وديع حسين، للحرة أن أبناء ديالى "من جميع الطوائف والقوميات يساندون ثورة الإصلاح ولا مجال للتراجع والمهادنة مع الإطارين حول المطالب التي خرجت من أجلها أغلب المحافظات العراقية لحل البرلمان وإعادة الانتخابات ومحاسبة الفاسدين من سدة الحكم". 

ونظم العشرات من أنصار الصدر تظاهرة، عصر الاثنين، في منطقة برطلة، شرقي الموصل، لمساندة المحتجين في البرلمان.

واحتشد المئات في وسط محافظة البصرة وقالوا إن التيار الصدري "يطالب بالإصلاح بعد أن باتت العملية السياسية على المحك وإن التيار يمثل العراقيين جميعا بمكوناته كافة".

ودعا المتظاهرون جميع طوائف الشعب العراقي لتلبية "نداء الوطن مطالبين بمحاسبة الفاسدين ورفع الظلم والحيف عن أبناء الشعب العراقي".

وداخل البرلمان العراقي، لم يتغير زخم اعتصام التيار الصدري، حيث يتجمع الآلاف من مناصريه، فيما لاتزال صور مقتدى الصدر والشعارات الحسينية تملأ الأروقة، وفق فرانس برس.

وعند مدخل البرلمان، يفتش منظمو الداخلين. وفي الخارج، يفترش المئات خيما ملأت الحديقة، فيما يستمر توزيع الطعام والماء والفاكهة. 

وفي القاعة الكبرى الخاصة بالتصويت، يجلس معتصمون على مقاعد النواب وعلى كرسي رئيس المجلس.

وقال ظاهر العتابي، أحد المعتصمين من البرلمان لفرانس برس: "المطالب هي القضاء على الحكومة الفاسدة. لا نريد تدوير نفس الوجوه.. منذ 2003 حتى اليوم، لا خدمات لا صحة لا تربية".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.